Saturday 18th February,200612196العددالسبت 19 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

مقاطعة البضائع الدنماركية الواقع والمأمول مقاطعة البضائع الدنماركية الواقع والمأمول
د. زيد بن محمد الرماني/ المستشار الاقتصادي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

لا شك أنَّ المقاطعة الاقتصادية أو ما يعرف بالحرب الاقتصادية، معروفة من قديم الزمن، وفي تاريخنا الإسلامي نذكر على سبيل المثال حصار الرسول صلى الله عليه وسلم في الشعب، حيث قام المتنفذون من أهل قريش بقطع وسائل الكسب والرزق والسلع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشعب، كما نذكر ما قام به ثمامة بن أثال حيث هدّد بقطع نوع من العلاقة الاقتصادية المتمثلة بمنع سلعة رئيسة من دخول أسواق الحجاز.. وهكذا يخبرنا التاريخ عن نماذج أخرى، كان آخرها ما عانى منه شعب السودان وشعب العراق.
أعود إلى موضوعنا فأقول إذا تمت المقاطعة بشكل سياسي واقتصادي ودبلوماسي منظم من الدول أولاً ثم من الشعوب أجزم أنَّ آثارها ستكون خطيرة وتأثرها سوف تمس الصناعات والعمالة والنظام الاقتصادي ككل في تلك الدول.
وفي حالة مقاطعة البضائع الدنماركية فإنَّ الآثار الاقتصادية جراء المقاطعة واضحة ومعلنة، بل إن شركات ومصانع أعلنت خسائرها اليومية التي تصل إلى أكثر من 1.300.000 مليون، إلى جانب سوء السمعة التي رافقت المقاطعة لتلك البضائع المؤثرة على القرار الاقتصادي بشكل عام.
ولا شك أنَّ هناك شروطاً معينة تعطي فاعلية واضحة للمقاطعة تبرز في القرار الاقتصادي الموحد من الساسة وبث برنامج اقتصادي محدد للمقاطعة تلتزم به الدول الإسلامية والعربية وتحديد قنوات واضحة للمقاطعة.
ذلك لأنَّ من سلبيات الوضع الراهن للمقاطعة برزت في إدخال منتجات دول أخرى في المقاطعة والتأثير على شركات أو مصانع لا تتصل بالمنتجات الدنماركية، إلى جانب التخريب والحرق والإتلاف الذي واكب الوضع الراهن مما يُلقي بظلاله السالبة وآثاره التخريبية على الاقتصاد العام. ولا أدل على ذلك من قيام بعض التجار إلى حرق وإتلاف بضائع كلفت ملايين ويستفيد منها آلاف البشر، وفي المحصلة النهائية، فتلك البضائع من نعم الله تعالى.
وإذا أضفنا إلى ما سبق أن أولئك التجار دفعوا مبالغ عالية لاستيراد تلك البضائع وتخزينها ونقلها إلى أماكن البيع، فمنْ يتحمل القرار الاقتصادي الرشيد في تلك الحالة إذن؟!.
وأعتقد أن من إيجابيات الأحداث الأخيرة وخاصة ما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية، ما بدا يلوح في الأفق وأشار إليه بعض المحللين والمهتمين والاقتصاديين من ضرورة توسيع نطاق الصناعة المحلية وتشجيع سياسات الاكتفاء الذاتي وإعداد المصانع العملاقة والاتجاه إلى الاستفادة من المخزون الوطني، واستثمار طاقات وموارد الوطن بالشكل الذي يعود على الفرد والمجتمع والأمة بالنفع والفائدة.
كما يمكن لتجارنا وأصحاب المصانع أن يضعوا سياسات جديدة تتبنى ضخ الاستثمارات لإنتاج سلع بديلة لتلك التي تمت مقاطعتها.
إنّ اقتصادنا في حاجة ملحة لتفعيل برامجه وتنويع قنواته ودعم إستراتيجياته واستثمار إمكاناته.. وقد آن الأوان.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved