Tuesday 18th April,200612255العددالثلاثاء 20 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"قضايا عربية في الصحافة العبرية"

الجدار العازل يضمن جيرة حسنة ( تحليل إخباري ) الجدار العازل يضمن جيرة حسنة ( تحليل إخباري )
كثير من الدول في العالم بنت جدران فصل على الحدود بينها وبين دول أخرى لأسباب كثيرة منها الأمني والاقتصادي والثقافي

كتب روبرت فروست (من كبار الشعراء الأمريكيين) قصيدة مشهورة تتحدث عن جارين يقرران بناء جدار يفصل بين أرضيهما. لا يفهم أحدهما ضرورة جدار الفصل بينهما، لكن صاحبه يطمئنه: لا تقلق؛ فالجدران الجيدة تؤدي إلى جيرة جيدة.
مع بدء بناء الجدار العازل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية اقتبس رئيس الوزراء أرييل شارون من هذه القصيدة في حضرة رئيس الولايات المتحدة. آنذاك عارض الرئيس بناء جدار فاصل على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، لكن موقفه تغير الآن؛ فالولايات المتحدة آخذة في سن قانون لمضاءلة الهجرة من المكسيك، ويشتمل على بناء جدار فاصل على الحدود مع المكسيك. للجدار غاية أمنية هي منع تسلل نشطاء القاعدة إلى الولايات المتحدة.
وتعد جدران الفصل الأمنية بين الدول ظاهرة مقبولة في العالم؛ فالدول تشيد الجدران من أجل حماية أراضيها وسكانها من أخطار أمنية، ومن أجل مصالح قومية أخرى؛ فالهند بنت جداراً طوله 1800 ميل على الحدود مع باكستان، معظمه في منطقة كشمير المتنازع عليها. وجار الآن تشييد جدار أمني على الحدود بين الهند وبنجلادش، وفي سياق آخر أيضاً على الحدود بين تايلاند وماليزيا، كما أن أوزبكستان بنت أخيراً جداراً أمنياً على الحدود بينها وبين قيرغيزستان؛ من أجل منع تسلل الإرهاب الإسلامي، وذلك على رغم الفصل القاسي بين العائلات، والإضرار البالغ بالإنتاج الزراعي، كما بنت إسبانيا أخيراً جداراً في الجيوب الإسبانية في المغرب. الدول العربية أيضاً تقوم ببناء جدران فصل؛ فالسعودية مثلاً بنت حاجزاً أمنياً على الحدود بينها وبين اليمن. وقد بنيت جدران الفصل في الماضي أيضاً؛ فقد بنت حكومة بريطانيا مثلاً جدران الفصل في آيرلندا الشمالية في السبعينيات، والتي عرفت باسم (خط السلام).
استمرار بناء الجدار الفاصل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتقديم خطة الانطواء لترسيم حدود إسرائيل، هما غايتان مناسبتان؛ فأولاً: توجد لذلك مبررات أمنية - مثل منع تسلل الإرهابيين إلى إسرائيل - كما فعلت دول كثيرة في العالم في أوضاع أقل خطراً. وثانياً: توجد لذلك مبررات قومية وسكانية؛ فالفصل سيقوي فكرة دولتين لشعبين وسيسمح بوجود غالبية يهودية في أرض إسرائيل، كما سيضع العراقيل أمام تسلل المهاجرين غير القانونين إلى إسرائيل. وثالثاً: توجد لذلك مبررات اقتصادية؛ فإسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في العالم التي تشترك في حدودها مع دول من العالم الثالث، مع فروق في الناتج القومي من أعلى الفروق في العالم. وعلى هذه الخلفية فمن الطبيعي أن يحاول كثير من المهاجرين التسلل إلى الدولة؛ من أجل تحسين وضعهم الاقتصادي. ورابعاً: توجد للفصل مبررات ثقافية، في مقدمتها إرادة الحفاظ على كثرة ثقافية ديمقراطية ليبرالية غربية؛ إذ يعتبر الحفاظ على ثقافة الغالبية اليوم جزءاً من سيادة الدولة، وجزءاً من حقها الطبيعي في الحفاظ على طابعها وهويتها، وذلك أيضاً مع غياب النزاع القومي. وخامساً: إخلاء المستوطنات وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في المناطق هما غايتان من الناحية الأخلاقية في الأساس، ولكن من ناحية صورية أيضاً، ويجب الطموح إلى إحرازهما.
من الواضح أن خطة الانطواء ستكون أفضل مع التفاوض بين الجانبين وبالاتفاق، لكن في ظل غياب الظروف التي تتيح ذلك يجب الطموح إلى إنهاء مسيرة الحماقة الإسرائيلية في مناطق السلطة الفلسطينية. لا داعي للانتظار مع الثمن الباهظ الذي يرافق ذلك اقتصادياً أو ربما أمنياً. الفصل الجيد المدعوم بجدار جيد ربما لا يؤدي إلى جيرة حسنة على الفور، لكنه سيؤدي إلى جيرة أقل خطراً من ناحية أمنية، وسكانية، واقتصادية، وثقافية.

معاريف
بقلم: ليئاف أورجاد

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved