* غزة - رندة أحمد - القاهرة - دمشق - الوكالات:
بدت الساحة السياسية الفلسطينية أكثر توتراً خصوصاً بين حكومة حماس ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، عقب إلغاء الأخير قرارات للحكومة بشأن تنظيمات أمنية، كما أن اتهامات مسؤول كبير في حماس لعباس بالتآمر صبت المزيد من الزيت على نار الخلافات المشتعلة أصلاً، ومع ذلك فقد سارع مسؤول في حماس إلى أهمية التذكير بضبط النفس وعدم الانسياق وراء التصريحات حتى تلك التي تصدر من أعلى جهات، والاكتفاء بتصريحات الناطق الرسمي الحكومي لتجنب الازدواج في المواقف والسياسات.
فقد أكَّد ناصر الشاعر نائب رئيس الوزراء الفلسطيني والعضو في حماس أن التصريحات التي أدلى بها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فىدمشق لا تمثِّل وجهة نظر الحكومة الفلسطينية.
وقال الشاعر في تصريح للصحفيين الليلة قبل الماضية: لدينا في الحكومة الفلسطينية متحدث رسمي، ونحن مسئولون عما يصدر ممن يمثل الحكومة.. ودعا جميع قادة الفصائل والقيادات إلى التمسك بالوحدة الوطنية حفاظاً على المصالح العليا للشعب.
وفي هذا الصدد حذَّرت وزارة الداخلية والأمن الوطني جميع الأطراف على الساحة من استغلال الظروف الحالية وحالة الاحتقان الداخلي لإثارة الفتنة وإحداث اشتباكات فلسطينية داخلية والاعتداء على المؤسسات العامة والخاصة.
وقال خالد أبو هلال الناطق باسم وزارة الداخلية في بيان صحفي إن الوزارة لن تسمح لأحد بتدمير وتحطيم الوضع الفلسطيني الداخلي.
وكان عشرات المسلحين قد تجمهروا في أحد الميادين الرئيسة بوسط مدينة غزة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة احتجاجاً على تصريحات خالد مشعل التي وجّه خلالها انتقاداً لاذعاً للسلطة ومؤسسة الرئاسة واتهمها بمحاولة إفشال الحكومة التي شكلتها حركة حماس الأمر الذي أثار استنكار حركة فتح ووصفت خطابه بمحاولة إشعال فتنة.
واتهم مشعل خلال مسيرة في دمشق في وقت سابق يوم الجمعة بعض زعماء فتح بمساعدة حملة غربية على عزل حكومة حماس الجديدة التي تولت مهامها في مارس - آذار بعد فوزها على فتح في الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير - كانون الثاني.
وقال الشاعر إن الأخ خالد حر فيما يريد أن يعلن لكن الحكومة لها الناطق الرسمي هو الذي يعلن الموقف دائماً. وأضاف الشاعر أملي من الأخ خالد وكذلك من جميع المتحدثين حتى من رموز السلطة الوطنية سابقاً ومن قيادة الإخوة في فتح وكذلك من الرئاسة أناشد الجميع التدقيق في العبارات.. أناشد الجميع أن يتم ضبط هذه العبارات حتى لا يجري استغلالها لإثارة الشارع ومشاكل داخلية.
وقد اتهم المجلس الثوري لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق من يوم الجمعة مشعل بمحاولة إثارة حرب أهلية فيما يزيد من حدة التوتر الذي أثاره تعيين مسؤول أمني كبير.
وقال المجلس الثوري لحركة فتح في بيان إننا ننظر بخطورة بالغة إلى خطاب مشعل ولا نستطيع أن نصفه إلا بأنه خطاب فتنة يسعى إلى توتير الأجواء في الساحة الفلسطينية وتدبير حرب أهلية.
وقد اتهم مشعل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ومن دون أن يسميه ب(التآمر) على حكومته بمساعدة الأميركيين وإسرائيل بهدف العودة إلى السلطة.
وقال مشعل: إن الذي يجري على الأرض الفلسطينية هو حكومة موازية، بل هو حكومة بديلة تسلبنا صلاحياتنا وحقوق شعبنا، إنها مؤامرة.
وأضاف ما زال بعض أبناء شعبنا يتآمر علينا.. يقومون بخطة مدروسة للإفشال.. اليوم لم يحن الأوان لنكشفهم ونفضحهم.
وجاء كلام مشعل خلال احتفال شعبي أقيم في مخيم فلسطين للاجئين في ضاحية دمشق بحضور مسؤولين من حزب الله اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومختلف الفصائل الفلسطينية ووزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار.
وفي غضون ذلك بات من الواضح أن هناك اخبتاراً للقوة بين عباس وحكومة حماس بعد إصدار أبو مازن مرسوماً يلغي فيه قرار وزير الداخلية سعيد صيام حول تشكيل قوة أمنية على اعتبار أن قرار الوزير مخالفة قانونية واضحة.
وأوضح المتحدث باسم حكومة حماس غازي حمد أن لقاء سيعقد بين رئيس ديوان الرئاسة رفيق الحسيني وأمين عام مجلس الوزراء محمد عوض لبحث هذه القرارات.
وأكّد أن مهمة الوحدة الأمنية هي إسناد الشرطة وليس الإحلال مكانها أو الانتقاص من صلاحياتها، مذكراً بأنه سبق أن تم تشكيل الجيش الشعبي ومهمته حماية المستوطنات والممتلكات ولم يجر الاعتراض عليه من قبل السلطة أو قيادات السلطة.ونفت الحكومة الفلسطينية أن يكون قرار تشكيل هذه القوة غير قانوني مما يمكن أن يفاقم أزمة السلطة بين المؤسستين القياديتين في السلطة الفلسطينية.
وأكد المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية غازي حمد أن تشكيل قوة أمنية من الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية (يستند إلى القانون) وذلك بعدما ألغى الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرار تشكيل هذه القوة.
وقال حمد إن قرار وزير الداخلية حول تشكيل القوة الأمنية مستند إلى القانون والاستشارات مع قانونيين وأمنيين ويستند إلى المصلحة الوطنية العليا.
وإلى جانب إلغاء تشكيل القوة الأمنية، قرر عباس إلغاء تعيين قائد لجان المقاومة الشعبية جمال أبو سمهدانة مراقباً عاماً لوزارة الداخلية ومشرفاً على هذه القوة الأمنية.وكانت حكومة حماس قد عيّنت يوم الخميس جمال أبو سمهدانة وهو من أبرز المطلوبين لدى إسرائيل للإشراف على وزارة الداخلية وتشكيل قوة شرطة جديدة من النشطاء للقضاء على الفوضى.
وأفاد مرسوم رئاسي حصلت رويترز على نسخة منه بأن عباس ألغى القرارين لأنهما يشكلان انتهاكاً لقوانين سابقة.
وجاء في نص المرسوم أن على جميع قادة الأمن والضباط وأفراد الأجهزة الأمنية عدم التعامل مع هذه القرارات واعتبارها كأن لم تكن.
كما طلب الرئيس الفلسطيني إلغاء قرار وزير الداخلية بتعيينات وترقيات ضباط لأنها صلاحيات الرئيس بعد التنسيق مع لجنة ضباط خاصة وأنه على جميع ضباط وضباط صف وأفراد الأجهزة الأمنية عدم التعاطي مع هذه القرارات واعتبارها كأنها لم تكن.
وهددت إسرائيل يوم الجمعة باستهداف أبو سمهدانة الذي سبق أن نجا من محاولتتي اغتيال وترى في تعيينه دليلاً على ما أسمته الطابع (الإرهابي) للحكومة الفلسطينية.
وتعتبر إسرائيل أبو سمهدانة مسؤولاً عن سلسلة من الهجمات ضد مستوطنين وعسكريين قبل الانسحاب من قطاع غزة الصيف الماضي وعن إطلاق صواريخ على إسرائيل.
|