اقتنى الكثير من الناس مذكرات هلاري كلنتون السيدة الأمريكية الأولى - سابقاً - ليعرفوا بماذا تعلق على الفضيحة الكبيرة التي دارت في البيت الأبيض إلا أن هذا الكتاب فيه جوانب أخرى تستحق أن نقف عندها، ففي الكتاب الذي وضعته لتوثيق سيرتها الذاتية تحت عنوان (تاريخ عشته) تقول هلاري كلنتون (ص 9): كتبت في سنة 1959 سيرتي الذاتية واجباً مدرسياً طلب مني أيام كنت في الصف السادس، ولقد وصفت في تسع وعشرين صفحة، كان نصفها خربشة جادة أبوي وإخوتي وحيواناتي الأليفة والمنزل والهوايات والمدرسة وخطط المستقبل، وبعد اثنتين وأربعين سنة بدأت بتأليف مذكرات أخرى تتحدث عن ثماني سنوات أمضيتها في البيت الأبيض.
هذا النص الذي قالتها هذه المرأة اعتقد أن الوقوف عنده من الأهمية بمكان كبير، فكثيراً ما نسمع مناقشات من الذي شرع في فن السيرة الذاتية أولاً العرب أم الغرب؟! وبغض النظر عن الجواب الدقيق لهذه السؤال إلا أن ما نستطيع أن نجزم به أن الغرب أبدع في الاهتمام بفن المذكرات والكتابة فيها حتى لا تجد سياسياً أو اقتصادياً أو أحد رجالات السلام بل والفن والرياضة إلا وقدم خلاصة تجربته في كتاب لينهل منها الجيل القادم.
أما في عالمنا العربي فهذا الفن لا يزال دون الطموح ومع أنه كتب بعض الكتب المهمة في هذا المجال بخاصة في مصر والشام والعراق إلا أن الكثير من القيادات وأصحاب الخبرة يقفون موقف المتردد من هذا العمل الذي يلقي بظلاله على الأجيال القادمة.
أنا لا أطالب أن نكون كما كان الغرب قبل عقود من جعل كتاب السيرة الذاتية واجباً مدرسياً على الطلاب فهذا بيننا وبينه عقود لكن أتمنى على أصحاب الخبرة والتجربة من أفذاذ هذا المجتمع أن يوثقوا لنا تجربتهم لأنها جزء مهم من تاريخ وطننا الغالي.
|