خطر أنفلونزا الطيور

باتت أخبار مرض أنفلونزا الطيور تميل إلى أن تكون أخبارا اعتيادية، لكون هذه الأخبار تتحدث عن حالات فردية هنا وهناك، لا تتعدى عدد أصابع اليد في المنطقة الواحدة، في حين تطغى أخبار النزاعات السياسية والصراعات المسلحة على واجهة الأحداث الدولية.
ولكن، وأمام عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل جذري للقضاء على الفيروس المسبب لهذا المرض، فإن هذا المرض يثير قلق العلماء وخبراء المنظمات الصحية الدولية الذين يدركون أكثر من غيرهم الخطر المحدق بالبشرية لو تحور الفيروس وأصبح ينتقل من الإنسان إلى أخيه الإنسان، لأنه بذلك سيتحول إلى وباء عالمي قاتل.
فقد حذر علماء أستراليون يوم الخميس الماضي من احتمال تسبب تفشي أنفلونزا الطيور بالقضاء على نحو مائة واثنين وأربعين مليون شخص في العالم، منهم
ثمانية وعشرون مليونا في الصين، وأربعة وعشرون مليونا في الهند، وقرابة الخمسة
ملايين شخص في أوروبا، هذا فضلا عن تدمير أكثر من ثلاثة عشر في المائة من الاقتصاد العالمي.
هذه الأرقام المفزعة تظهر في حين ينشغل الساسة الدوليون في صراعات سياسية
واقتصادية وحتى عسكرية مع منافسيهم، وحول قضايا يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية، وبالتالي حشد الجهود العالمية، وتوفير الأموال التي يمكن أن تضيع في أتون الحروب، لحل المشاكل الصحية التي تجتاح الشعوب، ولا سيما الفقيرة. فلا تكاد تخلو منطقة في العالم، من صراعات تختلف باختلاف الدوافع، في حين لا يكاد يخلو مكان في العالم من مشاكل صحية كبيرة، حتى الدول الغربية المتقدمة التي أخذ مرض أنفلونزا الطيور يغزوها، كما حصل في أثينا وإيطاليا ورومانيا وأخيرا في ألمانيا وسلوفينيا، حتى هذه الدول ليست بمنأى عن الأمراض الفتاكة، على الرغم من المستوى الصحي العالي التي وصلت إليه.
وليت الأمر اقتصر على هذا المرض الجديد، وإنما هناك أمراض فتاكة لم يجد لها
العالم علاجا ناجعا لها أو طريقة لتحصين الناس منها، كمرض نقص المناعة المكتسب الإيدز الذي ما تزال البشرية تقف أمامه عاجزة وحائرة، في حين أن مئات المليارات من الدولارات تنفق على سباق التسلح على المستوى العالمي أو المستوى الإقليمي. ولا يمكن حل هذا المشكلة الصحية الكبرى دون أن يكثف قادة العالم جهودهم، ولا سيما الدول الكبرى، ويسخروا كل الإمكانيات المتاحة لوقاية الناس من شر عظيم يهدد حياة الملايين.