* بغداد - رويترز:
إذا نظرت في جيوب عراقيين يتطلب عملهم الانتقال في أرجاء بغداد كل يوم ستجد مجموعة من التصاريح وبطاقات الهوية واحدة لكل نقطة تفتيش تابعة للشرطة أو الجيش أو ميليشيا يمرون عليها.
وقال سائق عراقي يعمل لدى مؤسسة إعلامية دولية هذه البطاقة تفيد أنني من (منظمة) بدر وهذه أظهرها للشرطة ولدي تصريح صحفي أمريكي وبطاقة هويتي العادية. تقدّمت بطلب للحصول على تصريح من جيش المهدي يوم الجمعة الماضي لكنه لم يصل بعد. وأضاف أنا سني لذلك فإن هذه التصاريح تعني ألا أواجه مشاكل من أحد أثناء تجوالي. ويظهر انتشار الجماعات المسلحة - بعضها رسمي وبعضها غير رسمي وبعضها وسط بين الاثنين - غياب القانون في العراق، حيث لم تتمكن القوات الأمريكية التي غزت البلاد عام 2003 أو القوات العراقية التي دربتها من فرض سلطتها على البلد بكامله. ويضاف إلى ذلك الميليشيات التي تشكّلت على أساس عرقي أو طائفي وهذا الخليط يوجد وضعاً قابلاً للتفجّر كما أظهرت بوضوح أعمال العنف الطائفية التي دفعت العراق إلى شفا حرب أهلية الأسبوع الماضي.
وأثار هجوم يوم الأربعاء الماضي على مزار شيعي ردود فعل انتقامية على مساجد للسنة من جانب عصابات مسلحة. ونفت ميليشيات شيعيه يلقي عليها الكثيرون من السنة اللوم في الهجمات أي دور لها لكن إراقة الدماء لم تتوقف إلا بفرض حظر تجول لمدة ثلاثة أيام وحظر على حمل السلاح في الشوارع.
وأثارت الفوضى الشكوك حول التزام الساسة العراقيين أو قدرتهم على فرض سيطرة مركزية. وأفاد تقرير أصدرته المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات يوم الاثنين في ظل غياب جهاز مركزي يمكنه الاعتماد على قوات أمن غير حزبية تابعة له في مواجهة أحزاب وميليشيات لها برامج طائفية أو عرقية أو حتى انفصالية فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي التآكل التدريجي للدولة أو تفككها.
ومع تشكيل القوى السياسية المتناحرة لميليشيات وجد المسؤولون الأمريكيون صعوبة كبيرة في تشكيل قوات وطنية عراقية فعّالة حتى تتمكّن واشنطن من سحب قواتها البالغ قوامها 136 ألف جندي. ويدفع العراقيون بالفعل ثمن انتشار الميليشيات.
وقصة علي عيسى خير مثال على ذلك. قال عيسى (30 عاماً) إن 20 رجلاً يرتدون زي قوات تابعة لوزارة الداخلية أغاروا على مكتبه واحتجزوه مع اثنين من شركائه في العمل وسلموهم لشبكة خطف طلبت فدية من أسرهم. وبعد يوم من الهجوم على المزار الشيعي في مدينة سامراء الشمالية تلقى مراسل عراقي يعمل لدى رويترز اتصالاً يفيد أن مسلحين يرتدون ملابس سوداء أغاروا على مجمع سكني تقيم فيه شقيقة زوجته في بغداد وقتلوها بالرصاص.
وكانت المرأة في منتصف العمر وهي من السنة من سكان سامراء ورغم أنه من المستحيل تأكيد من وراء قتلها إلا أن أسرتها وجيرانها يتهمون رجال ميليشيات شيعية.
وفي عام 2004 وافقت تسع ميليشيات تضم مئة ألف مقاتل على أن تحل وتنضم لقوات أمن جديدة أو أن تعود للحياة المدنية.
ولم يتضح إلى أي مدى سارت هذه العملية لكن مع تولي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وهو حزب شيعي وزارة الداخلية الآن يشكو الكثيرون من السنة من أن الشرطة والقوات الخاصة وقوات مكافحة المسلحين ليست سوى مجموعات من ميليشيا بدر التابعة للحزب في زي رسمي.
وتنفي وزارة الداخلية اتهامات بأنها تدير فرق إعدام تستهدف السنة لكنها تعترف بأن مسلحين يرتدون زيها وراء سلسلة من عمليات الخطف والقتل.
وقال هادي العامري زعيم ميليشيا بدر إن خمسة بالمئة من ميليشيته التي تضم 20 ألفاً تم إدماجها في القوات العراقية والباقي ينخرط في العمل السياسي. وتشكلت ميليشيا بدر في إيران في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي للإطاحة بحكم صدام حسين من المنفى.
وقال العامري وهو عضو في البرلمان الآن إنه يقول لأعضاء الميليشيا الذين انضموا للقوات المسلحة إنهم عندما ينضمون للقوات المسلحة ستنقطع صلتهم بالميليشيا.
وأضاف أن لا أحد فوق القانون. وألقي اللوم في أغلب أعمال الفوضى الأسبوع الماضي على مسلحين يرتدون ملابس سوداء وهي صورة ترتبط في أذهان العديد من العراقيين بجيش المهدي وهو ميليشيا شيعية موالية لمقتدى الصدر.
وينفي الصدر أن يكون جيش المهدي الذي شن تمردين ضد القوات الأمريكية في عام 2004 متورطاً في الهجمات.
وهناك كذلك العديد من الجماعات السنية القومية التي تشكلت بعد الإطاحة بصدام لإخراج القوات الأمريكية.
وشكل مقاتلون سنة يشعرون أنهم مهمشون منذ تشكيل حكومة يقودها ساسة من الشيعة الذين كانوا يقيمون في المنفى ميليشياتهم الخاصة في الفترة الأخيرة وهي ثوار الأنبار.
|