* أبها-عبدالله الهاجري:
(حاولت جاهداً أن أنقذ والدي من الغرق كونه لا يجيد السباحة وحين تيقنت من غرقه تشبثت بأشقائي لأنقذهم من الغرق منتظرين بارق أمل في إنقاذنا من الموت المحقق) .. من هنا بدأ محمد ابن المتوفى علي عائض آل خازم القحطاني في سرد تفاصيل حكاية وفاة والده ونجاته واثنين من أشقائه من الموت المنظور في حادث عبارة السلام 98 والتي غرقت أمام السواحل المصرية بعد ان تمكنت فرق الإنقاذ السعودية من مساعدتهم في إكمال الحياة.
يقول محمد : كنا ذاهبين للجمهورية المصرية لصلة الرحم كون والدي -رحمه الله- متزوجا من مصرية. لقد كنا سعداء بهذه الرحلة لاسيما وإننا سنشاهد إخوتنا وزوجة والدي.. كانت الأمور تسير وفق المأمول من الوهلة الأولى لم نفكر بأن ذهابنا إلى هناك سيفقدنا اعز إنسان لدينا، لم نستطع السفر بالطيران لضغط الرحلات واضطررنا أن نذهب بحراً.. كنا متفائلين جداً باسم العبارة التي تنقلنا أنا ووالدي واثنين من أشقائي إلى جانب ألف وثلاثمائة راكب.. بدأنا في الإبحار في العبارة وبعد ساعتين أتى والدي ونحن نائمون مفزوعاً بسبب رائحة حريق بدأت الريحة تزكم أنوفنا وتزيد من كثافتها في وسط صرخات الركاب وارتباكاتهم لم نستطع وقتها إلا أن نساير الموقف الرهيب، رائحة حريق، صرخات كبار سن ممزوجة ببكاء الأطفال وسط تدافع الكثير بطرق تؤكد قرب الموت، الجميع يحاول أن ينجو بحياته دون النظر للآخرين.. تواصلت الارتباكات كنت ارمق والدي وهو يطمئن الركاب ويطالبهم بالتهليل والشهادة.. لم يكن الأمر يحتاج إلى أكثر من ترديد الشهادة وانتظار الموت وبالذات وإننا لا نزال في الدور الثاني من العبارة، حاولنا الطلوع إلى سطح السفينة وتلمس الموقف بحقيقته وكان وفق تصوراتنا (الموت في انتظارنا).
فوراً ارتدينا السترات وما تفاجأنا به هو منعنا من ارتدائها؟؟ وفي لمحة بصر رأينا قبطان العبارة وهو يستقل زورقا تاركنا نواجه الموت دون أي تصرف إنساني منه.. وبعد محاولات عديدة استمرت زهاء الساعة عدنا من جديد للبس السترات وفي ثوان معدودة غرقت السفينة بمن فيها،, من حسن حظنا وقد يكون لسوء حظنا إننا لم نفترق وتعلقنا بعدد من الأمتعة التي تطفو على سطح البحر كان والدي -رحمه الله- حريصا على أن نبقى أحياء دون أن يفكر في مصيره وفعلاً استهلك طاقته ولم يعد بقادر على عمل أي شيء كنت في لحظتها أسعى في إنقاذ والدي الذي لا يجيد السباحة، عدت لأشقائي بعد أن فقدت والدي محاولاً الخروج بأقل الخسائر في الأرواح، نحمد الله على قضائه وقدره.
فيما يصف شقيق المتوفى سعيد رحلته إلى مصر بعد أن رأى وعبر القنوات الإخبارية غرق العبارة كان متأكدا من موت أخيه وأبنائه في هذه العبارة ويقول على الفور استخرجت جواز سفر أنا وعدد من أقاربي وتوجهنا إلى مصر ثم لسفاجا وبقينا ثلاثة أيام نبحث عن فقيدنا لنرى اسمه في مشفى سفاجا بين المتوفين حيث تم نقله إلى القاهرة. كان في استقبالنا مسؤولو السفارة السعودية والذين قدموا لنا الكثير من الخدمات وكما علمنا وفق توجيهات ولاة أمرنا حفظهم الله إلا إن ما أساءنا هو عملية نقل الجثث من سفاجا إلى القاهرة من قبل الأجهزة المصرية حيث نقلوهم بطرق بدائيه بل وتم نقل ما يقارب 300 جثة في سيارة واحدة.. عدنا إلى السعودية وفي جدة كان في استقبالنا العديد من المسؤولين وعدد من أقاربنا وتم نقله إلى مكة حيث تم قبره والصلاة عليه هناك.
الجدير بالذكر أن المتوفى علي القحطاني غادر الحياة وهو يعيل 22 ابناً من أربع زوجات أحداهن مصرية وكان يعمل معلماً في مكة المكرمة وعليه ديون تتجاوز مليوني ريال انتقلت إلى أبنائه العاجزين عن دفع المبلغ.
|