Tuesday 28th March,200612234العددالثلاثاء 28 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

الضعف - الكارثة - الأمل الضعف - الكارثة - الأمل
د. عبدالمحسن محمد الرشود

يبدو أن مجتمعنا بصفة عامة لا يحتمل المصائب، والنكسات بروح رياضية ولا يتوقع أن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. ويحسب أن هذه الحياة حلوة نضرة بكل تفاصيلها وخطابها المتنوع العاطفي، والاقتصادي والاجتماعي، وهذه ليست من طبائع كدر الحياة الذي جاء به القرآن الكريم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) الآية.. ذلك على الرغم من أننا مجتمع مسلم يؤمن بالقضاء والقدر وأن ما أصابك كفرد أو جماعة لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك..
وهذه الضغوط النفسية التي يعاني منها مجتمعنا.. وبالذات بعد تجهّم شاشات الأسهم وانتكاساتها بعد الإخضرار.. وتلك الفجائع التي نسمع عنها من اكتئابات، ودخول مستشفيات، وجلطات. وغيرها من الخلافات الزوجية وانفراط عقد المحبة بين الأصدقاء الذين اعتمدوا على معلومات بعضهم البعض.. هذه الضغوط لن يخفف منها إلا الرجوع إلى القوة الشخصية الإيمانية ومواجهة الأحداث بروح وثابة صلبة وقلب يُشرع صبره للأحداث أيا كانت واذا لم نكن أقوياء في هذه المرحلة - الأزقة؟ متى سوف نستعمل ما بداخلنا من موروث ومرجع ديني يقول (القرآن الكريم) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
إن الحياة زائلة ولا تستحق هذا الألم والمعاناة.. إن الإنسان نفسه زائل ومغادر.. فكيف يحزن على شيء إذا ذهب يقول شاعر:


نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة
فكيف أبكي على شيء إذا ذهبا

المال أساساً وجد لراحة الإنسان وقضاء حاجاته.. وعندما يحزن الإنسان عليه لدرجة الذوبان في تفاصيله فتلك والله كارثة.. خلق المال ليكون وسيلة لتيسير الحياة للإنسان وليس غاية.. فإذا أصبح هذا المال وبالاً على الإنسان فتلك قضية ينبغي الاتكاء على أرض وقناعة صلبة لتفتيتها.. لاشك أن المال (عديل الروح) كما يقولون.. ولكن ما فائدته إذا مرضت أو أفسدت وضعي الديني والأسري والاجتماعي والحياتي بصفة عامة.
إن هذا المال الذي ذهب قد يكون من مصلحة الإنسان فلربما صرف الإنسان هذا المال فيما لا يرضي الله. وقد يكون سبباً في تعاسته ووبالاً عليه وسبباً أيضاً في هلاكه.. نحن لا نعلم ماذا يخبئ القضاء والقدر.
- إن هنالك تقنيات واضحة وبسيطة لتخفيف الضغوط على الإنسان.. الرجوع إلى الله.. وتلاوة القرآن الكريم. وتذكر أن الإنسان نفسه في رحلة دنيوية قصيرة.. لا تستحق هذا العناء (وضيقة الصدر) يقول خالد الفيصل:


يا ضايق الصدر بالله وسّع الخاطر
دنياك يا زين ما تستاهل الضيقة
الله على ما يفرج كربتك قادر
والله لها الحكم في دبرة مخاليقه..

وأتصور - بدون معلومة - أن دولتنا الرؤوفة بالإنسان لن تترك هذا الأمر بهذه الصورة القائمة ولكنها - فيما أظن - تعالج الوضع بطريقة علمية وعقلانية يتعلم من خلال الهوامير وصغار المستثمرين على حد سواء وأكاد أؤمن أن هؤلاء الذين حزنوا سوف يندمون أيضاً على حزنهم.. عندما تؤول الأمور إلى الأفضل.. وتتحسن أوضاع السوق وتعالج كثيراً من الممارسات الخاطئة في السوق وعندما ينضبط السوق عبر آليات تقوم الدولة الآن بدراستها وتطبيقها لاحقاً.. ووضع برامج أعلن عن البعض ولم يعلن عن الآخر.
لابد من التفاؤل والأمل والنظرة الجميلة للحياة.. لقد جئنا إلى الحياة فقراء - ضعفاء - جهلاء، وكان الله معنا وما زال يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى، فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} الآية.
اعقلها وتوكل.. أخي الحزين أختي الحزينة.. تأكدا أن الله قادر على تحسين الأوضاع وتغيير الأمور فهو أرحم بنا من أمهاتنا (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) الآية. وعلينا تعلم الدروس وعدم الدخول في جميع الأمور إلا بعد دراسة وتأنٍ وتأمل وتفكير.. وتخطيط واستشارة. الحياة مدرسة والذكي من يحول مصايبه إلى نجاحات.
الإيمان بالله ممارسة الرياضة، الخروج من دائرة الحزن أيّاً كان.. التعرف على أجواء جديدة التفكير في مشروعات متنوعة اكتشاف الذات. إن المصيبة قد تكون خيراً عظيماً إذا ما فتحت أبواب الفكر والأمل والبحث من جديد عن النجاح مع الإيمان بمقولة (دوام الحال من المحال) فتفاءل أيها الإنسان.. تفاءل.. تفاءل.. تفاءلوا بالخير تجدوه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved