Tuesday 21st February,200612199العددالثلاثاء 22 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

غرب.. وصين.. وعَرَب؟ غرب.. وصين.. وعَرَب؟
أنور عبد المجيد الجبرتي

عندما احتلت الصين الشعبية مقعدها الدائم في مجلس الأمن بدلاً من الصين الوطنية، وجاء المندوبون الصينيون الجدد إلى نيويورك، سألهم الصحفيون عن الأشياء التي أثارت استغرابهم في الولايات المتحدة، أجابوا: الأمريكيون يشبهون بعضهم كثيراً، ومن الصعوبة بمكان أن نميز أحدهم عن الآخر.
* وبالطبع فالأمريكيون أقل الناس تشابهاً ببعضهم، وهناك فرق كبير في ملامح الوجه بين الرئيس نيكسون ووزير الخارجية كيسنجر، أو بين بروك شيلد وأليكسندر هيج. ومع ذلك فقد كان الصينيون يريدون أن يقولوا شيئاً للعالم الخارجي والغرب خاصة: أنتم جميعاً تبدون لنا سواء، ولسنا نحن فقط الذين نبدو لكم متماثلين بأنوفنا الفطساء وعيوننا العريضة وقاماتنا القصيرة. وحتى إذا كان الأمر كذلك فإن هناك ما يزيد عن بليون أنف أفطس وبليون عين عريضة محملقة، وبذلك تكون الغطاسة في الأنف هي الأساس في المعايير والمقاييس، وما شذَّ عن ذلك فهو غريب لا يقاس عليه.
* عندما كان العالم يحتفل بالألفية الثانية كان الصينيون يحتفلون ربما بالألفية الخامسة، وعندما تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن مرور ثلاثة عصور على رحلة نيكسون الشهيرة إلى الصين والانفتاح الجديد على الصين الشيوعية، سيذكر الصينيون أن علاقتهم بالغرب أو الحضارة الغربية تعود إلى ألفي سنة.
* بدأ الاتصال بالإمبراطورية الرومانية في عهد الإمبراطور الروماني تيبيروس.
* الصينيون يعتقدون في أعماقهم أن أهميتهم التاريخية ووزنهم الكبير وأمجادهم العظيمة تبرر لهم أن يطلبوا من العالم أجمع ومن الغرب خاصة احتراماً كبيراً وتقديراً عظيماً، ومع ذلك فالغرب ينظر إليهم كشعب أفطس يأكل المكرونة بأعواد خشبية مضحكة، ويقتات الصراصير والزواحف، وليس له ثمة أهمية إلا أن يكون سوقاً كبيرة لأمواس الحلاقة والأتوموبيل وديسكات الكمبيوتر، ولاستثمارات هائلة مجزية.
* العلاقة بين الصين والغرب يسودها الاندهاش والتوتر والشك والتردد بين الرغبة في الاقتراب والتودد والخوف.
* والصينيون يعتقدون محقين أنهم أمة تتربع على آلاف السنين من الحضارة والتاريخ، بينما الغرب طفل حضاري جديد لا يتجاوز عمره بضع مئات من السنين، لكن الصين تعلم أيضا أنها تواجه طفلا متفوقاً يعيش بكل العنفوان أمجاد اليوم وليس حضارة الأمس العريقة.
* والصينيون أصحاب الحضارة والتاريخ فخورون جداً بأنفسهم وتاريخهم ولكنهم واجهوا ويواجهون في التاريخ الحديث علاقة إذلال وانتهاك مع الغرب الحديث.
* عندما فتحت الصين أبوابها للعالم الخارجي أرسل الغرب سفنه التجارية وأغرق الصين بالأفيون والحشيش ثم أرسل البوارج الحربية لإذلالها واحتلال مجالها الجغرافي والسياسي، واقتطاع أجزاء من أراضيها، ثم بعث حملاته التبشيرية لتحضيرها وتثقيفها ومهاجمة مجالها الثقافي.
* أرسلت الملكة فيكتوريا مبعوثها إلى الإمبراطور الصيني، وتوقع الإمبراطور أن ينحني المبعوث أمامه على ركبتيه كما تقتضي قواعد البروتوكول الإمبراطورية، لكن المبعوث رفض أن يفعل، وبلع الإمبراطور المخالفة الشنيعة وحملقت الحاشية الإمبراطورية.
* الغرب يعتقد أن الصينيين متغطرسون يطلبون أن تكون العلاقة معهم قائمة على الانحناء دون أن يكون لديهم ما يستوجب ذلك.
* والصينيون يعتقدون أن الغرب ينظر إليهم ككائنات مسلية وأسواق رائجة ولا يعطيهم قدرهم من الاحترام الذي يستوجبه تاريخ عريق وحضارة عظيمة ونهضة حديثة خارقة.
* هذه العلاقة المتوترة مع الآخر الغربي تحضر لنا شيئا من العلاقة المتداخلة بين العرب والعالم الغربي، رغم البون الشاسع بين الصين الحديثة وعرب هذا الزمان.
* هل ستدعم هذه المعاناة المشتركة والمشاعر المتشابهة فتح طريق الحرير القديم بين الصين والعرب، ثم الغرب؟
* يحتاج الأمر أيضا إلى طموح ومجهود يماثل حجم الصين.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved