Sunday 19th March,200612225العددالأحد 19 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

رحمة الملك عبدالله تغرس الفرحة في نفوس المواطنين رحمة الملك عبدالله تغرس الفرحة في نفوس المواطنين
فضل بن سعد البوعينين

(بداية أود الإشارة إلى الخطأ الفني غير المقصود الذي طال عنوان مقالتي التي نشرت في عدد الأمس بعنوان: (الملك يعيد الثقة لسوق الأسهم السعودية)، حيث إن الإخراج الفني أضاف خطأ الثلاث كلمات الأولى التي جاءت في بداية المقالة وهي: (لثلاثة أسابيع متتالية...) إلى العنوان فجاء العنوان مخالفاً لما كتبت أصلاً.. لذا لزم التنويه والاعتذار).
تلقت سوق الأسهم السعودية الدعم الأكبر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أعاد لها توازنها واستبدل مسارها الهابط بمسار تصاعدي أدخل البهجة والسرور على نفوس المواطنين.
لن أتحدث في هذا السياق عن الأرقام الصماء، ولا عن التدخلات الحكومية ونظريات المنظرين، بل ولا عن قناعات المسؤولين والأكاديميين والصحفيين الذين كانوا خارج اللعبة مما جعلهم يكونون أكثر قسوة على المتضررين من المواطنين والمواطنات.
سأتحدث عن قلب الإنسان، قلب الملك الكبير الذي لا يمكن أن يتحمل أحزان شعبه دون أن يعالجها، أو أن يقبل بتحميلهم فوق ما يطيقون، بغض النظر عن علاقتهم بما حدث، إنه القلب الكبير الذي بادل شعبه الحب فبادلوه حباً وإجلالاً.
ثلاثة أسابيع مضت كان فيها المواطنون يعيشون تحت ضغوط نفسية لا يعلم بها إلا الله، تزداد سوءاً كلّما ازداد مؤشر الأسعار تدهوراً، حتى استبد بكثير منهم اليأس والقنوط والعياذ بالله، خصوصاً أولئك الذين اقترضوا من البنوك من أجل تحسين أوضاعهم المالية.
لم يكن الوضع طبيعياً من حيث الاهتمام الشعبي، لذا كان التدخل الملكي استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة.
عندما يعقد مجلس الاقتصاد الأعلى من أجل مواجهة أخطار سوق الأسهم، وتسبقه اجتماعات ومداولات من أجل الوصول إلى الحلول الناجعة التي تخفف من هلع المواطنين والمواطنات، وتصدر التوجيهات الملكية بمناقشة وضع السوق والاجتماع برجال الأعمال المرتبطين بسوق الأسهم، ثم تصدر القرارات الملكية الداعمة للسوق، فإن ذلك يدخل ضمن الخطوات الاستثنائية التي يتخذها الملك من أجل الشعب، ولا أقول من أجل الاقتصاد، فالاقتصاد له لعبته الخاصة التي قد لا تتطابق دائماً مع رغبات المواطنين. لن أتقول على الملك، فكل القرائن والتوصيات كانت تشير إلى سلامة الموقف بحسب وجهات نظر بعض المسؤولين والمختصين، بالرغم من الانحدار الحاد للمؤشر.
في الوقت الذي لم يكن فيه الوضع النفسي والاجتماعي للمواطنين والمواطنات متناغماً مع وجهات النظر الاقتصادية. فمؤشر النفسيات العامة كان يرسل إشارات الخطر من خلال القصص المأساوية التي انتشرت من خلال الصحف ومن خلال الأجهزة النقالة. مشاهد ونداءات مؤلمة كانت محصلة الأسابيع الثلاثة. مؤشر النفسيات والأوضاع الاجتماعية لم يكونا كمؤشر السوق والمؤشرات الاقتصادية الأخرى، فهو مؤشر يمتاز بمواصفات خاصة قلما تجد من يفهمها أو يستوعبها في لحظتها. هو كالداء الخفي الذي يبدأ في النمو في غفلة عن أعين الأطباء. أما الطبيب الحذق فهو الذي يستطيع تشخيصه قبل الآخرين، ثم يتدخل لوقف مضاعفاته من خلال العلاج الناجع.
قلب الملك هو الذي استطاع أن يحلل مؤشر النفسيات والأوضاع الاجتماعية للمواطنين والمواطنات، وهو الذي تحمل همومهم وآلامهم دون أن يرجع إلى الأسباب والمسببات التي قادتهم إلى ذلك. قلب الملك هو قلب الأب الرحوم الذي يتجاهل أخطاء أبنائه بمجرد تعرضهم للخطر فيقدم على نجدتهم من شرور أعمالهم مهما كلف الأمر.
قلب الملك الحاني هو الذي يتناسى قسوة الأبناء بعضهم على بعض فيرحم الضعيف وينتصر له، ثم يأخذ بيد القوي ويكف آذاه عن الآخرين بحكمة ورحمة، وهو القادر على إنفاذ حكمة ومعاقبة المتسببين. أيام مشرقة عاشها المواطنون والمواطنات، انتشرت بينهم عبارات التهاني والتبريكات، وكأنهم في مواسم الأعياد. إنه عيد الوطن وعيد المواطنين، هل هناك أعظم من عيد فيه ترسم البسمات على الشفاه وتملأ القلوب بالأفراح وتتفتح الأعين على إشراقة شمس الحياة بعد أن تكحلت بسواد الليل لأسابيع طوال.
أنقل ما أرى وأسمع، ولا أكتب إنشاء، فما رأيته وسمعته في الأمس أكبر من أن أستطيع كتابته في لحظات، وما استلمته من رسائل إلكترونية كثيرة لا يمكن نقله في هذه العجالة، خصوصاً أنه من الحب المتطرف الذي لا يمكن ترجمته بسهوله. جماعات إنسانية تتصرف لا شعوريا تقفز إلى صورة الملك تقبلها في صالات التداول، وهو ما نقلته بعض الصحف اليومية، ونساء يرفعن الدعوات إلى الله وأخريات يبكين من هول المفاجأة السارة التي عقدت ألسنتهن. بساطة الملك وإنسانيته جعلته أكثر قرباً إليهن، وأكثر تحسساً لحوائجهن من الآخرين.
كنت على ثقة تامة بتدخل الملك لتصحيح وضع السوق من أجل شعبه أولاً وأخيراً، ولا يمكن أن أقول غير هذا، وهو ما نقلته في أكثر من مناسبة. وها هو الملك الإنسان المحب يضع النظريات والأرقام جانباً ثم يشرع في ترميم المجتمع ويعيد له بسمته وأمله من خلال ترميم سوق الأسهم بوصفته الإنسانية النفسية لا بالوصفات الاقتصادية التي يعتقد بها الكثير. المُلك يقاس بالرحمة، ورحمة الملك عبدالله جعلته متربعاً في قلوب شعبه ملأ السمع والبصر، يرفعون إلى الله الدعوات بأن يحفظ لهم خادم الحرمين الشريفين.
قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(159) سورة آل عمران. صدق الله العظيم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved