يتعرض المتلقي لأي رسالة سواء جاءت من محاضرة أو من أغنية أو فيلم أو غيرها إلى رسائل (غير منظورة) مما يسمى رسائل تحت مستوى الوعي اليقظ وتحت الشعور وهي خطرة جدا لأن من يتعرض لتلك الرسائل لا يمكنه أن يتنبه لها فيتقيها باتخاذ الوسائل الدفاعية المناسبة.
ولقد اتهم مثلا منتجو إسطوانات (البوب) في الولايات المتحده بأنهم يبثون رسائل ضمنية أو خفية كتلك الموجودة في جملة (التقط البندقية جربها) وهي رسائل تدفع المراهقين إلى الانتحار أو القيام بأعمال تسيء إلى المجتمع.. وفي أمريكا رفعت قضية ضد شركة (تايمز ورنر) التي وزعت أشرطة بها أغان قيل إنها تحمل رسائل تعزز العدوانية مما حدا بشاب عام 1992م إلى قتل شرطي وقال المحامون: إنه واقع تحت تأثير الأغنية التي كان يستمع إليها.
ترى لو قمنا باستعراض للأغاني الفضائية هذه الأيام سواء بتحريضها المباشرمن خلال كلماتها التي تسوق لقاموس جديد يهدم الذوق والأناقة الفنية ومن خلال مشاهدها المصورة التي تخالف أبسط قواعد الحشمة والتي تدعو بشكل صريح ومبطن إلى مخالفة قيم المجتمع أو برسائلها الضمنية التي توحي بها الكلمات والرقصات التي تهتك أستار العفة ليل نهار.. فبالتأكيد أننا سنجد كتابا ومخرجين ومطربين ومنتجين من المفترض رفع دعوى قضائية ضدهم كما حدث مع شركة (تايمز ورنر) لأنهم يرسلون بوعي أو بدون وعي رسائل غير منظورة إلى المتلقي تؤثر في سلوكه العام على المستوى القريب أو البعيد! ولو قمنا بإعادة الاستماع إلى (بعض) الأشرطة والمحاضرات والخطب وقراءة الكتيبات التي ينتهج بعضها (التحريض) والتي راجت خلال السنوات القليلة الماضية وهي تنتقد المجتمع ورموزه وصحفه بألفاظ حماسية والتي كان بعضها كما في أغاني البوب يبث رسائل تحت مستوى الوعي بما يعني أنها غير (مرئية) فهي أحيانا تدعو إلى (هياج) الشباب لفعل شيء ما ضد المجتمع فهل سنجد تفسيرا لما نحن فيه من سريان الفكر المعادي للمجتمع والمكفر لرموزه الثقافية والفكرية وحتى الدينية المخالفة لرأيه ومنهجه الفكري!
ولو حللنا بعض الأناشيد والتي ما يزال يصدح بها الطلاب والتي تحرض مباشرة على حمل السلاح والرشاش حتى وإن كان الحضور من طلاب المراحل الابتدائية هل سنجد رسائل فوق أو تحت مستوى الوعي أثرت سلبيا على شبابنا!
للأسف مازلنا مقصرين في مسألة (إحلال) أشرطة وكتيبات وخطب وأناشيد ومشاهد مسرحية تدعو إلى تقبل كل منا للآخر ولمحبة أبناء الوطن ورموزه ورجاله وعلماء الدين حتى وإن اختلفنا معهم أو اختلفوا معنا دون تكفير لمسلم يؤمن بالله ورسوله وعلينا إيجاد البديل الإيجابي بعد أن عرفنا أن ساحتنا كانت ملعبا مفتوحا للأفكار السلبية وأن لا نكتفي بالمعرفة فقط بل لابد من العمل من أجل الوطن ولنطوي صفحات تلك المرحلة ونتسلح بقدر كبير من الشجاعة لنتخلص من تأثير الرسائل المرئية وغير المرئية التي ربما مازالت مستقرة في الوعي أو تحت مستوى الوعي عند كثير من شبابنا!
|