سنتان ونصف السنة، هي المدة التي تحتاجها إيران من أجل إنتاج قنبلتها النووية الأولى، ولكن في الطريق إلى ذلك الهدف الثمين من ناحيتها، فإنها لا بد أن تتغلب على الكثير من العقبات الصعبة التي ستواجهها. العقبة الأولى التي تقف في وجه الإيرانيين هي العقبة التكنولوجية.
مع أن إيران أثبتت أمس أنها تمتلك القدرة اللازمة لعملية تخصيب اليورانيوم، لكن ذلك لا يكفي لبلوغ القدرة على إنتاج القنبلة.
ووفقا للإعلان، فإن الإيرانيين تمكنوا من تخصيب بعض الجرامات القليلة من غاز (U.F6) باليورانيوم، وهذا التخصيب لم يتجاوز نسبة 3.5% فقط.
والسؤال هو: إذا تمكن الإيرانيون من تخصيب اليورانيوم بمثل هذه النسبة (التي تناسب الاحتياجات المدنية) فإنهم بالتأكيد سيتمكنون في نهاية الأمر من تخصيب اليورانيوم بمعدلات ونسب أعلى للأغراض العسكرية. ولكن إنتاج كميات كبيرة كافية من اليورانيوم المخصب على المستوى العالي يعتبر عملية بالغة التعقيد.
هناك اعتقاد بأن الإيرانيين سيتمكنون خلال بضعة أشهر من الوصول إلى مستويات تكنولوجية أعلى، ستمكنهم من تخصيب كميات أكبر من اليورانيوم وبنسب عالية تتناسب مع الاحتياجات العسكرية.
إذا حدث ذلك، فإن هذه ستكون خطوة بالغة الأهمية على طريق انجاز هدف إنتاج القنبلة النووية، ولا مجال بعد ذلك لإيقافهم عن بلوغ ذلك الهدف إلا عن طريق فرض العقوبات الدولية أو اللجوء إلى الإجراءات العسكرية. هذا تحديدا سيكون التصعيد التالي المستمر الذي ينتظر الايرانيين على طريقهم لإنتاج القنبلة: معارضة المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف. وهذا ما يُفهم من سياق خطاب الرئيس الإيراني يوم أمس بهذا الشأن. وللحقيقة، فإن الإيرانيين يمارسون لعبتهم أمام العالم كله، وهم يلعبون لعبة (البوكر) الوحشية على كل ما في الخزينة.
فمن جهة، هم أظهروا يوم أمس أنهم حققوا خطوة بالغة الأهمية، وقوية سوف تُجبر المجتمع الدولي على العمل بسرعة من أجل بلورة خطوة مناسبة، كرد على ذلك. ولكن، من الجهة الأخرى، فإن ذلك ينبع أساسا من الضغوط الشديدة التي تُفرض وتُمارس ضدهم. فحتى يوم أمس حافظ الإيرانيون بسرية تامة على عملهم وبصورة ممتازة، وكانت لديهم ثقة مُبرمجة ومخططة، ولم يتحدثوا أبدا عن الدرجة التي وصلوا إليها في برنامج أبحاثهم النووية، ولطالما ساورت الغرب (والولايات المتحدة) الشكوك والمخاوف من وصولهم إلى مرحلة متقدمة، والأهم من ذلك أن إسرائيل طالما حذرت وقالت إن الإيرانيين يتقدمون في برنامجهم النووي أكثر مما تتحدث عنه تقارير الاستخبارات. وقد اتضح أمس أن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية كانت دقيقة، ولكن، منذ اللحظة التي كشف فيها الإيرانيون عن أوراقهم، فإنهم سينتظرون الرد الذي لن يتأخر على ذلك، والسؤال هو من الذين سيترك أصبع الآخر أولا؟.
معاريف |