لقد نزلت معظم الشركات 90% من قيمتها، لقد تحوَّل عدد جم من المواطنين من أثرياء إلى فقراء مدقعين، بل إلى مدانين تلاحقهم البنوك، وتتعقَّبهم المحاكم الشرعية. ليس هذا بالأمر اليسير، كيف لا وقد تبخّرت ثروات طائلة تم جمعها على مر السنين، فتحوَّلت في لحظات قلائل إلى سراب بقيعة يحسبه الظمئان ماءً. وإن لم يتدخّل أهل الحل والعقد، فإنّ ذيول هذا الوضع تنذر بآثار وخيمة، خاصة وأنّها عامة على الجميع. لن تخفف منها الملامات التي توزع بالمجان في أخطاء من استثمروا في الخشاش، فهذا قد تم تحت سمع وبصر من يوجِّه اللوم، لقد كان حاضراً أثناء الارتفاعات الخيالية وكان يتفرج عليها أياماً متوالية، بل شهوراً ولم يفعل شيئاً. وكان يعلم آثار الالتزامات الحكومية على مستوى العالم ومترتباتها، وآثارها على سوق المال، فكيف لم يحم الأمّة من تلك الآثار قبل وقوعها. وهذا الشيء يجعلنا نتحدث عن الشفافية الغائبة، فمن هم الذين يشترون بكميات كبيرة في لحظات غريبة في السوق؟؟ مثلاً آخر 6 ثوانٍ؟؟ من هم؟ ما أهدافهم؟؟ كيف يجوز أن يغلق المؤشر أخضر في آخر ثانية في حين أنه يترنّح على النسبة الدنيا طوال النهار؟ وهذا تكرر أكثر من مرة؟؟ ما المغزى من وراء ذلك؟ من الذي يفعل هذا؟ أليس من حق ملايين المساهمين التعرُّف على هذه الجهة؟؟؟ أين الشفافية هنا؟.
لست بحاجة إلى الحديث عن قرارات الهيئة وأخطائها، فنسبة الـ 5% مثلا أغلقت الأبواب على المساهمين فلم يمكنهم البيع بل صاروا يراقبون ثرواتهم تذبح بدم بارد، ولا يمكنهم أن يفعلوا شيئاً، ومن قبلها إلغاء الكسور العشرية في التداول أدى إلى تسريع عملية الصعود بشكل كبير؟؟؟ وهذان القراران متناقضان في الآثار، ولذلك فإنّ اتخاذهما في نفس الوقت تقريباً يثير كمية كبيرة من علامات الاستفهام؟؟؟.
ولذلك فإنّني أضع الأمر بين يدي من بيده القرار، فتحول الملايين إلى معوزين محبطين، أو مطلوبين مطاردين، وفيما لو شعروا بأنّ أحداً لم يقف معهم، لا شك أنّه سوف يسبب شرخاً خطيراً في نفوسهم ومشاعرهم.
عجزت أن أفهم لمصلحة من؟ عجزت أن أفهم التناقضات بين إعلانات تهدف إلى زرع الثقة وتصرُّفات تهدف إلى قمع السوق وإخراسة؟؟ عجزت أن أفهم الأيدي التي تضخ بالصفقات الهائلة لقمع المؤشر وتنزيله، وضدها الصفقات الكبرى التي ترفع المؤشر في لحظات ؟؟؟ ألا يحق لنا أن نعلم شيئاً؟ لا يلزم أن نكون مساهمين حتى نتساءل؟؟ فهذا الشيء يهز وطننا وأمننا ونظامنا الاجتماعي بعنف!! إنّه يقلقنا ويجعلنا نفقد الثقة بالسوق! من الذي يمكنه أن يتنبّأ؟؟ وصلت الأسعار إلى قيم متدنية لكنها لم تتوقف؟؟ فمتى تتوقف؟؟ من يجيب على هذا السؤال؟.
اتفقنا، شركات الخشاش تنهار، فلماذا تنهار القياديات وغيرها؟؟ هل تجرؤ الهيئة أن تقول إنّ سوقها كله خشاش؟؟ ألستم أنتم من أدرج هذه الشركات في السوق؟ ألستم أنتم من سمح لها بزيادات في رؤوس أموالها، وكنتم على اطلاع بكل قوائمها المالية؟؟ فلماذا تجعلون منها شماعة تعلِّقون عليها محنة الأمّة برّمتها؟.
ثم لنقل إنّها خشاش، لم يتمكن المواطنون المغلوبون على أمرهم من البيع! فهل حاسبتم تلك الجهات التي تضخ بمئات الألوف من الصفقات لإغلاق الباب أمام الآخرين وبالتالي إركاع المؤشر بالقوة؟؟ لماذا يضعون تلك الأوامر الكبيرة؟ وعلى عدة أيام متوالية مع أنّ التنفيذ لا يتجاوز بضعة أسهم؟؟ هل هم لا يعرفون أبسط الأبجديات؟؟ نريد تفسيراً شافياً.
إنّ الحل الوحيد في نظري في الوقت الراهن في محاولة لمحو الآثار المشار إليها، هو أن يترك السوق يتحرك (بحرية) ويعود ولو جزئياً إلى وضعه السابق، كما يلزم المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أن تمنع البنوك من تسييل أموال المقترضين مهما كلّف الأمر، ويجوز لها أن تتخذ إجراءات مستقبلية لمنع تكرار الاقتراضات أو الحد منها، لكن وضع السوق المفاجئ ومنعه للمساهمين حق البيع ولو بخسارة من خلال نظامه، وقرارات هيئته غير المدروسة الآثار، يحتم أن يكون هناك حل لهذه المعضلة مهما كانت خاطئة في الأصل، فليس من المعقول أن تسمح للمقترض وتضع نظاماً يفترض فيه حمايته وحماية البنك، فإذا بالنظام لا يحميه ولا يحمي البنك.
ولذلك فالمأمول أن تتدخّل الدولة بقوة لإعادة القروض التي تم تسييلها والاتصال بأصحابها، وإعادة الأموال التي طلبتها البنوك من المقترضين لتعديل أوضاعهم، فلم تكن هناك جائحة أو كارثة حقيقية تعطي المبرر للبنوك للمسارعة في التسييل، وإن كان في الأصل هناك قرار يبرر لها مثل هذا التصرف. إنّ الوضع يقتضي تدخُّل الدولة لمساعدة المتضررين، وأملنا كبير أن نسمع مثل ذلك، من أجل رفع ثقل هذه الجائحة عن كاهل المواطنين الذين تسعى الدولة - كما هي دائماً - من أجل تحقيق رخائهم وسعادتهم.
إنّ أملنا كبير بعد الله، بقياداتنا الرشيدة والحكيمة، بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز أن يتم تدارك الوضع قبل تفاقمه وتفاقم آثاره، وأن تقف قيادتنا الرشيدة مع مواطنيها في محنتهم، فهذه سمتها على مرِّ التاريخ، ولا نأمل أقلّ من ذلك.
|