في كل قمة عربية ترد رسالة إسرائيلية ما بعنوان رئيسي هو: التشدد، ففي قمة بيروت عام 2002 كانت الرسالة من شارون بأن عرفات، المحاصر في مقره الرسمي بالمقاطعة، غير مرغوب فيه.
وفي قمة الخرطوم اليوم فقد وصلت الرسالة عشية انعقاد اللقاء العربي ناقلة للمجتمعين أن إسرائيل أحالت ضم القدس إلى واقع معاش مع تحديد الحدود الدولية بحيث تبتلع مساحات شاسعة من الضفة الغربية بما فيها بالطبع القدس المحتلة.
عشية القمة أيضا تمسك العرب بمشروع السلام باعتباره الوسيلة الأمثل لتحقيق التسوية المنشودة، لكن الرد الإسرائيلي جاء بتلك الصورة المنافية تماماً لكل أجواء التسوية، وكأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة أولمرت يقول وهو يرسم تسويته الخاصة على أرض الواقع: هذا هو موقفنا فماذا أنتم فاعلون ؟ ومن الواضح أنه لا أولمرت ولا شارون المحتضر مستعدان لتسوية ما تتجاوز أطماع إسرائيل أو لا تلبي تلهفها للاستحواذ على أرض الفلسطينيين، فالاثنان محكومان بناخب متعطش لكل ما هو عربي من الدماء إلى الأراضي، ومن هنا فإن رسالة أولمرت للقمة العربية هي في ذات الوقت رسالة للناخب الإسرائيلي وهو يقبل على التصويت في يوم انعقاد القمة نفسه حيث تفتح شهيته لالتهام المزيد من أراضي العرب وتطمئنه وبني جلدته الهائمين على وجوههم في أصقاع العالم على أن هناك أرضاً جاهزة لاستيعابهم.
ومن المؤكد أن العرب الذين توافقوا على مشروع السلام العربي في قمة بيروت ليس أمامهم غير التمسك بما طرحوه، ولهذا فقد سارع وزراء الخارجية، قبل لقاء القادة، إلى رفض طروحات أولمرت الجديدة بشأن الحدود والمعابر باعتبار أنها تنسف أسس التسوية الواردة في مشروع السلام كما تقضي على خريطة الطريق التي ولدت بجهد دولي وبمشاركة القوى العظمى: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب روسيا والأمم المتحدة.
والخطتان تركزان على إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، لكن الوقائع الإسرائيلية على الأرض لا تترك سوى دولة واحدة هي إسرائيل وذلك بعد ابتلاعها معظم المساحة التي كان يفترض أن تقام فيها الدولة الفلسطينية.
إزاء ذلك فإن التعاطي السلمي مع إسرائيل يدخل في باب المستحيل، خصوصاً أنه ليس هناك من بين الدول العظمى بما فيها الولايات المتحدة من يسعى إلى نصح إسرائيل بأن ما تقوم به يقوض أسس التسوية ويناقض حتى الطرح الأمريكي الأوروبي الوارد في خريطة الطريق.
|