Thursday 30th March,200612236العددالخميس 1 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"سماء النجوم"

الكاتب عبد الرحمن الأنصاري: الكاتب عبد الرحمن الأنصاري:
جريدة (المدينة) جزء من تاريخي لن أنساه

** الكاتب عبد الرحمن الأنصاري عرفه القراء من خلال عموده (من الجعبة) بجريدة (المدينة) الذي كان يحفل بالعديد من القصص الإنسانية المعبِّرة.. والكثير من الرؤى التي يطرحها بأسلوب هادئ.
وقد افتقد القراء قلمه منذ فترة ليست بالقصيرة ربما كانت استراحة للتأمل.. والتجديد.. وربما انشغال بالعمل الحكومي.. وربما أن هناك أسباباً أخرى حاولنا معرفتها من خلال هذا الحوار:
* لماذا توقفت عن كتابة (من الجعبة)؟
- إن من طبيعتي أن آلف الأشياء التي أتعامل معها.. وجريدة (المدينة) التي شهدت مولد عمود (من الجعبة) هي نفسها الجريدة التي شهدت مولدي الصحفي والكتابي.. وتوقف (من الجعبة) كان أولاً من تلقاء نفسي، ثم أصبح بسبب شائبة شابت العلاقة الشخصية بيني وبين بعض الإخوة القائمين على شأن التحرير في الجريدة.
ولك أخي فواز أن تسألني فتقول: إذا توقفت (من الجعبة) من جريدة المدينة، فلماذا لا تكون في غيرها من الصحف الأخرى؟ وهو سؤال سألنيه الكثيرون ولا يزالون.. (وأولهم الداعم الأكبر للصحافة والسند الأول للصحفيين بعد الله صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله) والجواب عليه هو: مثلما قلت لك من أنني آلف الأشياء التي أتعامل معها، وجريدة المدينة لا أزال أعتبرها جزءاً من تاريخي، وهي تمثِّل لي الكثير.. ولها بصماتها الواضحة والحسنة في مسيرة حياتي، كما أن لي بعض البصمات عليها يوم كنت ركناً من أركانها، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: مساندتي لبعض القائمين عليها اليوم وتقوية سواعدهم من أجل إجادة الرمي..! وخروجي منها هو بمثابة خروج المرء من داره، التي إذا خرج منها قلَّ مقداره.. كما يقول المثل!
وحكايتي مع الصحف لا تخلو من الطرافة: التي تريدني أن أكتب فيها لا أجد دافعاً أو ميلاً إلى الكتابة فيها.. والتي أرغب في الكتابة فيها لا تبادلني نفس الشعور.. ولعلك لو تقصيت عن أسباب العنوسة بين العانسات لوجدتها نفس الأسباب.. وأطرف الطرائف أن الكثيرين من الزملاء الذين كانوا يرغبون فيما مضى أن تكون زاوية (من الجعبة) في جرايدهم يوم كنت أكتبها في (المدينة) قد أبدوا فتوراً عندما توقفت عن كتابتها في (المدينة) ونقلت لهم - إما تصريحاً أو تلميحاً أو توسيطاً - رغبتي في أن أنقلها إلى صحفهم.. وهم في ذلك متخلقون بأخلاق بعض الغواني اللائي قيل: إن حظوظ المرء من ودّهن بقدر زهده فيهنّ!
وعلى كل الأحوال فإن أكثر ما كان يحفزني على الوجود في ساحة الكتابة هو: أن لا يتخلّف قلمي عن المشاركة في أية إسهامات من أجل الوطن الغالي، سواء بالتغني بأمجاده أو دفاعاً عن حياضه وكرامته.
وقديماً قال الشاعر:


وذو الشوق القديم وإن تعزّى
مشوق حين يلقى العاشقينا

وحضوري في ذلك الآن هو في أوجّه وقمته، سواء من خلال شبكة الإنترنت التي لا حدود ولا قيود للنشر فيها.
وأصدقك القول أخي فواز.. أنني الآن لا أهتم كثيراً بما كنت حريصاً عليه من قبل من حضور اسمي على صفحات الصحف، بعد أن اكتشفت أنني كنت محروماً من كثير من المتع التي يوفرها الابتعاد عن الصحافة ومن أهمها استمتاع المرء بوقته وتنميته لقدراته وذاته سواء بالقراءة أو الدراسة أو بغيرهما.. فقد أكسبني البعد عن الصحافة: الاقتراب أكثر من أهل بيتي ومكتبتي وإتقان لغة أجنبية والإلمام بأخرى، وحضور المنتديات الثقافية والفكرية وممارسة الرياضة البدنية .. ووقتاً أطول للقراءة والكتابة.. فأخوك يا فواز لا يأسف الآن كثيراً على أولئك الذين استرخصوا ثمنه وباعوه بأبخسها!
* ما حقيقة الاختلاف مع الدكتور ابن تنباك؟
- أبو راشد الدكتور مرزوق بن تنباك، كان ولا يزال - إن شاء الله تعالى - من أقرب الناس إلى نفسي. ويوم أن كان النيل من الفصحى (موضة) يتزلّف بها قليلو البضائع، كان الدكتور مرزوق حائط صد أمامهم، وقف أمام مكائدهم وقفة تُحمد له، وكان صوته وقتها نشازاً كما كان أنصاره قليلين، ولكنه كان مع الحق فلم يبال وأكرمه الله بنيل جائزة من أكرم الجوائز على كتابه عن الفصحى والنظرية العلمية، وقد كان لي دور ما من خلال عملي في المجلس الأعلى للإعلام في نقل وإيصال رسالة الدكتور مرزوق إلى مَن بيدهم مقاليد الأمور، وفجأة أمسينا والدكتور مرزوق بن تنباك هو ذلك الذي عهدناه أمة وحده في الدفاع عن الثوابت ثم أصبح الصباح علينا فإذا الدكتور مرزوق ممن تتناقل المجالس والمنتديات رده للكثير من الثوابت حتى إني سمعته بأذني يقول عن القرآن الكريم: (إنه قطعي الثبوت، ولكنه غير قطعي الدلالة).. ورده الصريح ونفيه لأمور وردت في القرآن الكريم بصريح العبارة، كنفيه وأد العرب لبناتهم في الجاهلية.. وبما أن الحق أحب إلي من الدكتور مرزوق بن تنباك فإنني رددت عليه بما نشرته لي (الجزيرة) الغراء مما أرى أنه هو الحق الذي جانبه هو.. ولا شيء غير ذلك فيما يتصل بعلاقتي بأبي راشد.
* ما فعله د. عبد الله مناع في (اقرأ).. و د. فهد العرابي الحارثي في (اليمامة) هل يمكن تكراره الآن؟
- كان لكليهما أثره الواضح في مجلتيهما، وإني لا أقول فقط: إنه يمكن تكرار ما فعله الأخوان الفاضلان في كل من مجلتي (اليمامة) و (اقرأ) .. بل بما هو أفضل مما فعلاه بكثير لسبب بسيط هو: أن إمكانيات النجاح المتوفرة اليوم لأية مطبوعة سواء من حيث التقنية أو توفر المعلومة، هي أكثر بما لا مقارنة معه في عهد الرجلين مع مجلتيهما.
ثم إنه كم من واحد نراه اليوم بيننا مغموراً، ولكننا لو اطلعنا على ما هو محجوب عنا من الغيب لأدركنا على الفور: أن الإمكانيات والصلاحيات هما وحدهما ما لو تسلح بهما ذلك المغمور لأتى بالعجب!
هذا مع العلم بأن الكفاءة الصحفية والمهنية والإدارية لا تكفي وحدها لنجاح مطبوعة تفتقر إلى مقومات النجاح الأخرى... فالدكتور هاشم عبده هاشم - على سبيل المثال - الذي لا يشك أحد في كفايته ومقدرته الصحفية، ووصلت (عكاظ) في عهده إلى ما وصلت إليه.. ماذا كان باستطاعة كفايته ومقدرته أن يفيد جريدة (البلاد) عندما كان مسؤولاً عن تحريرها.. وهي لا تملك وقتها من مقومات النجاح شيئاً سوى كفاءة ومهنية العاملين فيها؟!
ثم إن هنا شيئاً آخر وهو: أن الشمس ما دامت ملتزمة بأن تشرق كل يوم فإنه لا مناص من مولد عبقري كل يوم، يخلف عبقرياً آخر يغرب بغروب شمس ذلك اليوم.. وللتأكد من ذلك ننظر إلى الإبداع الذي حوّل به عبد الوهاب الفايز (الاقتصادية) وإلى مثله الذي حوّل به زياد الدريس مجلة (المعرفة).
* ما حدث في معرض الكتاب في الرياض من تطاول على الرموز الثقافية كيف نتجنبه مستقبلاً؟
- السؤال هو: هل ذلك الذي حدث في المعرض، تطاول أم غير تطاول.. فإن قلت أنت أو أنا: إنه تطاول.. قال لنا غيرنا: إنه ليس تطاولاً.. وعلى كل الأحوال: إذا كانت مثل تلك الاجتماعات في كثير من البلدان المتقدِّمة، تشهد حوارات (التطاول) فيها لا يكون بالكلمات فقط، بل بالبيض الفاسد والطماطم، وهي بلدان يراها الكثيرون منا قدوة وقد أصبحت بلادنا اليوم ضمن منظومتها الاقتصادية، فإن علينا أن ندرب أنفسنا على ما دربوا هم أنفسهم عليه، حتى أصبح التراشق عندهم سواء أكان بالكلمات أو البيض الفاسد هو المظهر الأوضح للديمقراطية والشفافية..! (وهنا تساؤل مشروع عن صفة التكامل بالحوار الذي نريد.. إذا كنا نعد أي تباين أو تعدد في الرؤى الفكرية والنقدية تراشقاً!؟) أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى مزيد من سعة الصدر والأفق والتحلّل من رواسب الفكر الأحادي المتطرف يميناً ويساراً والتمسك بمنهج الأمة الوسطي.
* كثرة الإصدارات الصحفية والمحطات الفضائية على ماذا تدل؟
- ما يظهر لي: أنها تدل على كثرة القراء، وكثرة المشاهدين.
* الأديب إبراهيم الحميدان قال: عن أكثر الزوايا تسويقاً لذات متورمة، ولا علاقة لها بالشأن العام.. ماذا تقول أنت؟
- أقول نفس ما قاله الأديب إبراهيم الحميدان.. ولعل أسوأ ما في الموضوع هو: أنني وأنت والأديب الحميدان، إنما نكتب من أجل أمور جوهرية تنقصنا في حياتنا كالمال، والجاه، والمشاركة في النفع العام في حين أن الذين يشير إليهم الأستاذ الحميدان يجد الكثير منهم نفسه محاطاً وغارقاً فيما يفيض عن حاجته، ولا يجد شيئاً ينقصه إلا أن يكتب لمجرد الكتابة!
* رد الأمير سلمان بن عبد العزيز بنفسه على الكاتب صالح الشيحي ماذا يعني؟
- يعني ذلك أموراً كثيرة لا يمكن حصرها في أمر واحد بعينه ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - أن تفاعل سمو الأمير سلمان مع الصحافة وما يُنشر فيها هو: فعل وقول معاً وأنه لا تحده حدود.
2 - حرص الأمير الجليل على المصلحة العامة التي تصب لصالح الوطن والمواطن.
3 - درس عملي من الأمير سلمان لكثير من أصحاب الكراسي الدوَّارة، الذين يتعالون على الصحافة وكتَّابها، ويستنكفون عن أن يُصححوا أو يُصوِّبوا بأنفسهم ما يُكتب عنهم أو عن إداراتهم.
4 - الصفة المقترنة بالأمير سلمان بن عبد العزيز هي صفة (الخير) فهو (سلمان الخير) الذي لا يغيب عن أي أمر فيه خير..
وأخيراً: فيوم يُكتب التاريخ الحقيقي للصحافة في المملكة العربية السعودية فإنا سنجد أن لسلمان بن عبد العزيز الأثر الأكبر في النهوض بها وشد أزر العاملين بها.
5 - تقدير الأمير سلمان لأثر الكلمة وأبعادها وأثر الإعلام ورسالته.
* الكاتب البرتغالي ساراغو كتب مذكرات عن طفولته وقال: الطفولة هي الطريق الأمثل لفهم أنفسنا.. كيف ترى ذلك؟
- أتفق مع الكاتب البرتغالي في جزئية مما قال، وأختلف معه في أخرى.
فأنت تستطيع أن تفهم الآخرين من خلال مراقبتك ومشاهدتك سلوك الأطفال وتصرفاتهم فستجد من بينهم: الكريم الذي ينتزع الحلوى من فمه ويضعها في فم غيره، وتجد الأناني الذي ينتزع تلك الحلوى من فم غيره ليودعها فمه.. كما تجد من بينهم الفوضوي، ونقيضه، والسريع الغضب والحليم، والشجاع والجبان.. وهكذا أما ما أختلف معه فيه فهو: أنك لا تستطيع أن تفهم نفسك من خلال الطفولة التي تجاوزت مرحلتها.. وما ستراه الآن من سلوك الأطفال لا يعطيك أية إضافة تحتاجها لمعرفتك لنفسك التي أنت من أعرف الناس بها من قبل ومن بعد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved