أتابعُ ما ينشر في (الجزيرة) من موضوعات بالصحة في كافة أرجاء الوطن وأقول:
- ما الذي يمكن فهمه من وجود ضغط وازدحام في العيادات بالمستشفيات المتخصصة والمراكز الطبية ذات (السمعة) بالإمكانات المتطورة.
- كيف يبرر مسؤولو هذه القطاعات وجود عجز في الإمكانات السريرية لتنويم مريض بحاجة للإشراف والمتابعة أو حجز (موقعه) في غرفة العناية الفائقة..
- بالأمس وضمن أعداد كثيرة تموت في الانتظار كانت هذه المرأة مغطاة بالتقارير وصور الأشعة السوداء المشؤومة.. جاءت إلى المستشفى محمولة ببقايا أنفاس المرض وطلوع الروح.. وكما اعتادت المراجعات السابقة: لا يوجد مكان شاغر..
- احتملت المشهد الغريب في وجهها الذي أتلفه الوجع وإرهاق قتلته الأدوية في لونها الباهت وكانت بها غيرها في استقبال النهاية..
- تمنيت.. تخيلت صبر الانتظار قادم وفي لحظات بإعطائها (مفتاح الحياة)..
- لم أكن أدري حجم مأساة ازدحام الأسرّة في المستشفى وضيق أمكنة الإنعاش..
- إيقاعات الزمن لم أشعر بها في نبضات القلب بعد أن فاضت روحها في ذلك الانتظار..
- ويكفيني عند مشاعر الحزن رؤية ذلك المشهد الباكي أمام أعين المرافقين في الممرات وأمام أبواب العيادات..
- صراخ يعلو ويخفت تسكته الممرضات.. ربما هكذا يتطلب الموقف بعد أن سبق (التخدير) ما قرره الأطباء..
- أتجاوز إلى جزء من النفس يعني شيئاً من الإحساس فكيف بالإنسان على حافة تسقط عند أطرافها قطرات الدمع أو تكتب الكلمات..
- نعم أسدل الستار بالأمس على نهاية مأساة اسمها (الموت على حافة الانتظار)..
- وتعجز الإجابة إلا من غموض يحيط الحالات الحرجة في القائمة (اليائسة) والتعامل معها دون جدوى..
- أردت في هذا السياق تقديم المشهد من الواقع المعاش مع حالات الانتظار في المستشفيات الرئيسة نوعاً من المساءلة التي تبحث (فعلاً) عن الإفادة العاجلة من المسؤولين في القطاعات الصحية فكم نحن مطالبون بالمكاشفة المعلوماتية وخاصة في جانب يعنى بخانة القراءة التي تستشرف (الأمن الصحي) وضماناته وإستراتيجية الخطط المرتبطة بذلك.. ولا سيما أن التقدم الطبي الذي وصلنا إليه في المملكة وقائياً وعلاجياً أصبح حديث الأوساط العلمية دولياً وليس بالغريب أن تكون هذه إستراتيجية القيادة في تحقيق ذلك وفق أهداف متتابعة في خطط مرحلية تراعي انتشار هذه الخدمات بمساحة أرض الوطن الغالي.
- وذلك لأن المفهوم الراسخ هنا تأكيد على الاهتمام الذي توليه الدولة للثروة البشرية ويتم التركيز عليه بأولوية هو خصوصية توفير الأمن الصحي كما هو الشأن في كون إنسان الوطن أساس التنمية وركن البناء الذي من خلاله تستمر دورة الحياة تقدماً ونماءً وتطوراً ومن هنا يمكن الأخذ بالموضوع من خلال هذه النظرة الشمولية في تأمين المتطلبات بأبعادها المختلفة.
- الشيء اللافت الذي دعاني لوقفة تلك السمعة العالمية للمملكة في القطاع الصحي بمختلف الجهات من وزارة الصحة والدفاع والداخلية والحرس والهلال الأحمر.. أيضاً القطاع الخاص.. نترك للتأمل وقتاً أمام هذه الإنجازات العلمية في إجراء عمليات جراحية نادرة أبهرت الرأي العام ليس كمتخصصين فقط ولكن مشاركة في (تقدير الإعجاب) لما يتحقق فتلك مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومتابعته الشخصية لعمليات فصل التوائم قليل من كثير.
- ذاكرة العالم سوف تحتفظ دون شك بمثل هذه الإنجازات على المستوى الطبي خصوصاً موقف القيادة الأبوية إنسانياً من الملك عبدالله وتبنيه لإجراء هذه العمليات التي تتكلف الكثير والكثير جداً من الناحية المادية إلى جانب ضرورتها إلى إمكانات عالية المستوى وكفاءات علمية مدربة لها الخبرة المتفوقة.
- إن حقيقة ما وصلنا إليه في مستشفياتنا المتخصصة والمراكز الطبية يدعو للفخر والاعتزاز، وفي نفس الوقت فنحن مع الأمل والدعاء للمولى عز وجل أن يسدد هذه الخطوات من أجل الارتقاء بخدماتنا الطبية فقد شارفنا في هذا العهد بفضل الله ثم بإخلاص وتفاني القيادة ممثلة في الأب القائد والوالد الراعي الملك عبدالله بن عبدالعزيز - شارفنا - بوابة عصر مختلف بكل معطياته من إنجازات ولبنات البناء الواثق في مسيرة تنمية خدماتية شاملة.
- وجديرٌ في هذا السياق الحديث بوجهة نظر شخصية لها علاقة بتعاون مسؤول لتعريف المجتمع المحلي بخريطة الطريق الصحية من ناحية هذه الإنجازات العالمية في إجراء عمليات جراحية نادرة ونجاحنا في ذلك ثم التقارب مع فهم إنسان الوطن من ناحية نقاط صحية متخصصة على هذه الخريطة لها الإمكانات القابلة للتطور واكتساب السمعة عند البحث عن العلاج فيجيء مثل شجرة معطاءة يتغذى (يستفيد) من ثمارها الجميع.
- الأمر يتطلب توعية بمعنى المعلومات واتجاه من المسؤولين في هذه القطاعات إلى الشفافية في التعاطي مع الشكاوى المتكررة من بعض الخدمات الصحية فلا يمكن على كل حالٍ أن ندّعي الكمال وهو الشيء نفسه في أرقى دول العالم تقدماً فلم يكن يمنع وجود التقصير والأخطاء الطبية أو نقصها في الغرب أو الشرق والنسبية هنا أقرب إلى القبول لأسباب غير خافية وليس هذا مجالها.. ثم وأن تقديم التوضيحات كما أشرت في الازدحام والضغط: يستدعي ترتيب الجداول طبقاً إلى طبيعة الحالة وضرورة التدخل العلاجي السريع..
- أعتقدُ أيضاً أنني كامرأة ومواطنة (إنسانة من بنات وطن العز والوفاء) قريبة إلى وعي وإدراك كل مسؤول يتصالح مع الحقيقة بطريقة عملية تصل إلى درجة إقناعي بالتوجه الذي رسم خطاه الملك عبدالله كتفاصيل هي في العمق أصالة تعني الإصلاح فيكفيني من ذلك أن يأتي التفعيل نابعاً من الإحساس انتماءً وطنياً بكل الصدق.
- وما دمت إلى ذلك المبرر الذي قيل فيه مقولة الإحالة لتجاوز (أزمة طارئة) كما يأتي بالتفاهم والترضية مع بعض المرضى من أجل الإنقاذ في التوجه للقطاع الصحي الخاص.. فإنني لا أعتقد بأنه الخيار المقنع بهذه الطريقة..
* لماذا؟..
لأننا وما دمنا نبحث عن هذه الصروح الطبية (مدفوعين) بكل الثقة في مستواها المتقدم علاجياً واختيارها تفضيلاً عن البحث عن البدائل خارجياً بعد أن ثبت أننا الأفضل..
لا بأس إذاً أن نناقش الموضوع بشكلٍ من التفاهم الواعي المتجاوب مع أفكار وتطلعات التطور المدروس..
بمعنى آخر أنه لم يكن مجال استمرار الصمت في وقتٍ يواجه فيه الكثيرون تناقض الصور بين إمكانات معلنة وميزانيات معتمدة كفيلة بالوفاء بكل الاحتياجات والمقارنة مع مخصصات القطاعات الصحية في الميزانية خير دليل على ذلك.
تذكار الخثلان |