ربما تبدو المشكلة في الوهلة الأولى صغيرة، بيد أن خطورتها تبرزها وتجعلها من الأولويات، وذلك لارتباطها بصحة الإنسان وحياته، سيما في مدينة مترامية الأطراف كالرياض التي أضحت تسجل اتساعاً في المباني والإنشاءات بصورة شبه يومية، الأمر الذي جعلها من كبريات العواصم في العالم ومن أكثرها زيادة في عدد السكان بمعدل نمو كان من الأعلى بالنسبة لمعدلات النمو بين المدن في كل العالم (7.8%) سنوياً، والرياض يتوقع أن يصبح عدد سكانها خلال العشر سنوات القادمة نحو (6) ملايين نسمة.
فموقع محطات تنقية مياه الصرف الصحي جنوب الرياض تحتاج إلى وقفة وإعادة نظر، فهي الآن تستقبل مخلفات تقدر بنحو (30%) من مخلفات أحياء الرياض، الأمر الذي ينذر بالخطر لقرب موقعها من المدينة؛ مما يؤثر على بيئتها وبالتالي على صحة سكانها.
ويتوقع أن ترتفع نسبة ما تستقبله هذه المحطة لتصل إلى أكثر من (80%) من مخلفات أحياء المدينة خلال العشر سنوات القادمة، وهذا الوضع يضاعف من أضرار بقائها في ذات الموقع؛ لذا فالضرورة والمصلحة تفرضان تغييرها وإنشاء محطة جديدة بديلة لتنقية مياه الصرف الصحي تبعد مساحة لا تقل عن (120) كلم عن مدينة الرياض في انحدار طبيعي في اتجاه جنوب شرق المدينة.
أما الجانب الثاني الأكثر أهمية والمرتبط بسابقه فهو يتمثل في الكيفية التي تعالج بها هذه المياه؛ إذ إن الأسلوب الصحيح والأمثل وفقاً لصحة البيئة العالمية يتم بإنشاء أحواض كبيرة المساحة تجعل هذه المياه عرضة للهواء والشمس معاً، وهما من عناصر التنقية الطبيعية؛ حيث تنشأ الطحالب وتقوم بدورها في عملية التنقية، عكس الأسلوب المتبع حالياً الذي يمكن وصفه بأنه عقيم ومكلف، وهو يعتمد على العلاج بالمواد الكيماوية نسبة لضيق المساحة؛ مما يترتب عليه أضرار صحية بالغة قد تؤدي إلى ظهور أمراض جديدة في المجتمع بالمملكة تكون آثارها بالغة. والذي يمر بالطريق الدائري الجنوبي بالقرب من أحياء اليمامة وعتيقة ومنفوحة، وهي أحياء عريقة، يجد صعوبة كبيرة جداً في استنشاق هواء صحي ونقي، وتصعب عليه الرؤية أمام تيارات البعوض التي تنمو على المياه بروائحها الكريهة. وكل الخوف أن يظهر لنا وادٍ متصدع آخر في جنوب الرياض.
إنها مجرد فكرة.. إنها رسالة نوجهها إلى المسؤولين وجهات الاختصاص للقيام بمعالجة هذا الوضع قبل أن يتفاقم.
|