Tuesday 28th March,200612234العددالثلاثاء 28 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

مستعجل مستعجل
تجربة الإنتاج المنزلي (2-2)
عبد الرحمن بن سعد السماري

تحدثنا في زاوية الأمس عن المؤسسة الصغيرة التي تحتضن المنتجات المحلية المتميِّزة والخاصة.. والتي تنتج يدوياً أو شبه يدوي داخل البيوت.. واضطلاع مثل هذه المؤسسة بتشغيل عدد من الأسر داخل المنزل لإنتاج مجموعة أشياء متميِّزة يحتاجها الناس.
** هذه المنتجات.. كانت موجودة في سنين أو عقود مضت.. لكن الناس تركتها لعدم وجود من يتقن صناعتها وإنتاجها بالشكل المطلوب.
** ولكن مثل هذه المؤسسة الصغيرة.. حاولت بحسبة بسيطة وبجهود يسيرة.. إعادة تأهيل من يتقن صناعتها.. وشجَّعت أصحاب المواهب داخل المنازل للإنتاج والعطاء والعمل.. وتقديم منتجات يحتاجها الناس بالفعل.
** ولكن.. كيف كانت البداية؟
** البداية.. أن امرأة جاءت لصاحب هذه المؤسسة تشكو العوز والحاجة.. وتطلب المساعدة للتغلّب على التزامات أثقلتها وجعلتها تسأل المساعدة.. وبدلاً من أن يقدّم لها مساعدة تنتهي اليوم أو غداً.. سألها..
** هل تتقنين صنعة أو حرفة معيّنة؟
** هل تجيدين مثلاً.. صنع الكليجا؟
** قالت نعم.. إنها تتقن صنع الكليجا (الشهيرة) وغير الكليجا.
** اتفق معها صاحب المؤسسة.. بأن تصنع كميات من الكليجا... وهو يقوم بتسويقها.. وبالفعل.. أنتجت هذه المرأة (الكليجا) وقدّمتها للناس.. ونجح المشروع.. وتوسعت المرأة في نشاطها.. وقدَّمت أكلات أخرى مماثلة.. وقدَّمت العديد من المنتجات المشابهة.. وازداد دخل المرأة.. وأصبح لديها عائد يتزايد يوماً بعد آخر.
** ولم تعد المسألة.. مسألة اكتفاء ذاتي عن سؤال الناس.. بل تحسنت مداخيلها.. وأصبح لها دخل جيد توسع كثيراً.. بل استعانت بغيرها.. شغَّلت غيرها.. واستفاد الجميع.. هي ومَن معها.. وهذه المؤسسة.. والمستهلك الذي وجد أكلات شعبية كادت أن تنقرض.
** هذه المرأة.. بهذا الإنتاج البسيط.. نفعت نفسها.. ونفعت صاحب المؤسسة.. ونفعت المجتمع.. حيث إن صاحب المؤسسة.. بحث عن أسر أخرى.. لديها قدرة على الإنتاج والعطاء في مشاريع مشابهة.. وبالفعل.. نجح في إيجاد أسر في وسعها أن تعطي في هذا الميدان.
** لقد نجح صاحب المؤسسة في استقطاب عدد من الأسر التي بوسعها أن تنتج مثل هذه المنتجات الوطنية المتميِّزة.. مثل الكليجا والقرصان والحنيني والأقط.. ومنتجات أخرى شبيهة.
** كما تقوم بإعداد وجبات شعبية رائعة يبحث عنها الناس ويتفاعلون معها.
** لقد أصبح لهذه المؤسسة ومثيلاتها منتجاتها المتميِّزة.. وصار لها شهرتها.. فقد نجحت بجدارة.. في استقطاب وتشغيل عدد من الأسر من داخل منازلهم.. وبجهود وإمكانات بسيطة.. لا تتطلب معامل.. ولا مصانع.. ولا أفراناً.. ولا مواد أولية كبيرة.. ولا مستشاراً ولا مديراً عاماً.
** بالفعل.. تم تشغيل عدد من الأسر.. وعدد من النساء والبنات في ميدان منتج نافع.. يدر دخولاً طيِّبة وينفع المجتمع.. وتحوَّلت أسر وبيوت إلى جهات منتجة.
** اليوم.. لدى هذه المؤسسة الصغيرة ومثلها كثير أكثر من مائة عائلة (أسرة) تتعامل معها في الإنتاج اليومي.. في الكليجا وغير الكليجا.. من منتجات مشابهة.. تبدأ بالبسكويت المحلي.. وتنتهي بالقرصان والحنيني والأقط.. وكلها تُباع في تلك المؤسسة الشهيرة وغيرها من المؤسسات المماثلة التي تقوم بهذا الدور.
** لك أن تتصوَّر.. أن كل مبيعات هذه المؤسسات.. هي من إنتاج أسر سعودية داخل منازلها.. فتحسَّن دخل هذه الأسر.. وأصبحت بخير.. وأوجدت لها مداخيل جيدة.. تغنيها عن السؤال.. وعن البحث عن عمل قد تجده أو لا تجده.
** إنني هنا.. لا أسعى لعمل دعاية عن منتج وطني متميِّز.. ولا دعاية لهذه المؤسسات الوطنية (اللِّي ما نعلِّم باسمها) التي فجَّرت لدى الأسر والبيوت.. الإبداع والعطاء.. وشحذت المواهب.. وشحنت الهمم.. بل أدعو شركات ومؤسسات أخرى.. للاستفادة من إمكانيات مشابهة كامنة لدى بعض الأسر.. وتهيئة الفرص أمامها للإنتاج والعطاء.. فالأسرة السعودية.. والمرأة السعودية.. لديها قدرة على العطاء والإنتاج والإبداع في ميادين شتَّى يمكن تفجيرها واستثمارها كما فعلت هذه المؤسسة ومثيلاتها.
** المسألة كلها حسابات بسيطة.. وتعاون وجسور تقوم.. وعندها.. يبدأ العمل والإنتاج.
** نحن لا نحتاج إلى كل تلك المطابخ التي ملأت شوارعنا.. بوسعنا.. الاستغناء عنها وعن عمالتها وعن منتجاتها.. وتحويل كل تلك المطابخ.. إلى المنازل.. لتدار بأيدي نساء بمهارة عالية. وعندها.. سنتمكن من تشغيل عشرات الآلاف من النساء والعاطلين في ميدان منتج مهم للغاية يحتاجه الناس كل يوم.. فهل تظهر شركات أو مؤسسات تستثمر طاقات ومواهب وإمكانات النساء داخل المنازل لتغنينا عن أكل المطابخ.
** ثم إن هناك أسراً لديها قدرة على إنتاج ملابس.. إذ إن هناك خياطات يملكن مهارة عالية للغاية.. ولديهن قدرة على الإبداع الفني.. وبوسعهن تقديم أفضل الملابس.. وبالذات.. ملابس الأفراح التي يصل قيمة بعضها إلى عشرات الألوف.. ويستفيد منها مع الأسف.. المصمم أو المنفذ الأجنبي.
** نستورد آلاف الملابس بعشرات الملايين.. ولدينا مصممات سعوديات ومنفذات.. أكثر مهارة.. وأكثر قدرة وكفاءة ولكن.. من الذي يشغلهن؟ من الذي يفتح لهن المجال وقد أثبتن كفاءتهن وقدرتهن وتميّزهن؟
** إن هناك مجالات يمكن للأسرة وأفراد الأسرة.. العطاء فيها.. والتحوّل إلى عناصر منتجة..
** هناك طاقات وقدرات داخل البيوت.. تحتاج إلى من يحتضنها ويفجِّرها.. فهل نفعل؟

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved