من باب الإنصاف.. فقد أشدت هنا في مقال الأسبوع الماضي بقدرات وشجاعة الحكم الشاب شاكر الطويرقي في اتخاذ القرارات الجريئة والصعبة دون وجل أو رهبة.. والأجمل أنها على قدر كبير جداً من الصواب.
وأشرت في معرض إشادتي بإمكاناته وقدراته التي تبشِّر بقدوم نجم لامع في سماء التحكيم.. إلى أنه يذكِّرني بالبدايات الجميلة للحكم الدولي عبد الرحمن الجروان.
وقد عنيت ببدايات الجروان تحديداً.. تلك التي جسدها وطبَّقها عملياً قبل أن يتقلّد الشارة الدولية.. إذ إنه وبمجرد أن تقلَّد الدولية سرعان ما تحول بقدرة قادر إلى شخص آخر غير ذلك الشخص الذي عرفناه أكثر شجاعة في الحق.. وأكثر دقة وتجرداً في اتخاذ القرارات الأكثر عدالة.
* كل هذه المميزات ظل الجروان يفتقدها مع مرور الوقت الواحدة تلو الأخرى.. ليحل محلها التردد والارتباك والاعتساف.. وعدم القدرة على ضبط المخالفات القانونية بعين المحايد إلى حد الانطباع بانحيازه لطرف على حساب الآخر(؟!!).
* وللأمانة.. وقياساً على حجم التراجعات والتنازلات التي أضحت تُسجَّل على أداء الكابتن الجروان.. فقد توقّعت ميلان كفته لصالح فريق الاتحاد مثل غيره وكنتيجة للحملة المسعورة التي شنَّتها عليه الأقلام الصفراء وما تزال.. على خلفية لقاء الهلال والوحدة الموسم الماضي.. وما تخلَّل تلك الحملة ذات الأهداف المتعددة من افتراءات ودعاوى كاذبة وشهادات زور(؟!!).
* ولكنني لم أتوقّع أبداً أن يكون (ميلان) الجروان المنتظر على ذلك القدر من الانهيار المريع (؟!!).
* فمن الواضح أن حكمنا الدولي كان يعاني من وطأة الوقوع بين مطرقة افتراءات وأكاذيب الإعلام الأصفر وبين سندان الرغبة في دحض تلك الأكاذيب والافتراءات.. فكان لا بد أن يدفع الهلال تحديداً ثمن فاتورة رغبة الجروان في التخلّص من أعباء تهمة مجاملة الهلال بجزائية أهلته لنهائي كأس ولي سمو العهد على حساب الوحدة الأكفأ والأكثر أهلية وإمكانات بكل المقاييس من الهلال صاحب الإمكانيات والقدرات المتواضعة حسب ما تضمنته معظم البكائيات وشهادات الزور التي طالعتنا بها صحافة (حُط بالخُرج) وبأقلام كُتَّاب آخر الليل (؟!!).
* ولعل الأهم من مجرد التدخل بتوجيه مؤشر صيرورة نتيجة هذه المباراة أو تلك سواء من قبل الجروان أو سواه من حكامنا.. رغم فداحة وقبح الفعل وخصوصاً إذا لم تكن عفوية.. وإنما حدثت إما نتيجة تخاذل.. أو لرغبة في إثبات عكس دعاوى كاذبة.
* أقول لعل الأهم من ذلك.. بل أؤكد على كونه الأهم هو: أن مثل هذه الممارسات تأتي على حساب قائمة طويلة من القيم التي لا يفترض التضحية بشيء منها لأي سبب من الأسباب والتي من أهمها (سمعة) منظومة رياضية بحجم الكرة السعودية وتعريضها للأقاويل المتربصة هنا وهناك (؟!).
* فهل يعي الدولي الجروان وبقية حكامنا هذه المسلّمات(؟!!).
***
وللزيد كلمة
* يعلم الله أنني احتفظ بالكثير من الاحترام والتقدير للحكم العالمي سابقاً والخبير القانوني حالياً الأستاذ عبد الرحمن الزيد.
* وكثيراً ما تعاطفت معه في العديد من المواقف وخصوصاً بعدما اقتصر دوره الجماهيري على التحليل القانوني لأداء الحكام من خلال برنامج صافرة التلفزيوني كانعكاس لحجم التجني البيِّن الذي يناله من قبل البعض دون وجه حق.
* إلا أنني في بعض الأحيان أشعر بأن الأستاذ الزيد يسحب الكثير من رصيد الود الذي أحمله له عنوة (؟!).
* ذلك أنه حتى بعد أن انحصر دوره على التحليل القانوني.. وبالتالي لم يعد لما يورده من مرئيات وفتاوى قانونية في هذا السياق أي تأثير مباشر أو غير مباشر على مجريات الأحداث ميدانياً.. على اعتبار أن تحليلاته المتلفزة لا تعدو عن كونها تثقيفية بالدرجة الأولى سواء بالنسبة للحكام أو الجماهير.. ثم الإنصاف المعنوي لأنصار الفرق المتضررة.
* ومع ذلك ظل وما زال يتعامل مع الوقائع والأحداث القانونية التي يكون الهلال طرفاً فيها بالكثير من التحسس والحذر والتحسب المبالغ فيه حد (التهرّب) أحياناً، ومجاملة ومحباة خصومه على حسابه أحياناً أخرى (؟!).
* وكم هي الملاحظات التي دوّنتها في هذا السياق طوال المواسم الماضية وحتى اللحظة.. ولكنني كنت التمس لخبيرنا العالمي بعض الأعذار لاعتبارات تخصني وحدي وعلى أمل أن يتبدل الحال ولكن.
* أما وقد بلغ السيل الزبا كما تقول العرب.. ولم يعد ثمة من الأعذار العامة أو الخاصة ما يمكن أن يوضع متكأً للاستمرار في الإجحاف المعنوي المتعمّد بحق الهلال وأنصاره من قبل حبيبنا (أبو زيد) كامتداد للإجحاف والظلم الذي يتعرض له ميدانياً على أيدي قضاه الملاعب الذين كان آخرهم الجروان (؟!).
* ولعل من أهم أوليات الاعتبارات التي ذكرتها آنفاً والتي ظلت تحول دون الإشارة إلى قسوة الزيد بحق الهلال كل هذه المدة هو: تقديري لحجم الضغوطات التي يعاني منها بسبب هلاليته السابقة.. وكأنه الوحيد من بين المنتسبين للوسط الرياضي الذي له ميوله الخاصة.. في حين أن البقية (ما شاء الله تبارك الرحمن) لا ميول لهم ولا هم يحزنون (؟!!).
* وبالتالي ظل الزيد يستسلم ويستجيب لهذه المقولة سواء بقصد أو بدون قصد.. حتى عندما يقوم بتفنيد الأخطاء التي تقع على الهلال خلال مجريات المباريات.. إذ يحاول تبريرها وتبسيطها بقدر المستطاع لحساب الأطراف الأخرى تحاشياً للقيل والقال.. وليته سلم (؟!).
* ولنخذ هنا بعض الأمثلة من آخر فصول المسلسل الطويل.. وأتساءل.
* هل كان الأستاذ الزيد سيقول إن البطاقة الصفراء كافية بحق إبراهيم سويد لو أن انقضاضته بركبته على صدر حارس الهلال الشمري بتلك الطريقة.. قد نجم عنها تهشيم قفصه الصدري - لا قدَّر الله - أو أن الذي قام بتلك الانقضاضة هو عمر الغامدي مثلاً بحق النتيف (؟!!).
* أم أنه كان سيبادر بالقول إن ذلك الدخول من الخطورة والإهمال والتهور ما يستوجب الطرد على أقل تقدير (؟!).
* نفس السؤال لا بد من طرحه حول حالة تكر مع كماتشو.. وحالة الثنائي فلاتة ومنتشري مع التمياط.. لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار مصطلح الزيد الذي يردده دائماً والذي يقول (هل ننتظر حتى يتم إعطاب اللاعب ثم نقوم بإيقاع العقوبة بعد خراب مالطا)؟!
* إذن: نحن لا نطالب الزيد بإعطاء الهلال أكثر من حقه.. بل نطالبه بالمساواة والعدل ما أمكن في تناول القضايا التحليلية.. وبعدم المشاركة في ظلم الهلال.. وبعدم تجاهل بعض اللقطات المهمة التي من شأن عرضها إنصافه ولو معنوياً والتي كان من آخرها بعض أحداث لقاء الهلال والنصر الأخير وما تخلّله من وقائع تم حذفها وحجبها عن التحليل والعرض المفترض.. مع التأكيد على أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
|