مع إعلان إيران عن نجاحها في برامج التخصيب النووي لتشكل القوة الثانية النووية في المنطقة، تثار إشكالية العلاقة بين العقيدة الأيديولوجية والتوجهات العسكرية، فإيران دولة نووية كما أن إسرائيل دولة نووية وكلتا الدولتين تقومان على عقيدة سياسية تكون القوة العسكرية بها ضرورة حتمية للشرعية والوجود.
وبهذا أصبح الحديث عن الملف النووي الإسرائيلي من المحرمات المقدسة التي تتعارض مع وجودها كدولة دينية وبنفس الخط تسير السياسة الإيرانية للدفاع عن برنامجها النووي.
وإذا كانت العقيدة الأيديولوجية هي المحرك في الحالتين فإن الخطر يصبح عظيماً في ظل منطقة تحكمها التوجهات الأيديولوجية والانقسامات الطائفية.
هذه الانقسامات التي أصبحت إحدى أوراق اللعبة السياسية في المنطقة ومدخل القوى الكبرى للهدم وإعادة البناء وفق تصوراتها السياسية.
كما أن كلتا الدولتين تعرفان جيداً كيف تستخدمان أدوات الحرب النفسية في مواجهة الأزمات والتحديات وبخاصة في تبادل الرسائل فيما بينهما؛ ففي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ضرورة زوال إسرائيل من خريطة العالم تعمل الآلة الإعلامية الإسرائيلية على رفع مستوى الخطر الذي يهدد العالم من برنامج إيران النووي وتسليط الضوء على الدور المفترض أن تلعبه إسرائيل في حال تعرض إيران لضربة عسكرية.
والدعاية السياسية والأيديولوجية هما مفهومان مقيتان في مقياس المبدأ الإنساني العادل ولا يفسران إلا من خلال تعارضهما مع الحقيقة.
وبما أن الحقيقة السياسية في عالم اليوم ليست ثابتة على مبدأ العدل الإنساني فإن سياسة تل أبيب وطهران لا تحتاج لقانون دولي أو منظمات دولية تحدد المعايير القانونية الدولية لسياستهما الخارجية لذا هما يتجهان دائماً للشرعية الشعبية وقوة ضغط المال لصناعة السلوك السياسي المقدس الذي يستحق التضحيات لتحقيق المراد الأيديولوجي وما التصريحات الأمريكية الأخيرة لتغليب الحلول الدبلوماسية على سواها بالتعامل مع البرنامج النووي الإيراني إلا نتيجة لحسابات واقع افتراضي أيديولوجي لا يفسر السياسة بالسياسة.
وإنما يفسر وفقاً لمعطيات التأثير الأيديولوجي الذي تحاول القوى اليمينية بالعالم أن تفرضه على المنطقة تحت مسمى الشرق الأوسط الكبير تكون به طهران وتل أبيب عاصمتا التأثير والنفوذ به وبلغة سياسية عبرية وفارسية تنظر للخطاب العربي كإرث تاريخي يلبي حاجة الفرد الفنية والأدبية فقط، ولعل واقع العراق يشرح هذا الفهم الجديد القديم.
|