ضرورة التلاحم في وجه العدو

الاتهامات المتبادلة بين الرئاسة الفلسطينية وحكومة حماس على خلفية تعيين جمال أبو سمهدانة للإشراف على وزارة الداخلية وتشكيل قوة شرطة جديدة لضبط الفلتان الأمني في قطاع غزة، ومن ثم قيام عباس بإلغاء القرارين، لا تخدم القضية الفلسطينية في شيء، بل إنها تشتت جهد هذا الشعب المقهور وطاقاته، والتي يجب أن تحشد فقط ضد العدو الإسرائيلي الذي يتربص بهم.
والمشكلة تكون أكبر عندما تصل الاتهامات بين حركتي فتح والتي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحماس التي شكلت الحكومة الجديدة إلى حد التشكيك في الوطنية والاتهام بالتورط في مؤامرات خارجية ضد الصالح الفلسطيني، لأغراض حزبية وما إلى ذلك.
وبدلا من أن يتم ضبط الفلتان الأمني والقضاء على فوضى انتشار السلاح، تكون النتيجة هي العكس، والوقوع في فتنة أكبر، قد تنتهي بكارثة وطنية.
والمنتصر الوحيد من هذا كله هو العدو الإسرائيلي، الذي من مصلحته أن يكون الشعب الفلسطيني متفككاً، ومتناحراً، وذلك لتسهيل التحكم فيه، والضغط عليه.
وهاهي الدولة العبرية تهدد بإعادة احتلال أجزاء من قطاع غزة بحجة الرد على إطلاق نشطاء لصواريخ وتنفيذ عمليات فدائية داخل العمق الإسرائيلي.
إن أي خلاف بين الرئاسة الفلسطينية بقيادة عباس، والحكومة بقيادة هنية يجب أن تحل عن طريق الحوار واللجوء إلى الدستور، وليس عن طريق التصريحات الإعلامية والخطب النارية التي تؤجج الصراع وتشعل فتيل الفتنة.
فالمؤسسات السياسية الفلسطينية تستطيع استيعاب أي خلاف ناتج عن اختلافات الأطراف في فهم القوانين وتطبيقها.
وقد أثبتت هذه المؤسسات نجاحها إبان الانتخابات التشريعية الماضية، ونقل السلطة بطريقة سلمية من فتح إلى حماس.
وطالما أن الرئيس الفلسطيني يرى أن تعيين مشرف على وزارة الداخلية وتشكيل قوة شرطة مساندة مخالفة للقانون، وعلى ضوء ذلك ألغى قراري وزير الداخلية بهذا الشأن، في حين أن حماس ترى أن القرارين قانونيان، ويدخلان ضمن صلاحيات وزير الداخلية، فمن الواضح أن الاختلاف بين الطرفين يكمن حول قانونية القرارين، وبالتالي فإن اللجوء للقانون هو الحل الأمثل لحسم هذا الإشكال.
ولا يعيب الفلسطينيين أن يختلفوا حول تفسير بعض القوانين، فهذا من طبيعة المجتمعات البشرية والدول المؤسساتية، ولكن ما يعيبهم حقا هو عدم قدرتهم على تجاوز هذه الخلافات بالطرق السلمية واعتماد الحلول القانونية، والانزلاق نحو فتنة داخلية، تزيد من معاناة الفلسطينيين، وتجعلهم لقمة سائغة للعدو الإسرائيلي.