Sunday 19th March,200612225العددالأحد 19 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

هل كان الانهيار السابق إحجاماً نفسياً أم نقصاً في السيولة؟ هل كان الانهيار السابق إحجاماً نفسياً أم نقصاً في السيولة؟
و تجزئة الأسهم يمكن أن تدعم استقرار السوق

* الجزيرة: د. حسن الشقطي
رغبة من القيادة الرشيدة في الخروج من أزمة انهيار السوق وحماية المستثمرين من تحقيق المزيد من الخسائر صدرت التوجيهات السامية بضرورة دراسة تخفيض القيمة الاسمية وتجزئة الأسهم. ونسعى في هذا المقال إلى دراسة مدى الآثار المحتملة لصدور قرار تجزئة الأسهم، تمهيداً للتوصل إلى بعض التوصيات التي يمكن أن تلطف من سلبياته إن وجدت، وتعزز من إيجابياته.
مفهوم تجزئة الأسهم
يشير مصطلح تجزئة الأسهم إلى قيام الجهات المعنية لسوق الأسهم (هيئة السوق المالي) بتجزئة الأسهم بالسوق، أو ربما قيام شركة معينة بتجزئة أسهم الشركة. ويترتب على هذه التجزئة زيادة عدد الأسهم المكونة لرأس المال دون أن يصاحب ذلك زيادة في حقوق الملكية، وهو ما ينجم عنه انخفاض في القيمة السوقية للسهم.
متى تكون تجزئة الأسهم
الخيار الأمثل؟
يمكن أن تكون تجزئة الأسهم خياراً مناسباً عندما تعاني سوق معينة من تراجع أو نزول حاد في أسعار الأسهم بشكل غير منطقي، الأمر الذي يجعل تجزئة الأسهم خياراً مقبولاً يؤدي إلى زيادة عدد الأسهم المصدرة وخفض قيمتها السوقية، بشكل يجعلها في متناول أيدي صغار المستثمرين، بما يزيد من عدد المتداولين ويدعم عملية استقرار السوق.
كيف يتوقع أن تتم تجزئة الأسهم في السوق السعودي؟
تحت افتراض أنه سيتم تجزئة الأسهم بنسبة 5 إلى 1 وأن عدد أسهم شركة ما قبل التجزئة كان 1.000.000 سهم وسعر السهم قبل التجزئة كان 1000 ريال، فسيصبح عدد الأسهم بعد التجزئة 5.000.000 سهم وسعر السهم بعد التجزئة سيصبح 200 ريال.
وعليه، فمن المتوقع أن يتم تعديل عدد الأسهم المتداولة وأسعار الأسهم في السوق على النحو الآتي:
مؤشرات الأسعار والكميات قبل وبعد التجزئة حسب بيانات إغلاق الخميس 15 مارس 2006
كما هو واضح من الجداول المرفقة تؤدي تجزئة الأسهم إلى زيادة عدد الأسهم المصدرة من خلال تجزئتها وخفض القيمة السوقية المرتفعة لبعض الأسهم، بما يمكن من امتصاص السيولة النقدية وإتاحة مزيد من الفرص لتمكين صغار المستثمرين من تداول الأسهم ذات القيمة الكبيرة، بما يحافظ على هذه الأموال ويمنع هجرتها خارج السوق.
تجزئة الأسهم تشعل
مضاربة الصغار
رغم إيجابيات التجزئة، فعلى ما يبدو أن لها سلبيات وقد تكون كبيرة في الوقت الحالي على الأقل. إذ يتصف سوق الأسهم السعودي في الوقت الحالي وحتى مع النزول الحاد الذي شهده خلال الثلاثة أسابيع الماضية، يتصف بتضخم قيمة رسملة السوق ككل، نتيجة لتضخم القيم السوقية لغالبية الأسهم في السوق، وإذا كانت القيم السوقية المرتفعة لبعض الأسهم يمكن قبولها نظرا لقوة أداء شركات هذه الأسهم، فإن كثيراً من هذه القيم السوقية لأسهم عدة لا يمكن بأي حال من الأحوال قبولها أو حتى تبريرها لذلك، فإن تجزئة الأسهم خلال الفترة الحالية قد يقود إلى زيادة وتعزيز عمليات المضاربة في السوق، الأمر الذي سيقود من المؤكد إلى مزيد من الارتفاع لأسعار هذه الأسهم.
إن تجزئة الأسهم من المتوقع أن تقود إلى ظهور نوع جديد من المضاربين الصغار، نتيجة تمكين فئات كبيرة من صغار المستثمرين من لعب أدوار مضاربية أكثر حدة عن ذي قبل في أسهم كانت بعيدة عن أيديهم. إن محدودية عدد الشركات المتداولة تمكن المضاربين في السوق من التأثير والإيهام بأسعار وطلبات وعروض غير حقيقية في السوق من خلال الطلبات والعروض الوهمية التي يقومون بها، فكثير من المستثمرين في السوق يعولون على الكميات والصفقات في تقييمهم لشراء أو بيع سهم معين، وتجزئة الأسهم سوف تزيد من مقدرة المضاربين في القيام بهذه العمليات الخادعة والوهمية بشكل أكثر سهولة وكفاءة.
تجزئة الأسهم
تزيد حجم الفقاعة
على الرغم من أن تجزئة الأسهم ليس لها تأثير من الناحية الحسابية على قيمة رسملة السوق أو حتى تأثير حقيقي على القيمة السوقية للسهم، سوى بتخفيض قيمته المتداولة، إلا أنها من جانب آخر قد يكون لها تأثير كبير على المؤشر العام للسوق، وأن هذا التأثير من المحتمل أن يكون بمزيد من صعود المؤشر، نتيجة اشتعال عمليات المضاربة على أسهم كانت بعيدة عن متناول الكثير من المضاربين، وبخاصة من صغار المستثمرين. الأمر الذي من المتوقع أن يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في القيم السوقية لكثير من الأسهم التي كانت بمأمن من قبل. فكثير من المضاربين يعتقدون كثيرا في أن أي تغير حتى لو كان بمقدار ريال أو اثنين فقط - في سعر سهم منخفض القيمة يمكن أن يحقق لهم أرباحا كبيرة، في المقابل إن التغيرات السعرية الكبيرة ? بنحو 10 أو عشرين ريالاً - في سهم مرتفع القيمة قد لا تحقق لهم أرباحا مقبولة. لذلك، فإن انخفاض القيمة السوقية للأسهم يمكن أن يكون له تأثير سلبي واسع على ارتفاع قيمة كثير من الأسهم بشكل غير مبرر. الأمر الذي يعزز صعود المؤشر وتكوين فقاعة قد يكون انتفاخها يقود السوق إلى حلقات جديدة من التصحيح والنزول الحاد من آن لآخر.
التجزئة وطوفان السيولة القادم
من الواضح أن خيار تجزئة الأسهم يعد خياراً يسيراً في عكس التيار لدعم سوق الأسهم السعودي، فالسوق لا يزال يعاني من تضخم القيم السوقية لغالبية الأسهم المتداولة.
إن هناك فرقاً كبيراً بين عجز السيولة النقدية المطلق، وبين العجز أو الإحجام عن تداول السيولة. فالأولى تعبر عن انخفاض مطلق يعاني منه السوق والاقتصاد ككل. أما الثانية فتعبر عن حالة نفسية تشير إلى وجود نوع من التشاؤم تؤدي إلى إحجام المستثمرين عن استثمار السيولة النقدية لديهم، وهو ما حدث في الأزمة السابقة. فمشكلة سوق الأسهم السعودية الرئيسة حتى مع أزمة الانهيار السابقة هي الإفراط في السيولة النقدية المتاحة والمتداولة التي تخلق عجزاً في العرض، ومن ثم تتسبب في زيادة الأسعار نتيجة انحسار الطلب.
لذلك فإن معظم أسعار الأسهم بالسوق الآن وبعد تجاوز الأزمة قد بدأت في العودة سريعاً لمستوياتها الطبيعية، وتعبر عن الأداء الحقيقي لشركاتها، بل إن كثيراً منها بدأت تعود للمستويات المرتفعة التي تفوق أداءها الحقيقي.
ومن جانب آخر كثير من أسهم المضاربة بدأ يأخذ طريقه للصعود والتحليق عالياً مرة أخرى، بمعنى أنه من الواضح أن الأوضاع بدأت تعود لمستوياتها من ذي قبل. أي أنه بوجه عام متوقع أن يأخذ المؤشر طريقه للصعود وربما لمستويات قياسية جديدة. بل إن السماح للمقيمين بالاستثمار في السوق من المتوقع أن يضخ مقادير كبيرة من السيولة المتراكمة لديهم، بما يضيف مزيداً من صعود المؤشر.
من هنا إذا أضفنا تجزئة الأسهم إلى كل هذه المعطيات، لتوقعنا أن أزمة تضخم في السيولة قادمة لا محالة وخلال فترة قصيرة جداً.
السيولة الحالية المفرطة + سيولة المقيمين القادمة + سيولة تجزئة الأسهم + محدودية عدد الشركات المتداولة = تضخم حجم السيولة انفجار السيولة
في النهاية فإني أوصي بضرورة إعداد دراسة مفصلة حول تجزئة الأسهم مع الاخذ بالاعتبار تحسن السوق وانتهاء الأزمة، وانتظار دخول السيولة المتراكمة للمقيمين.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved