أوقفني ذلك التساؤل المتكرر الذي أعاد طرحه مرة أخرى كاتبنا الأستاذ حمد القاضي بزاويته الأسبوعية (جداول) بعدد يوم السبت الموافق 18-2-1427هـ من المبالغة التي يتعمدها مراسلو الصحف عندما تحدث جرائم في أي منطقة من مناطق المملكة ويجعلون (من الحبة قبة)، ولا أعلم لماذا يتعامل مراسلو ومحررو الصحف بهذه الطريقة؟ هل لاعتقادهم أنه سبق صحفي مثلاً، أم مجرد إثارة صحفية، أم طمعاً في مردود مالي، وهذا في اعتقادي ربما يكون الأقرب، وهذا التعامل السلبي طبعاً سيكون على حساب أمن المواطنين وبث الرعب بينهم وجعل المناطق التي تحدث بها تلك الجرائم مناطق يمنع الاقتراب منها.
وما حدث عندنا بمحافظة رنية قبل عدة أسابيع دليل واضح على ذلك النموذج غير الواقعي، فعندما وجدت عدة جثث متحللة لأشخاص متسللين من دول إفريقية ساقهم الجوع والفقر من بلادهم للنزوح والهرب للدول الأكثر نمواً كانت محافظة رنية ممراً لهم فضلوا طريقهم ليموتوا عطشاً في مناطق نائية وصحراوية بعيدة عن المحافظة بسبب خوفهم من الوقوع في قبضة رجال الأمن بالمحافظة فكانت نهايتهم جثثا متحللة في الصحراء هنا وهناك، وعندما جاء مراسلو الصحف لتغطية تلك الوقائع استغلوا تلك (الجثث) لتكون سبقا صحفيا لشح الأخبار المحلية داخل المحافظة وتصبح لهم صيدا ثمينا لا بد من استغلاله أشد استغلال ولو كان على حساب المواطن وأمنه بهدف ربما يكون ماديا وليس بحس الصحفي، وهذا ما حدث فعلاً فكانت البداية مجرد خبر صغير لا يرى بالعين المجردة.
فيكبر الخبر مع مرور الوقت ويتضخم بازدياد عدد تلك الجثث ويخرج مرة أخرى مع صور لجثث هؤلاء وهي متحللة وهياكل عظمية، ويضخم الخبر أكثر فأكثر لينتقل من داخل الجرائد ليصبح على واجهاتها كخبر رئيسي، ولم يتوقف الأمر على الصحف فقط لينتقل عبر الإذاعات والفضائيات التي بعثت بمراسليها لتغطية ذلك الخبر حتى أنني ظننت أن هذا الخبر ستتناقله القنوات الإخبارية الأجنبية.
وفي نهاية الأمر وبعد تلك الضجة المبالغ فيها.. جاءت النتائج أن المواطنين وبالذات من خارج محافظة رنية قد ارتسمت في أذهانهم صورة أن تلك المنطقة غير آمنة وخطرة لا يجب المرور بها أو الخروج منها للمناطق الصحراوية المحيطة بها خوفاً من الموت، والبركة في مراسلي الصحف.
في نهاية تعقيبي أضم صوتي لصوت الأستاذ حمد القاضي وأوجهها دعوة لمن يهمه أمر الصحافة أن تؤدي الصحافة رسالتها بصدق وشرف كمهنة والبعد كل البعد عن المبالغة والإثارة الصحفية التي لا صالح فيها والالتزام بالأمر الواقع كما هو بدون زيادة أو نقصان.
هذا ما أردت توضيحه.. والله من وراء القصد..
مترك بن تركي آل مرزوق السبيعي |