لا يشك ولا يستطيع عاقل منصف أن ينكر ما قدمته حكومة المملكة العربية السعودية للمسجد الحرام ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما من المساجد وجميع المشاعر في مختلف أنحاء المملكة بل تجاوزت ذلك إلى الخارج، وتلك الأعمال من الصعب حصرها ولكن سأوجز وأختصر على سبيل المثال لا الحصر:
1 - ما قامت به المملكة العربية السعودية من توسعة للحرمين الشريفين وبقية المشاعر غير مسبوق في التاريخ بهذا الحجم والشكل والمؤرخون وكتب التاريخ شاهدون على ذلك.
2 - كان المسلمون عندما يفكرون في الحج يترددون كثيرا لأن الوضع الأمني كان في الماضي قبل الحكومة السعودية مخيفا، ومن يقرر القدوم للحج يودع أهله ويكتب وصيته ويضع أمام عينيه عدم العودة. أما الآن فلله الحمد والشكر نجد أن أراضي المملكة العربية السعودية من أقصاها إلى أقصاها آمنة والأماكن المقدسة أكثر أمناً والدليل والشاهد والمؤكد لذلك زيادة عدد الحجاج من سنة لأخرى وكذلك عدد المعتمرين فلله الحمد والشكر.
3 - وفرة الخدمات كافة فيجد بعض الحجاج في المملكة ما لم يجدوه في أوطانهم من خيرات فمنهم من يحاول عدم العودة ليسعد برغد العيش ومنهم من يعود ويحمل معه الكثير لبيته وأهله وأصدقائه.. اللهم أدم نعمك علينا وزدها وباركها واحفظها من الزوال.
كل هذا وسواه لا يعني الكمال بل نحن نسعى في كل سنة وكل حين لبلوغ الأفضل وتحسين تلك الخدمات وتطويرها لنصل بها إلى أفضل ما يمكن لخدمة ضيوف الرحمن، وانطلاقا من هذا المبدأ أكتب هذه السطور للمسؤولين عن الحج للعون والتعاون، ومن هذه الصور الملاحظة الآتي:
أولاً: الحكومة تدفع مبالغ لنظافة المشاعر المقدسة وغيرها من مدن وقرى المملكة ولكننا نجد أن مستوى النظافة غير مرض أبداً بل عمل تلك الجهات في هذا المجال كان غير أمين لأن أكياس الزبالة بقيت في ما شاهدت عدة أيام من تاريخ دخول منى مساء 7-12 إلى أن غادرتها مساء 14-12-1426هـ فهل هذا من شروط العقد وهل هذا يتفق مع أبسط شروط الأمانة والمسؤولية وهل هذا يتفق مع سمعة المملكة ومستوى خدماتها للحجاج..؟
ثانياً: شركة الاتصالات شركة مساهمة وهدفها الخدمة الجيدة والربحية ولكن هذا الأمر لم يوجد في المشاعر لأن خدماتهم لم تكن على المستوى المطلوب والدليل أنك تحاول مرات عدة حتى تستطيع أن تتصل بمن تريد أو يتصل بك آخرون من داخل المملكة أو خارجها وهذا بالطبع لا يتفق مع الأمل المعقود على الشركة من حيث الخدمات المطلوبة ولا الربحية المأمولة، فهل الشركة سوف تعيد النظر في مستوى خدماتها لتحقق المطلوب منها للوطن والمساهمين، ولا سيما أنها شركة وطنية؟
ثالثا: شاهد الجميع وقوف سيارات نقل الحجاج وهي ذات أعداد كبيرة تقف في منى ووقوفها يعيق حركة السيارات ويضيق على المارة فلماذا لا يتم توجيه السائقين للوقوف في مزدلفة بعد إنزال الحجاج عند مقر إقامتهم؛ وبهذا يتجنب الناس دخان تلك السيارات وتترك أماكن وقوفها للمشاة والسيارات المارة المتجهة إلى مكة؟ وحبذا لو يحد من السيارات المتجهة إلى مكة إلا للضرورة.
رابعا: قامت الجهات المسؤولة في مكة بسفلتة مساحات شاسعة في منى ومنها ساحات بالقرب من الجمرات لتتيح حرية المرور للحجاج وسرعة الحركة ولكن للأسف نجد أن تلك الساحات يتكدس فيها آلاف الحجاج يفترشون تلك الساحات ويفقدونها فاعليتها ويحرمون الحجاج الآخرين من الاستفادة منها، فلماذا يسمح لهم بهذا، ولا سيما أن هناك حملات لخدمات الحجاج داخلية وهناك شركات لخدمات الحجاج القادمين من الخارج وركن الحج لمن استطاع إليه سبيلا ولا أعتقد أنه من الممكن أن تتحمل المملكة العربية السعودية وحكومتها وشعبها أخطاء الآخرين؟
لذا أتمنى إشراك السفارات الموجودة في المملكة لكي يتحملوا مسؤوليات مواطنيهم ولا أشك في أن الأمر سيتغير إذا ما أشركت السفارات في مساعدة المملكة في إلزام مواطنيها بالعمل بأنظمة المملكة أو تتحمل السفارات نفقات المخالفين وبهذا ستتحرك تلك الحكومات وسفاراتها لخدمة مواطنيها؛ خوفا من الإنفاق ومن ثم تستطيع حكومة المملكة وشعبها خدمة الحجاج بشكل أفضل وهذا المأمول والمطلوب.
خامساً: نظمت الجهات المسؤولة عن خدمات الحجيج تنظيمات عدة منها أننا نجد أن منطقة الجمرات منطقة مظللة من الشمس ومخصصة للمشاة للوصول إلى الجمرات بيسر وسهولة ولكنني شاهدت يوم الجمعة 14- 12 دخول سيارة إلى قرب الجمرة الصغرى ونزل منها رجل شاب يافع ذو صحة يستطيع أن يدافع عن نفسه وعشرون آخرون معه ويستطيع أن يسير عشرة كيلو مترات على الأقدام بكل يسر وسهولة فلماذا يدخله صديقه أو قريبه إلى هذه المنطقة وما أن دخل حتى لحقت به سيارات عدة من الباصات الصغيرة والدينات المتجهة إلى مكة فدخلت إلى منطقة الجمرات منطقة المشاة للعبور إلى مكة من أيسر الطرق وهذا يعرض الحجاج إلى مخاطر.
فلماذا لا تمنع السيارات منعاً باتاً من دخول هذه المنطقة أياً كانت؟ كما أننا نجد بعض الحجاج يقفون بالقرب من الجمرات للدعاء وهذا أمر طيب ولكن منهم من يقف في أماكن تعرضه وتعرض الآخرين لمشكلات ومتاعب كثيرة قد تصل إلى حد الزحام ثم الوفاة، فيا حبذا لو تدخلت الجهات المختصة لتحديد أماكن للوقوف عندها لمن أراد الدعاء بعد رمي الجمرات؛ وبهذا نجنب آلاف الحجاج العديد من المخاطر ونسهل طريقهم لأداء النسك.
سادساً: من المعلوم أن البقاء في منى ثلاثة أيام أي أيام التشريق ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه، وقد شاهدت العديد من الحجاج الذين لم يتعجلوا ومن شاهد موقع الجمرات مساء 14-12 يعرف عدد الحجاج الموجودين في منى ولكني شاهدت باصات الأمن العام وبجوارها العديد من منسوبي الأمن العام يستعدون للرحيل قبل مغرب يوم 14-12 فإن رحل هؤلاء فمن سيتولى رعاية الموجودين في منى من الحجاج بعد مغادرة رجال الأمن منى؟ كنت أتمنى أن لا يغادر رجال الأمن منى قبل أن يغادرها آخر حاج حرصا على الأمن والسلامة، فهل هم فاعلون؟
هذه بعض النقاط الذي سمح بها الوقت والجهد وأتمنى أن تجد من المسؤولين عن خدمات الحج والحجاج ما تستحق من اهتمام لتواكب الجهود الخيرة المباركة المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن ليأتي العمل متكاملاً ويظهر بما هو أهل له ويعرف الجميع ما تقدمه المملكة من خدمات للحجاج ورعاية ولكن لابد من التعاون معها والتعاون الفعال من جميع الجهات في الداخل والخارج، سواء كانت سعودية أو غير سعودية فهل هم فاعلون؟
|