في السنوات القليلة الماضية كانت بلادنا محطة مهمة للوفود الإعلامية ومراسلي وسائل الإعلام الأجنبية، وبخاصة الغربية منها، وذلك لاعتبارات سياسية لسنا بصدد شرحها وتتبع أسبابها، فهي معروفة لكل متابع للأحداث التي عصفت بمنطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإنما جوهر المقال وموضوعه هو عن هذه الوفود الزائرة ومسؤوليتنا الوطنية تجاهها.
التقيت مؤخراً وفدا من الصحفيين البريطانيين المرافق لزيارة وزير الخارجية جاك سترو إلى الرياض لحضور الملتقى الثاني عن (التحديات التي تواجه المملكتين)، مع نفر من زملائي أعضاء هيئة التدريس في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، وقد بذل الدكتور عبدالعزيز بن سلمة، وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الخارجي، جهوداً مشكورة في ترتيب هذا اللقاء الموضوعات التي دار النقاش حولها هي الموضوعات نفسها التي تثيرها الوفود الإعلامية التي تزور المملكة: الإصلاح المجتمعي، حرية الرأي والتعبير، التعليم والمناهج الدراسية، المرأة وحقوقها في المجتمع، وغير ذلك من موضوعات يركز عليها الإعلام الغربي في حديثه عن المجتمع السعودي.
في هذا اللقاء، اتخذ الحوار بين الطرفين اتجاهاً عكسياً، فقد أثار الزملاء قضايا مهمة تتعلق بطبيعة عمل هذه الوفود بغية الوصول إلى تغطية إعلامية عادلة ومنصفة عن مجتمعنا في وسائل الإعلام الغربية، ومن ذلك:
أولاً: إن مراسلي الإعلام الغربي ينظرون إلى درجة التغير في مجتمعنا بمقاييسهم هم، ويتجاهلون الثقافة السعودية التي يتم التغيير وفق رؤيتها، وهو ما ينعكس سلباً على التقارير التي تنشر في وسائل إعلامهم، وقد تركز الحوار على تأكيد هذه الحقيقة، والنقاش حول أهمية المتغير الديني والثقافي الذي يميز المملكة عن غيرها، وأن يكون هذا المتغير حاضراً في تغطيتهم الإعلامية عن المجتمع السعودي عندما يعودون إلى بلادهم.
ثانياً: أن تكون مصادرهم في الكتابة عن المجتمع السعودي متنوعة وصادقة وليست انتقائية ذلك أن بعض هؤلاء المراسلين يأتون إلى المملكة ولهم مواقف مسبقة تجاه قضايا سياسية أو دينية أو اجتماعية معينة فهم بالتالي يبحثون عن شواهد تعزز هذه المواقف، وهو ما يتعارض والموضوعية التي يجب أن يتحلى بها المراسل الإعلامي.
هاتان قضيتان مهمتان كانتا جوهر اللقاء مع الوفد الإعلامي، ومما يجدر التنبيه إليه هو الأهمية البالغة لمن يقابل هذه الوفود، والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، إذ هو (أو هي) يتحدث باسم الدين أو الوطن، ولذلك فإن على المؤسسات الحكومية التي تستقبل مثل هؤلاء المراسلين وفي طليعتها وزارتا الخارجية والثقافة والإعلام أن تجتهد في اختيار المؤهلين من أبناء الوطن، ذوي الحس الديني والوطني الذين يقابلون هذه الوفود حتى ينقلوا الصورة على حقيقتها، وألا يقفوا مع الآخر موقف المجامل أو الضعيف.
* أستاذ الإعلام السياسي المشارك في جامعة الإمام |