* حينما (نوى) صدام حسين أن يغزو الكويت قال في أول إشارة لنواياه المبيتة في اقتراف الغزو وفي خطاب تاريخي لن ينساه تاريخ المنطقة وفي أول جملة من ذلك الخطاب السيئ الذكر: (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) ثم أقدم على ما نواه على اعتبار أن الكويت تقوم بقطع رزق العراق من خلال الادعاء (بسرقة النفط!)، ولذلك أقدم على أبشع غزو في تاريخنا العربي المجيد بحجة (قطع الرزق). ومع أن صدام حسين استغل تطبيق هذا المثل أسوأ استغلال وأسوأ تطبيق إلا أن هذا المثل يقفز دوماً إلى ذهن كل مخلوق يحس بأن ثمة مَنْ يحاول أن يقطع رزقه عامداً متعمداً. أي أن قطع الرزق أشد وطأةً من قطع العنق.
أقول تذكرت هذا المثل وأنا أرى يومياً الآلاف من المواطنين الأعزاء وهم يشاهدون (قطع أعناق أرزاقهم) أمام عيونهم بل عيون الملأ على شاشات التلفاز بل يرون دم تلك الأعناق يسيل أحمر قانئاً يملأ الشاشة كلها بسبب ثلة تتلاعب في أرزاقهم.. ويبدو أن هذه الثلة لا تخاف من القوانين ولا من سطوة الدولة ولا تخاف من الله أيضاً. هذا الأمر الذي يجعلها تدخل في خانة الإرهاب الفعلي الذي يدخل في زعزعة الامن الاقتصادي وهو برأيي أي الأمن الاقتصادي لا يقل أهمية عن الأمن الاجتماعي بل الأمن العام وذلك بخلاف جد بسيط ألا وهو أن المواطن بات يعرف وإلى حد ما مَنْ يهدد أمنه الاجتماعي من الإرهابيين ولكنه لا يعرف جيداً مَنْ يهدد أمنه الاقتصادي أو أمن (رزقه) على وجه التحديد من أولئك الإرهابيين. ونحن إذ نقول ذلك فلأننا قد عرفنا أن سبب محاولة قتل سوق الأسهم ونزيف عنقه يقف خلفه مضاربون كبار يدافعون بفعلتهم تلك عن رفاق لهم في الإرهاب كانت قد كشفتهم هيئة السوق الذين تلاعبوا مسبقاً بأرزاق الناس، أو أن مجموعة من أولئك (الضاربين) لا المضاربين قد طعنوا عنق السوق لأنهم لم يعاملوا على فعلتهم النكراء الجديدة - أي (التلاعب) مثلما عُومل رفاقهم المتلاعبون السابقون الذين ارتكبوا نفس الفعلة ولم يسألهم أحد بل رضخ السوق لمطالبهم (الظالمة). ومن هنا وبما أن قطع أرزاق الناس يساوي قطع أعناقهم. وبما أن قطع الأعناق يقوم به إرهابيون يخلون بالأمن الوطني، فإن قطع الأرزاق إذن يقوم به إرهابيون يخلون (بالأمن الاقتصادي الوطني) لذلك وجب كشفهم مثلما كشف زملاؤهم إرهابيي قطع الأعناق باعتبار أنهم يزعزعون أمن الوطن أيضاً. وبمناسبة ذكر الكشف والفضح والتشهير إذا ما كان يمس أمن المجتمع الذي تعمد إليه أكثر الدول تحضراً في العالم، فإننا نود إعادة النظر في (تفعيل) هذا الأسلوب ولاسيما في الجرائم (الجنائية) التي تهز وجدان المجتمع، فكيف الحال إذا ما كانت الجريمة تهز وجدان كل عائلة في المجتمع بل تهز وجدان الوطن؟!!
الموقع الإلكتروني s-alfulih.com |