أُحيي الأخ الفاضل أيمن النفجان على تعقيبه وإفادته في (وراق الجزيرة) على مقالٍ لي في تحديد قبر حاتم الطائي نُشِرَ في الوراق، بَيْدَ أنَّه لو تَمَعَّن في نصوص المتقدمين وبما ربطته في البحث لاستغنى عن نصف ما كتَبَ، ولَمَا جرَّه ذلك إلى تحميل أبي علي الهجري ما لم يقله، ولَمَا جنَى على أبي الفضل في فهمه لنصِّه في المسألة، بل ولمَا أبعد النجعة في إدخال رسم النقبين في محل النزاع، وَلَمَا جعل المتقدمين يختلفون في موطن لم يختلفوا فيه.
ولَمَا كررَّ النقل دون تفصيل.. إلى غير ذلك.
وهنا أضع الملحوظات باختصار شديد ليمسك الأخ أيمن بزمام المسألة ويراجعها بتدقيق:
1- لم يفرق الأخ النفجان بين الخلاف في تحديد المواضع المذكورة والخلاف في تحديد القبر، وهما مسألتان متغايرتان، فلا يكاد يوجد خلاف في تحديد الأماكن المذكورة إذا طُبقت سوى رسم عوارض وقد أشرت إلى ذلك، وإنما الخلاف في نصوص تحديد القبر.
2- يرى النفجان أنَّ أبا علي الهجري أبدل الألف واواً في لفظة (أظايف) وهنا حَمَّل النفجان الهجري مالم يقله، وما عرف النفجان أنها واو الابتداء لا إبدالاً للألف!! وقد أشار الجاسر في المعجم إلى من يحذف الألف تسهيلاً فتكون (ظايف).
3- تحديد الهجري وتطبيق الجاسر في تحديد (أظايف) في المعجم متوافقان، بينما النفجان يجعلهما مختلفين، لأن النفجان لم يفهم مراد الهجري بقوله (ليس قربه جبل) أي لا يُلاصقه جبل، ولو رأى النفجان ما بين جبلي (أظايف) و(القاعد) لما أطلق هذا الحكم، وهنا تأتي فائدة تطبيق النصوص الجغرافية على الواقع.
4- يقول النفجان (جزم الرديعان أن مسكن حاتم وقبره في تنغة أو جبل أضايف القريب منه)، لو جمع النفجان بين نصيِّ الإسكندري والهجري ودقق النظر جيداً لما نسب الجزم إليَّ، بل سينسبه إليهما.
5- أدخل النفجان رسم النقبين في المسألة ولا أدري ما شأنها في المسألة فضلاً عن أن يكون تصحُّف (تنغة) إلى (نبق) ثم إلى (نقبان) مُحِدداً لقبر حاتم أو مسكنه، فهل نتمسّك بهذا الاحتمال الواهن لتدخل النقبين في مسألتنا ونهمل نص ياقوت في أنها داراً لسنبس لتخرج من نطاق بحثنا؟.
6- يقول النفجان: (أما أبو الفضل فذكر أنها منهل من مناهل بني عدي نزلها حاتم ولم يقل إنه سكنها أو مات فيها)، أقل الباحثين معرفةً في فروع طيء يعرف أن المقصود ببني عدي هم قوم حاتم، وأقل الدارسين في شأن القبائل يدرك أن قول العرب (نزل بنو فلان في كذا) أي أنها من مساكنهم، فعلى أي شيء يستند الأخ أيمن بهذه الدعوى التي جنى فيها على أبي الفضل؟!!
7- الشيخ الجاسر لم يبحث مسألة قبر حاتم بحثاً مستقلاً ولم يحسم رأيه فيها ولم يرجح شيئاً، وذلك في آرائه المبثوثة في المعجم وغيره، والشيخ كان رحالة يدوِّن كل ما تعلق بالمواضع، بل إن الذي يجمع بينها يرى تضارب رأيه في تحديد القبر - وقد أشرت إلى هذا في البحث - بل قال في تعليقه على كتاب نصر (1-231) في توارن (وفيها قبر يُزعم أنه قبر حاتم)
وقبل ذلك ذكر الأقوال في تحديده دون ترجيح، والنفجان يرى أن الجاسر رجَّح المسألة دون أن يذكر نص الترجيح، ولن يجده لو بحث.
8- قال النفجان: (إن جبل عوارض الذي ذكر العديد من متقدمي الجغرافيين أن قبر حاتم به كالقيسي والبكري والخوارزمي الزمخشري وغيرهم)، الذين قالوا إن القبر في عوارض هم أبو رياش القيسي والزمخشري فقط والبكري والخوارزمي ينقلان عنهما، ولو أمعن النفجان النظر في مقالي لعرف أن الأكثر خلاف ذلك.
9- لا أدري من هم المتأخرون العديدون الذين بحثوا مسألة قبر حاتم عند النفجان؟ فلم يذكر سوى صاحب القول السديد، على ما في نصه من التجاوزات في تسمية شمَّر القبيلة الآن بأبي قيس بن شمر الطائي وليس مجاله هنا.
10- الأخ النفجان التفتَ إلى الاحتمالات الخارجة عن محل النزاع واستشهد بقلاع آل زميل من شمّر، والبيوت الطينية التي لا تتجاوز عمرها 300 عام إذا بالغنا، وأمام ناظريه نصوص متقدمين محصورة في أماكن معينة حُدِّدَ القبر فيها.
11- أجا فيها من الأمنعة ما يُحير العرب الغزاة في شمالها ووسطها وجنوبها.
أخيراً: أكرر شكري لأخي أيمن، وأتشرف بزيارته لي في حائل لكي نُطبقَ نصوص المتقدمين سوياً على المعالم الموجودة، وليس من رأى كمن سمع. والله من وراء القصد.
للتواصل مع الكاتب
|