أصبحت البرامج المباشرة على الهواء تشكل لنا قلقاً وخطراً نخشى من قذائفه التي يلقيها على مسامعنا من لا يستوعبون الحدود ولا المعايير ولا الأخلاق العامة، وبالتالي يمكن أن نصبح مجرد ضحية لمعيار طائش من كلمة قبيحة تستمع إليها من متصل على ضيف في برنامج على الهواء، قد يشفي غليله وربما ظن أنه بمجرد الشتم قد أشفى نفسه المريضة!
هذه البرامج تشكل لنا رعباً على الهواء، وحالما رأينا أن المتصل من السعودية قلنا الله يستر ماذا سيقول، هذا هو انطباعنا عن قذائف الهواء الملوثة وغير النقية، والتي تبث سموماً في سمعة المواطن هنا ومن أسف أنها تبعث على عدم الجدارة والأحقية بالتعبير الذي ليس بالضرورة ان يكون مطابقاً مع أهواء ضيوف البرامج، بل إن معظمها في الأساس هو للاختلاف الأدبي وتعلّم أساليب النقد والاختلاف وليس بالضرورة للمديح والإطراء.
لن أتحدث عن الكم الهائل من الاتصالات الذي ينطلق من هنا على أي برنامج في العالم لمجرد انه على الهواء، ولن أتحدث عن حرية البعض التي تصل إلى التفاهة أحيانا، لكنني كغيري أشعر أن ما حصل في برنامج خليك بالبيت من متصل سعودي على مواطنه تركي الدخيل، إنما هو إساءة بالغة لنا جميعاً، وإننا ما زلنا بحاجة إلى الكثير من الوقت كي نتعلم أسس الاختلاف، وأن مشاريع الحوار التي أصبحت جزءاً من قائمة نشاط الدولة بحاجة إلى المزيد من الوقت والتفعيل، كي ندرك الحدود والمسافات بيننا وبين من نختلف معهم، أو من لا يروقون لنا أساساً، إنها حالة عامة، وربما خاصة، لكن الرفض تجاه من يتعدون على حدودنا ولياقتنا، وبالتالي يدافعون عن رموزهم بمثل هذه الألفاظ القبيحة التي لم تراع الحدود الدنيا من الاختلاف، وكأن قواميس المصطلحات قد خلت إلا من ألفاظ شتائم وقبح، لا يتردد المتصل في إلقائها على من يختلف معه مهما كان سبب الاختلاف، بكل أسف هم أشخاص لا يمثلون أنفسهم فقط، بل يسيئون لنا جميعاً، كما ان هذه الحالة المزرية حد الوجع تدفعنا للقول، كم من الوقت يا ترى ستستغرق عملية الوعي والإحساس بحقوق غيرنا مهما اختلفنا معهم، بدون معارك وتصفية حسابات تصل إلى حد الشخصية والعرض كما سمعنا قذائف القذف المباشر؟
|