قمة الخرطوم والأمن العربي

يواجه القادة العرب بعد غدٍ الثلاثاء في اجتماع القمة العربية المنعقدة في الخرطوم ملفات عربية وإقليمية ساخنة لا يحتمل حلها مزيداً من التأخير، ولا سيما أن ثمة أبرياء يقتلون كل يوم في ظل الاحتلال كما هو حاصل في فلسطين التي تواجه تهديدات فعلية بقطع الأموال عنها وتدمير اقتصادها وما يجره ذلك من معاناة للشعب الفلسطيني، كردة فعل على فوز حماس بالانتخابات التشريعية. والعراق البلد العربي المحتل الآخر الذي يُخشى عليه من وقوعه في براثن حرب أهلية تغذيها التناحرات الطائفية التي فجرها الاحتلال.
كما أن هناك قضايا عربية أخرى متفجرة كاستمرار الأزمة السياسية في لبنان التي زادت حدتها بعد مقتل رئيس وزرائها الأسبق رفيق الحريري، وما جره ذلك من تداعيات دولية سمحت بالتدخل الأجنبي في هذا الجزء من المنطقة العربية، وإساءة العلاقات بين بيروت ودمشق. وفي السودان البلد المضيف الذي يواجه تحركات دولية برعاية الولايات المتحدة لإرسال قوات أجنبية إلى إقليم دارفور المضطرب، هذا عدا عن الأزمة الناشبة بين إيران والمجتمع الدولي حول الشكوك المتعاظمة عن نية طهران إنتاج أسلحة نووية، وما تخلفه هذه الأزمة من تهديد مباشر لدول منطقة الخليج العربي.
وفي ظل هذه الظروف الأمنية الخطيرة، فإن العالم العربي بحاجة ماسة اليوم إلى نظام قوي وفعال يحقق السلم والأمن في منطقته المتفجرة التي تعاني منذ القدم من تدخلات أجنبية ذوات مصالح قد لا تتماشى مع المصلحة العربية، بل وقد تأتي ضدها. ولابد لنجاح هذا النظام الأمني العربي أن يشتمل على الإجراءات الوقائية الكفيلة بمنع الأزمات قبل أن تندلع، من خلال تفعيل الطرق الدبلوماسية وغيرها من الطرق التي تساعد في تهدئة الأوضاع قبل أن يستفحل شرها.
إن المنطقة العربية بحاجة ماسة إلى أن تتفرغ إلى معالجة أوضاعها الاقتصادية والصحية والبيئية وغيرها من الأوضاع المعيشية، والتي لا تصل إلى المستوى المأمول، بسبب تورط المنطقة العربية في خلافات وصراعات مسلحة تعمل على تأجيجها التدخلات الدولية التي تجعل السيطرة على هذه الصراعات خارج نطاق القدرة العربية.