أخيراً أطل رئيس هيئة سوق المال الأستاذ جماز السحيمي على المشاهدين والمتضررين من سوق الأسهم, قال جزءا من الحقيقة المتأخرة بعد فوات أوانها، لكنه أيضاً لم يقل كل ما يهم ضحايا السوق.
صمت الهيئة تجاه الارتفاع المذهل واللعب بالأحلام لم يعقبه أي إنذار أو تهدئة أو حتى جزء من الحقائق رغم مراراتها أو كما هي الآن عارية تماما من التلفيق.
إذا كانت السوق غير مستوعبة تماما أو قادرة على احتواء ذلك الضخ الهائل الذي جعلها تعتبر أكبر بورصة في العالم العربي فلماذا استمرت، وليس العيب في توقفها أو إعطاء مهلة للهيئة نفسها لاحتواء أخطائها أو حتى منح المضاربين وصغار المستثمرين فرصة للتفكير واستيعاب ما يجري بدلاً من إلقاء اللوم عليهم الذي وصل إلى التحليل النفسي؟
الهيئة والبورصة بشكل عام، شأنها شأن أي مستحدث جديد تم على عجلة من أمره دون دراسة مستفيضة، والمشكلة هنا ربما تختلف لأن ضحايا أي قرار خاطئ أو غير مدروس ربما تكون محدودة وتعالج مع الوقت بقرار آخر أو بديل، لكنها هنا أدخلت المواطنين في نفق مظلم بعدما انجرفوا جميعهم وهم - بكل ألم - الفئة محدودة الدخل التي دفعتها الحاجة وأحلام تحسين المعيشة فألقت بكل ما لديها وخلفها والله يعلم ما هي المآسي الأخرى التي يتجرعها الآن أبناء هذا الوطن الذين ظنوا أنه مفتاح الفرج ونهاية الفقر.
رغم الظهور المتأخر لممثل هيئة سوق المال، ورغم أن الناس وجدوا فيه كبش الفداء ليحملوه كل اللوم، إلا أن المسألة لا زالت غامضة، والسحيمي فرد أو شخص كان يؤدي مهمة وليس المسؤول الوحيد الذي يتحمل المسؤولية، هناك ما هو أخفى وهناك ما هو ظاهر للعيان وهو أننا لازلنا بحاجة إلى وقت لإدارة مثل حجم هذه البورصة التي وضع فيها الملايين شقاء أعمارهم ومدخرات مستقبل أبنائهم، المسألة هنا لا تتعلق بمطالبات كمالية، بل تتعلق بمستقبل فتحت أبوابه من جهة، بينما فتحت أبواب أخرى من الخلف ليذهب كل شيء.
|