Thursday 30th March,200612236العددالخميس 1 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

قرارات الملك الحاسمة قرارات الملك الحاسمة
فضل بن سعد البوعينين

لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الاقتصاد عن المجتمع، كما أنه لا يمكن في الوقت نفسه فصل الإنسان البسيط عن إنسانيته وأحاسيسه ومحيطه الاجتماعي. يخطئ من ينظر إلى الاقتصاد على أنه مجموعة من الأنظمة والقوانين والمعاملات المجردة، فهناك من النظريات الاقتصادية الكثير التي بنيت على المبادئ السامية واستمدت تشريعاتها الأساسية من القرآن الكريم.
جاءت المؤازرة الحقيقية من رجل الاقتصاد الأول على شكل قرارات سريعة ونافذة، قرارات في باطنها الرحمة وفي خارجها العلاج لمشكلات سوق الأسهم السعودية التي كانت تتمنى قليلاً من المؤازرة النفسية، فتلقت الدعم القوي من لدن خادم الحرمين الشريفين. قرارات مصيرية وإستراتيجية اتخذت في أيام قليلة كسابقة لم نعهدها من قبل فأسست لقيام الأسلوب الإداري الجديد المستمد من المجتمع ومن حاجة الناس له.
النتائج كانت مبهرة، وهي كافية للرد على جميع الرافضين لعمليات التدخل الإنساني القائم على حماية المجتمع من الانهيار. فسوق الأسهم استردت عافيتها بلمح البصر ونفسيات المواطنين بدأت في التحسن بعد أن أيقنت أن رحمة الله سبحانه وتعالى سبقت كل رحمة، وإن حب الملك وقلبه الكبير لا يمكن له إلا أن يتدخل لانتشالهم من المحنة التي وجدوا أنفسهم فيها بين يوم وليلة دون أن يكون لهم الخيار فيما يريدون.
ثلاثة قرارات كان لها فعل السحر في عكس توجهات سوق الأسهم السعودية وكان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في عودة الثقة للسوق المالية وللاقتصاد السعودي بشكل عام:
أولها قرار السماح بتداول المقيمين الأجانب للأسهم السعودية، وهو ما تم تنفيذه يوم السبت الماضي ثم قرار التجزئة الذي سينفذ بدءاً من السبت القادم وما تبعه من قرار إعادة نسبة التذبذب السابقة، ثم القرار الإستراتيجي بإنشاء (مصرف الإنماء) وتخصيص غالبية أسهمهم للمواطنين.
قرار تجزئة الأسهم
بعد أن كنّا نبحث عن معلومة رسمية واحدة حول موضوع التجزئة استطعنا أن نحصل عليها كاملة خلال أسبوع واحد فقط. أصدر الملك عبد الله أوامره بالتعجيل في تطبيق تجزئة الأسهم، وما هي إلا أيام حتى صادق مجلس الوزراء الموقر على قرار الموافقة بتجزئة الأسهم مع مطلع الأسبوع القادم.
القرار نزل على المتداولين كالغيث الكريم وما هي إلا لحظات حتى اخضرت الأرض وانتشر الخير وعمت البهجة والفرح جميع أرجاء الوطن. حاجة المواطنين لمثل هذا القرار الإستراتيجي هي التي دفعت الملك إلى التعجيل باتخاذه في غضون أيام معدودة. كانت هناك بعض الإشكالات الفنية المتعلقة بنظام التداول ومع ذلك أصر الملك على اتخاذ القرار وتنفيذه. وهذه من الإستراتيجيات الإدارية الصارمة التي تفرض على الآخرين تطوير أنفسهم لمواكبة القرارات المصيرية المتخذة وفي فترة زمنية قصيرة. هذه الإستراتيجية تختصر الزمن ولا تسمح أبداً بالركون إلى الراحة أو التأجيل.
بعض الإخوة المحاسبين يصر على تذكيرنا بأن عملية التجزئة لا تحدث أي تغيير في حقوق الملكية، ونحن نؤكد بدورنا على هذا القول ولا يختلف عليه اثنان، ولكننا نزيد بأننا نركز أكثر على نظرة السوق النفسية للأسهم بعد التجزئة، إضافة إلى قوانين العرض والطلب وأثرها في أسعار الأسهم بعد التجزئة.
فمن الناحية النفسية سوف ينظر المتداولون إلى الأسهم بعد تجزئتها على أنها رخيصة مقارنة بأسعارها السابقة، وإن كان الواقع لم يتغير، هذه النظرة النفسية ستساعد كثيراً في دعم الأسعار وتحقيق المكاسب الرأس مالية. إضافة إلى ذلك فإن تجزئة الأسهم ستخفض من قيم الأسهم السوقية المرتفعة ما يجعلها في متناول الجميع وهو ما يعني زيادة الطلب عليها مستقبلاً مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار تجاوباً مع قانون العرض والطلب. لذا كان تأثير قرار التجزئة الإيجابي أكبر على السوق من تأثير دخول المقيم الأجنبي.
إعادة نسبة التذبذب إلى 10 في المائة
وهو قرار على ارتباط مباشر بقرار تجزئة الأسهم الذي وافق عليه مجلس الوزراء الموقر، فقد قررت هيئة السوق المالية إعادة نسبة التذبذب إلى وضعها السابق وهو 10 في المائة.
وعلى الرغم من إيماننا التام بصحة قرار تخفيض نسبة التذبذب إلى 5 في المائة قبل انهيار سوق الأسهم، إلا أن غالبية كبار المضاربين انتقدوا القرار واعتبروه سبباً من الأسباب التي أدت إلى الانهيار في سوق الأسهم، وهو أمر مخالف للواقع. ولكن طالما أن هذه هي وجهة نظر كبار المضاربين فمن باب أولى أن يكون قرار ارجاع نسبة التذبذب إلى وضعها الطبيعي (10%) سبباً لعودة السوق إلى وضعها الطبيعي واستمرارها في التحسن المستمر خلال الأسابيع القادمة.
الترخيص لمصرف الإنماء
وهو أحد القرارات الاستراتيجية المهمة التي وافق عليها مجلس الوزراء المنعقد برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حيث وافق خادم الحرمين الشريفين على الترخيص ل(مصرف الإنماء) برأس مال قدّر ب15 مليار ريال بحيث يمتلك كل من صندوق الاستثمارات العامة ومؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية ما نسبته 30 في المائة من رأس المال بصفتهم المؤسسين ويخصص 70 في المائة للمكتتبيّن من المواطنين والمواطنات.
ويمكن النظر إلى هذا القرار من زوايا مختلفة وجميعها تصب في مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء.
رأس المال: رأس مال المصرف الذي حدد بـ15 مليار ريال يعد الأكبر على مستوى المصارف العاملة في المملكة وهو ما سوف يعطيه مزايا إضافية في عمليات الإقراض وقبول الودائع المستقبلية. ولعل المصرف الجديد خطط له ليكون أداة فعالة في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى التمويل العقاري مستقبلا. فرأس المال الضخم يجعله مهيئاً للعب هذا الدور المفقود في السوق المصرفية السعودية، وخصوصاً أن ثلاث هيئات رسمية تمتلك ما نسبته 30 في المائة من رأس المال.
ملكية المصرف: في سابقة تعد الأولى في السوق السعودية يتم طرح أسهم منشأة مالية بهذا الحجم الضخم على أساس تخصيص 70 في المائة للمكتتبيّن السعوديين و30 في المائة لبعض المؤسسات الحكومية.
هذه المعادلة الجديدة التي أمر بتطبيقها الملك عبد الله هدف من خلالها إعطاء الفرصة الأكبر للمواطنين من أجل تحقيق المنفعة المالية ومنفعة المشاركة في تأسيس الشركات السعودية بوجه العموم. هذه المعادلة الجديدة ستضمن تخصيص أكبر قدّر من الأسهم على المواطنين، بحيث تزيد عدد الأسهم المخصصة لكل فرد عن 100 سهم تقريباً وهو ما يعني دخلاً إضافياً يوزع على المواطنين والمواطنات، أو ما يمكن أن نسميه نوعاً من أنواع التوزيع العادل للثروة.
الإضافة النوعية للمصرف: بلا أدنى شك فإن المصرف الجديد سوف يحقق إضافة نوعية لقطاع المصارف السعودية وسيسهم كثيراً في مواجهة الطلب المتنامي على الخدمات المصرفية، خصوصاً التمويل الإسلامي، كما أنه في الوقت نفسه سيكون لبنة داعمة للاقتصاد السعودي، وربما يكون شريكاً رئيساً في التمويل الحكومي للمواطنين إلى جانب صناديق التنمية الحالية.
خاتمة: أجزم بأن القرارات الملكية الأخيرة التي اتخذت في أيام معدودة ونفذت خلال أسبوع واحد من إقرارها لهي خير دليل على حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز على دعم الاقتصاد السعودي ودعم قطاعات الاقتصاد المختلفة وعلى رأسها سوق الأسهم السعودية، إضافة إلى دعمه اللا محدود للمواطنين وحرصه الشديد على رفع الضر عنهم، بعد موجة الحزن والهلع التي أصابتهم جراء انهيار السوق، بغض النظر عن نظريات المنظرين، فالوقائع أثبتت أن جميع القرارات الاقتصادية الداعمة للسوق قد صاغها الملك عبد الله بأساليب إنسانية صرفة جعلت من المواطن هدفاً أساسياً تتحطم دونه جميع الأهداف.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved