لا أظن أن اثنين من قرائه أو عارفيه وزملائه وأصدقائه سيختلفان على دماثة أخلاق هذا الإنسان، وعلى نقاء سريرته، وصفاء قلبه ونواياه، فضلاً عن نزاهة يده وتعامله وعلاقاته.
لكننا نعرض كل هذه الصفات عن أعلام مجتمعنا كالراحل الأستاذ القرعاوي ومَنْ في مكانته، ثم لا نحتفي به إلا بعد أن يكون في عداد الراحلين.
فالأستاذ القرعاوي الذي أطل على ساحة هذه الدنيا وأشرق ضياؤه على أديم هذا الزمن لأكثر من خمسين عاماً دوّنتها ذكرياته، والذي يرحل اليوم بهدوء وصمت كان المثل الأبرز للمثقف المتواضع الذي لم يتباهَ، وللكاتب والشاعر الذي لم يتعالَ، وللإنسان المفكر الذي ما انفك ينداح في دروب الوطنية والمعرفة، يحمل قلمه وهموم أمته ومجتمعه حتى أعياه المرض وأوقفه مرغماً عن ممارسة هوايته في حب وطنه والدفاع عن قضاياه والتغني بأمجاد تاريخه.
لقد عرفت هذا الراحل العزيز عقوداً عدة، زميل قلم، ورفيق مهنة، وارتبطت معه في علاقات قربى متعددة النواحي، وجاورته في مقاعد الشورى، وطارحته الرأي في موضوعات ثقافية شتى، وقرأت له إعلامياً وشاعراً وكاتب سيرة، فكان نسيجاً متفرداً بالأخلاق والمروءة والإنسانية، وصاحب قلم يسيل بالإخلاص والصدق والموضوعية.
فرحم الله فقيد الأخلاق، وفقيد القلم وفقيد الوطن، وشمله بعفوه ورضوانه.
|