لقد أصبح المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يقوم الحرس الوطني على تنظيمه سنوياً في الجنادرية من أهم المحافل الثقافية الجامعة، ليس على مستوى المملكة العربية السعودية فحسب بل وعلى المستوى العربي والإسلامي والعالمي قاطبة، وأصبح معلماً بارزاً من المعالم الدالة على ثقافتنا الإسلامية والعربية ومتابعة تطورها سنة بعد سنة.
الجنادرية... التي اقترن اسمها باسم المهرجان، منطقة لم تكن معروفة إلا لقلة من الناس، ولم تكن تشكل في ذواكر الناس غير مكان يمكن للقلة أن يرتادوه في فصل الربيع للتنزه والرعي لطيب هوائها وجمال الخضرة فيها من خلال عدد من الروضات المتناثرة هنا وهناك على مدّ البصر على مساحات شاسعة، لكنها أيضاً تعد من المناطق الصحراوية الجافة شديدة الحرارة. ولكن وبعد أن ارتبط اسم المهرجان باسمها أصبحت من أشهر الأسماء التي تدل على أهم اهتماماتنا الثقافية والتراثية.ومما لا شك فيه أن هذا المهرجان أصبح حلم كل المثقفين والأدباء العرب للمشاركة فيه، والتعرف من خلاله على أشهر الأدباء والمثقفين العرب وعلى نتاجهم الأدبية من خلال حضورهم الكثيف والملفت كمناسبة للتقريب بينهم على هدف ترسيخ مفاهيمنا الثقافية والأدبية.
ومن أهم الدلالات على أهمية هذا المهرجان أنه يتّخذ من أرض الممكلة مكاناً ثابتاً في الجنادرية، وهذا بذاته تأصيل للدور البارز الذي تقوم به المملكة في هذا الشأن المهم، فالثقافة بمفهومها العام هي هوية الشعوب، وعلى هواها يمكن أن يتلمس الآخرون مستوى هذه الشعوب.
ولأن المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على إظهار الوجه الحقيقي لثقافتنا وأصالتنا المستمدة من روح رسالة الإسلام أنبل الشرائع السماوية، ومن تعاليمه الإنسانية السمحة، فهي بذلك تسعى لتحقيق حضور ثقافي واجتماعي وسياسي إسلامي وعربي كصورة تمثل مصداقيتنا وتحقق وجودنا وتبدي صورتنا الحقيقية أمام العالم، وتنفي عنا التهم الظالمة، وما نتابعه من حرص المملكة وبرعاية دائمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة على إقامة هذا المهرجان سنوياً ما هو إلا بيان واضح على الأهمية القصوى التي توليها حكومتنا الرشيدة لهذا المحفل المهم، وبيان الغاية المرتجاة من وراء هذا المهرجان، لترسيخ القيم النبيلة التي نؤمن بها، وتاريخنا الزاخر بالمفاخر والاعتزاز ونحن على أرض هذه المملكة بتراثنا وتقاليدنا ومنجزاتنا والخصوصية التي يتمتع بها مجتمعنا العربي المسلم.
لقد وضعت المملكة بتصرف لجنة تنظيم المهرجان كل الإمكانيات والمساعدات والتوجيهات ومن كافة القطاعات الحكومية في خدمة المهرجان، ودعوتهم للمشاركة فيه بكثافة مما ساهم في تلوين المهرجان بألوان شتى كلها تنضوي تحت الشعار الثقافي.
ولعلّ من المفيد أن نذكر بأن فكرة إقامة المهرجان بدأت أصلاً من ثقافة تراثية يفخر بها مجتمعنا العربي والسعودي، وهي الرغبة في تطوير مهرجان سباق الهجن الذي كان يقام سنوياً، وللهجن (الإبل) في تاريخنا حضور دائم لما لها من فضائل خدمية للإنسان، رافقته في كل مراحل حياته تقريباً، وجاء ذكرها كثيراً في القرآن الكريم تنويهاً بالخير الذي توفره للإنسان في غذائه وفي حله وترحاله وحمل أثقاله، وفي وبرها وجلودها وعظامها، ولها المكانة وافرة التقدير في ضمائر الناس.ولا ننسى اهتمام المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وتوجيهاته لإقامة مهرجان على شكل متكامل يربط ثقافة المجتمع السعودي المتجددة بأصالته وتراثه الزاخر بالمفاخر الإنسانية، والحاضر، والامتداد الطبيعي المتلازم بينهما كوحدة لا تتجزأ وتعبير مثالي على توجه مجتمعنا إلى العالم الإنساني، وربط الناشئة الى مجتمعهم وقيمهم ودينهم وتراثهم.
يُعد مهرجان الجنادرية من أبرز المهرجانات الإقليمية والدولية ومعلماً بارزاً في أفق الحياة الثقافية العربية والعالمية ويشكل خطوة مضيئة في طريق التقدم والنهوض، إذ يجمع المهرجان فيما يجمع إلى جانب أنشطته الأدبية من شعر ونثر ومسرح ورقص شعبي، وشعر شعبي ومعارض متنوعة للكتب، وأمسيات أدبية، وإضاءات فكرية وعلمية، يجمع معارض جانبية للفنون التشكيلية والتراث المحلي (كالحلي القديمة، والحرف القديمة، والدكاكين الشعبية، والأدوات التي كان يستعملها المواطن السعودي في أوقات سالفة).
ونذكر أيضاً اهتمام الحرس الوطني المخوّل بتنظيم المهرجان وحرص المسؤولين فيها على تقديم رسالة ناصعة توجهها القوات المسلحة إلى المجتمع السعودي من واقع حرصها على أصالته وتراثه وثقافته ورسالة إلى العالم إلى جانب مسؤوليتها كقوى عسكرية لحماية الوطن، وثرواته ومكاسبه وتوفير أقصى درجات الأمن، ورد بغي الباغين عنه وتحقيق حالة الاستقرار اللازم لمسيرة التطوير والتحديث.
إن المتابع لمهرجان التراث والثقافة (الجنادرية) يلاحظ بسهولة قفزات التطور النوعي والكيفي والكمي الذي يحققه المهرجان سنة بعد سنة ليتجاوز نفسه، وما كان لهذا الطموح أن يبلغ حد الرضا لولا الدعم غير المحدود الذي يلقاه المهرجان من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، ولولا إخلاص القائمين على تنظيمه ورفده بكل جديد، وبذل كل شيء في سبيل دوام نجاحه وتألقه.نسأل الله أن يكون المهرجان كما عهدناه رائعاً صادقاً وأصيلاً، ونسأله سبحانه أن يجزي القائمين على المهرجان خير الجزاء ليساهموا في رفع الرايات البيضاء لهذا البلد المعطاء، داعين الله أن يوفق الجميع لكل خير إنه سميع مجيب.
فاكس 014803452 |