تزداد فرص ارسال قوات دولية إلى اقليم دارفور بالسودان على الرغم من الاجماع على رفضها من قبل حكومة الخرطوم وشعبها، لكن ثمة وقائع على الساحة الدولية والارض الإفريقية تفيد بأن الادارة الامريكية تستطيع تمرير مرئياتها حتى وإن اصطدمت بالخيارات الوطنية للدول، فقد شهدت القمة الافريقية التي استضافتها العاصمة السودانية مؤخراً تجربة حية لمدى طغيان الارادة الامريكية وتغلغلها حتى في خصوصيات العمل المشترك للمجموعات الاقليمية، وذلك عندما شجعت واشنطن التوجه الرامي إلى حرمان السودان من رئاسة الاتحاد الافريقي وكان لها ما أرادت.
وعلى الساحة الدولية لا تزال افرازات التدخلات ماثلة أمام الاعين وبعضها لايزال يتربع على الذاكرة، فتجربة التدخل الدولي والأمريكي، خصوصاً في العراق لا تشجع على مساندة التدخلات، واذا قربنا الصورة من الذاكرة الافريقية فيمكن ايراد التجربة الصومالية عندما تدخلت القوات الأمريكية بشكل مباشر لكنها خرجت لتترك بلادا غارقة في كل انواع البؤس والاحباط إلى الدرجة التي تعذر معها على حكومة الصومال الوليدة الاجتماع على ارضها فهي تحكم من الجوار الكيني بينما تلمس نواب البرلمان الصومالي طريقهم بصعوبة لاجتماع يعقد لأول مرة في بلادهم مطلع الاسبوع الحالي.
ودون الاستغراق في الامثلة التي لن تورث سوى الحسرة، فإن الوضع في دارفور يحتم عمل شيء ما، فهناك مشكلة حول القوات التي بإمكانها حفظ السلام، وعلى الارض توجد القوات الافريقية لكنها عاجزة على القيام بمهمتها لافتقارها إلى التمويل، ومن ثغرة التمويل هذه انطلقت المطالبات الغربية بضرورة تدخل الدول الغربية تحت مظلة الامم المتحدة لأنها الاقدر على الوفاء بالاستحقاقات المالية.
ويرى المسؤولون السودانيون ان إفريقية التي تتطلع إلى الخروج من كبواتها العديدة امامها فرصة طيبة لاثبات جدارتها وانه ينبغي استمرار مهمة القوات الافريقية التي خبرت منطقة دارفور طوال أكثر من عام وعرفت من هو المتمرد ومن هو قاطع الطريق، إلى غير ذلك من الجماعات التي ترفع السلاح في المنطقة.
وفي السودان أيضاً يتحدثون عن طريق ثالث للخروج من المأزق، ويتمثل التصور هنا في ايجاد التمويل اللازم للقوات الافريقية من أجل مواصلة مهمتها تجنبا لمخاطر التدويل. غير انه من المفيد ان يستثمر السودان حالة الاجماع القائمة حالياً ضد التدخل وتوجيهها، كضغوط داخلية وكمحفزات لمفاوضات السلام الجارية الآن في ابوجا، فالوصول إلى التسوية سيجنب البلاد مخاطر التدخلات واهوالها.
|