Wednesday 17th May,200612284العددالاربعاء 19 ,ربيع الآخر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

(هي).. وأخواتها! (هي).. وأخواتها!
حسين أبو السباع

فاجأني أحد أصدقائي (البسطاء جداً)، والمتزوج منذ أكثر من عشر سنوات بامرأة تمتلك الحد الأدنى من التعليم حين قال لي إن زوجته قالت له: إنها مشكلة حقيقية أن نعيش في مجتمع ذكوري، للذكر الغلبة في كل الأحوال والأمور... قطَّبت حاجبي مستغرباً كلامه، خصوصاً أن (صديقي) دائم الشكوى من زوجته التي يشعر معها أنها تعيش في كوكب آخر منعزل عن كوكبنا، فهي لا تتابع أي شيء في التلفزيون إلا الأفلام والمسلسلات العربية والأغاني الهابطة العربية أيضاًَ، والدنيا تقوم وتقعد وهي لا تدري عن ذلك شيئاً، فبادرته قائلاً: من أين أتت بهذه الجمل الثقيلة؟ فقال لي: هو ده اللي سبب لي جنان رسمي، لكنه سرعان ما قال: أكيد شافت لها حلقة عن طريق الغلط في التلفزيون بتتكلم عن الموضوع ده، فقلت له: وماذا قلت لها حينما ألقت في وجهك هذا الكلام؟ قال: المفاجأة كانت أكبر مني، توَّهت الموضوع وسبت البيت وجيت لك جري، قل لي أعمل إيه؟
حقيقة لم أعرف ماذا أقول له.. هي نغمات رنانة بقوة هذه الأيام (المجتمع الذكوري)، (عنف الرجل تجاه المرأة)، (مسميات تغضب المرأة يطلقها الرجل عليها مثل مناداته لها يا مرة).
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك تجاوزات تصدر عن كثير من الرجال تجاه المرأة من تجاهل وتهميش ومحاولة طمس الهوية النسوية التي طالما نادين بها، ومحاولة الرجوع إلى مرحلة (علموهن الغزل ولا تعلموهن الكتابة)، ومجرد إطلاق مثل هذه الدعوات التي تجعل المرأة (آخر) بالنسبة للرجل يجعلها تدور في فلك لا يمكن الفكاك منه بعيداً عن إحرازها أي تقدم، هذا الفلك الموهوم هو الدعوة إلى الخروج من عباءة الرجل من ناحية، والخروج من ما يسمى (لعنة الجسد) من ناحية أخرى. فالمناديات بهذه الدعوات رأين أن المرأة لأنها امرأة يحيط بها كثير من المحاذير بسبب جسدها الأنثوي، فأمامها هذان التحديان حتى تستطيع هي وأخواتها التمرد على المجتمع الذكوري شكلاً.
كما أننا أيضاً لا يجب أن ننسى أن هناك تجاوزات من المرأة تجاه الرجل من عنف وتجاهل حقوقه، ومحاولة فرض الاستبداد لتلبية جميع متطلباتها في المنزل وخارجه.
وكما قال لي ذات مرة أحد أصدقائي المثقفين: (الرجل في الشرق الأوسط هو المتحدث الرسمي باسم المرأة.. فهي وأخواتها اللاتي يدرن المنزل من الداخل، والرجل هو صاحب التوقيع النهائي).
استفزتني هذه الدعوات المطالبة بالتمرد على المجتمع الذكوري، الذي للذكر فيه الغلبة على جميع الأمور، ألا ترى صاحبات هذه الدعوات كثيرات منهن وقد أفسح لهن الطريق لتجاوز الرجل في أماكن عديدة من المناصب والأعمال، والوزارات.. والذي أعطاها هذا المنصب هو رجل أيضاً.
ليس عيباً أن ينادي الإنسان بأي حق يراه له (رجل أو امرأة)، ولكن العيب هو خلط الأوراق ما بين وظائف المرأة ووظائف الرجل، فتكوين المرأة بتفصيلاته الدقيقة يهيئ لها بعض الوظائف والمهام، وتكوين الرجل بتفصيلاته الدقيقة يهيئ له بعض الوظائف والمهام كي يحدث التكامل في الحياة، وتستمر صيرورة الأشياء بين ما يقوم به هو (الرجل) وبين ما تقوم به (هي) وأخواتها.
في اليوم التالي سألت صديقي الذي كان يشكو زوجته، ماذا فعلت معه لما عاد إلى البيت؟ قال لي: وجدتها تشاهد أحد الأفلام العربية - كعادتها - ولم تتذكر شيئاً مما قالته لي بالأمس..!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved