Wednesday 1st March,200612207العددالاربعاء 1 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

أنت أنت
المشاركة السياسية السعودية آلية صناعة واتخاذ القرار (1-2)
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

المتتبع لطريقة صناعة القرار واتخاذه في بلادنا الغالية يجد أن حيثيات القرار ومبرراته ومسوغاته تدرس وتعد في الجهاز الحكومي المعني وفق رؤية وأفكار ومعرفة الكوادر العاملة في ذلك الجهاز الحكومي نفسه.. وهم في الغالب موظفو دولة محترفون.. بعضهم لديه شهادات أكاديمية عالية، لكن كل تجربته هي في عمله المحدد.. الذي قد يمت أو لا يمت لدراسته الأكاديمية بصلة.. كما أن صلته بالوسط المتأثر بذلك القرار صلة موظف الدولة المنظم وليس الممارس أو المحتاج أو المستفيد أو المستهدف.. ومن ثم يرفع النظام المقترح للمقام السامي لاتخاذ القرار وفق الرأي المقدم من ذلك الجهاز.
في الديوان تحول مسوغات القرار المقترح إلى شعبة الخبراء (التي أصبحت هيئة) لدراسة المقترح ولإبداء الرأي والملاحظات.. التي تكون عادة ملاحظات تصب في المسار القانوني والتشريعي للقرار.. وليس في فحوى القرار وفكره وأهدافه وغاياته ونتائجه المحتملة.. ومن ثم يرفع للمقام السامي لاعتماده.. وبعد صدور المرسوم تكلف الجهة المعنية بوضع الضوابط والآليات لتنفيذ القرار المقترح.
هذا الإجراء وهذه الخطوات الإجرائية المتبعة في صناعة القرار واتخاذه هي الخطوات المنطقية والمتوقعة من جهاز حكومي.. ومع منطقية هذه الخطوات إلا أن هذا الأسلوب من المعالجة قد يكون غير مكتمل الدورة وقد يعتور هذا الأسلوب مشاكل وأخطاء مستقبلية، تجعل الاستمرار فيها أمراً بالغ التأثير السلبي على أمور متعددة الأهمية.
لقد اطلعت على دراسة إستراتيجية رفعتها جهة حكومية إلى الجهات العليا بتوقيع المسؤول الأول عن تلك الجهة.. وكانت الدراسة أقرب ما تكون إلى محاضر اجتماعات منها إلى دراسة إستراتيجية.. إذ لم تُغَطَ بالدراسات والتخطيط الإستراتيجي كما ينبغي.. وأنا هنا لا ألوم تلك الجهة على رفع محاضر اجتماعات على أنها دراسة إستراتيجية.. فليس في بنود ميزانيتها تكليف مكتب مختص بعمل الدراسة.. والجهد الذي بذل في ذلك العمل جهد كبير بكل المقاييس.. من قبل كوادر تعمل في تنظيم ومراقبة تلك الخدمات الأساسية.
نعم قد يجتهد المسؤول وبكل إخلاص يفعل ما ظن أنه الأفضل.. ثم يتبين له غير ذلك بعد فوات الأوان.. فيمضي أعواماً أخرى في نقض ما اقترحه أصلاً.. وهنا يفقد المجتمع زمناً مهماً تكون التنمية خلاله قد أعيقت في أحد جوانبها.
إن اتخاذ القرار من قبل أعلى سلطة في البلاد ليس اجتهاداً يمكن سنه ثم نقضه أو التراجع عنه ببساطة.. فتأثيرات القرار المجتمعية تكون في العادة هائلة لأنها تمس قطاعات واسعة من الناس.. مما يجعل كل قرار يتخذ أمراً مهماً بل وخطيراً في حياة المجتمعات والشعوب.
المملكة العربية السعودية اليوم بلد عملاق بكل المعايير.. بل إنه حجر الزاوية ليس في حياة شعبه ومجتمعه وحسب، بل يتجاوز ذلك إلى حياة المجتمعات العربية والإسلامية والعالمية أيضاً.. وهذا يجعل من واجب بلادنا أن تُصنع القرارات فيه وفق آلية أو أسلوب بالغ الفعالية.. يأخذ في الاعتبار أقصى درجات السرعة والخبرة والمهنية ليكون أثره أنفع وأنجع.
في مقالة لخبير مصري في الدراسات الإستراتيجية يقول: إنه في اليوم الأول من غزو العراق للكويت واحتلاله، ورد طلب من القصر الجمهوري المصري إلى مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية (وهو مركز كان يقدم خدماته في ذلك الحين لجريدة الأهرام فقط) بخصوص الحدث الجديد.. وكان التوجيه ينص وبشكل واضح على طلب الرأي في أي جانب يجب على مصر أن تقف.. ويقول الخبير المصري إنه ومنذ ذلك الحين عرف المسؤولون المصريون الأهمية الحيوية لمراكز الدراسات الإستراتيجية.. وبعد ذلك ازدهرت تلك المراكز وزاد عددها والاهتمام بها.
أوردت هذه اللقطة لأبين أن بلداً عريقاً مثل مصر لم يكتشف أهمية مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية إلا حين حصلت تلك الأزمة التي كان لا بد من اتخاذ موقف عاجل حيالها.
لذلك من الخير لبلدنا الناهض والمتوثب نحو كل ما هو أفضل بتوجيهات ورعاية قيادته الحكيمة أن يدعم إقامة مراكز أبحاث ودراسات إستراتيجية تكون ذراعاً مساعداً في صناعة القرار.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved