Sunday 26th March,200612232العددالأحد 26 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"دوليات"

أضواء أضواء
رحيل مربّي الجيل
جاسر عبدالعزيز الجاسر

الشيخ عثمان الصالح.. لم يكن مربياً فقط، ولا معلماً ينحصر دوره في تلقيم الطلبة العلم، ولا مصلحاً اجتماعياً يكرس وقته للإسهام في حل مشكلات المجتمع، ورجل خير يهب لمساعدة الآخرين دون أن يطلبوا ذلك، ولا صديقاً للجميع يختزن قلبه الكبير حب الجميع.. عثمان الصالح كل هذا وأكثر.
رجل تسبقه دائماً ابتسامته المشعة، وما أن يصل إليك حتى يبادر بمد يده ويخاطبك ببشاشته مرحباً بك، مبادراً بالسؤال عن أحوالك، مشيداً بآخر أعمالك، فإن كنت صحفياً، ذكرك بما قمت به من تحقيقات، أو أخبار نشرتها، أو مقال كتبته.
تشعر وأنت بين يديه، بأنه لك وحدك، يعطيك كل اهتمامه ويتبسط معك في الحديث وكأنك أنت (المعلم) وهو (التلميذ). يحب أن يسمع منك ويشعرك أنه يتعلم منك في حين هو يعرف أكثر منك!!
تلك صفة العلماء الذين دأبهم التواضع.
قبل أن يقعده المرض، كان لا يتخلف عن أية مناسبة، المحاضرات الثقافية، كان أول الحضور، المناسبات الاجتماعية لا يتخلف عنها مهما كانت الأسباب، ليس في الرياض فقط، بل يتحمل عناء السفر والترحال ويسافر إلى مدن المملكة المختلفة لحضور ندوة ثقافية، أو حفل أدبي، وحتى مناسبة اجتماعية.
أما في علاقاته مع جيرانه وأصدقائه فتروى عنها القصص التي تصلح أن تؤلف عنها الكتب، وجميعها تحمل العبر والمضامين الإنسانية الخيرة التي لا يعرفها إلا الدائرة الضيقة المستفيدة من مساعدته وأعماله الداعمة للمحتاجين.
يذكر أحد جيران الشيخ عثمان الصالح عندما كان يقيم في شارع الخزان، أن مدينة الرياض كانت تعاني من انقطاع المياه فيضطر السكان إلى شراء المياه وجلب (الوايتات) التي يحتاج من يحضرها إلى الوقوف في (الدور) فضلاً عن ارتفاع أسعارها، وبما أن الشيخ عثمان الصالح رجل له كثير من المعارف ومحبوب لا يرفض له طلب، فقد كان يحضر (وايتات) المياه لجيرانه حسب اتفاق مسبق مع أصحاب بيع المياه، وطبعاً كان الشيخ هو الذي يدفع الثمن، حيث يتم سقي جميع البيوت ويكون منزل الشيخ عثمان آخر المنازل التي تتزود بالماء.
نحن أبناء (الجزيرة) الجريدة والمؤسسة لنا ذكريات ومواقف كثيرة مع الشيخ عثمان الصالح الذي كان يحرص عند زيارته لمبنى المؤسسة، وكان كثيراً ما يقوم بزياراته المحببة للجميع.
أقول كان يحرص أن يمر على الجميع، يلاطف هذا، ويثني على أعمال ذاك، ويمتدح مقالاً لآخر.
قلب عثمان الصالح الكبير، ومحبته للجميع يجعله يثني كثيراً ويزيد في الإطناب حتى حسبه الذين لا يعرفونه أنه يجامل، ولكن الرجل يحب أن يفرح الآخرين ويجعلهم سعداء عند لقائه.. وفعلاً كنا سعداء حينما نقابل الشيخ عثمان الصالح.
واليوم إذ نودعه لا نملك إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ونبتهل إلى العلي القدير أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved