Saturday 18th February,200612196العددالسبت 19 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

حديث حول البطالة.. وأسئلة لابد لها من إجابة!! (1-5) حديث حول البطالة.. وأسئلة لابد لها من إجابة!! (1-5)
المهندس عثمان محمد السيف

لا كرهاً في القصيبي لكن حباً في الوطن
كتبت مقالي السابق الذي اختير له عنوان (كيف أحببنا القصيبي 30 سنة وكرهناه في 3 أيام) وقد تفاعل مع ذلك أخوة كثر، وجلهم بدأ كما بدأت وذلك باثبات ثقتهم في معالي الدكتور القصيبي، لسابق ما عرف عنه، حيث لا يشك في اخلاصه ونزاهته، وقلة ممن كتبوا علقوا فقط على العنوان، دفاعاً عن معالي الوزير الشاعر، وتحاملاً على مؤسسات القطاع الخاص، حتى قال أحدهم، انه لا يكفي العقاب ولا أدري ماذا يقصد؟، وكنت أتمنى لو كانت الكتابات مثل ما كتبه الدكتور العريعر، أو.. السديري، أي أن تكون الكتابة لإضافة ايضاح، أو تقديم اقتراح، أو حتى عرض مشكلة ماثلة، أو طرح استفسار، ومن هذا المنطلق أجدني أعود مرة ثانية للكتابة في مشكلة البطالة، لا كرها في القصيبي لكن حباً في الوطن، وخوفاً على شبابه من البطالة وما يجره الفراغ من مشاكل.
وفي أمور دنيانا يحدث أن يغيب الحوار، أو أن يتعمد البعض الغاء دور الآخر، أو فرض مبدأ الوصاية، لذا فإنني سأوجه حديثي هذا لكل من يوكل إليه المشاركة في وضع حل لمشكلة البطالة، وأبدأ فأقول انه عند مواجهة أي مشكلة لا يكفي أن تعترض على الوضع القائم بالإصرار على فرض رأيك لما تراه حلاً، لكن المطلوب أن تطرح الجانب المظلم مما ترى، وتعطي الآخرين الفرص في أن يسهموا بآرائهم، اعط نفسك مهلة للتأمل والحلم بما هو ممكن، وكذلك اعط من حولك الفرصة ليفكر ويحلم معك بمستقبل أفضل يبدعه المجموع، ولاتفرضه إرادة منفردة، فالمفروض مرفوض ولو بعد حين.
وكما ان الاعتراض ليس بكاف، فإن تجاهل الآخر ليس بموصل لسبيل، فلا اليد الواحدة مصفقة، ولا رأي الفرد أفضل من رأي المجموع، وهذا الحديث ذكرني بما نشرته عكاظ عن الدكتور محمد عبده يماني من وجود جفوة وفجوة بين رجل وزارة العمل معالي الدكتور القصيبي ورجال الأعمال، فالدكتور يماني يشير إلى أهمية السماع لرأي الطرف الآخر.
ضمن فريق وزارة العمل يوجد أقلية تحركها أفكار قد تبدو مسلما بها لأول وهلة، لأنها تعتمد على صلاحيات مخولة لها بموجب النظام، لكنها أفكار تفشل في اقناع الأكثرية للانحياز لها، ليس عن عدم قبول بالتضحية أو استعداد للمعاناة، لكن لأن ما هو مطروح ليس أفكاراً لحلول، إنما هو فقط أوامر يظن أنها تصدر لتطاع، وهذا أسلوب لا يوصل للهدف الذي تبتغيه الأكثرية لأنه فقط لا يطرح الحل النهائي لمعاناة الأكثرية.
إن الحل النهائي لمشكلة البطالة يكمن في الإجابة على عديد من الأسئلة مثل:
- ما هي أسباب عزوف المواطن عن الوظيفة في القطاع الخاص؟.
- ما هي أسباب عزوف القطاع الخاص عن توظيف المواطن؟.
- ما مستوى مهنية العاطل الذي يمكن للقطاع الخاص توظيفه؟.
- على من يقع اللوم في تفشي البطالة؟.
- من الأقدر (وعلى جميع المستويات) على انهاء البطالة؟.
وفي المقالات القادمة سأحاول أن أجيب عن هذه الأسئلة، ولو بشكل مختصر، لكن في هذا المقال سأحاول أن أجيب عن السؤال الأخير والأول فأقول مستعيناً بالله:
إن الأقدر على حل مشكلة البطالة وإلى الأبد هو من يملك الوسائل ولديه عامل الجذب، فالوسائل معروفة وهي المادة ثم المادة، وليس أقدر على ذلك من القطاع الحكومي، لماذا؟ نقول القطاع الحكومي، نقول ذلك للاسباب الآتية:
1- لأن وزير العمل أشار إلى أن الميزانية (ستحقق مزيدا من الانتعاش الاقتصادي إن شاء الله مما سيؤدي إلى خلق فرص وظيفية.. وخفض معدل البطالة) جريدة الجزيرة ليوم 12-11-1426هـ، إذن الحكومة تملك الوسيلة.
2- إن قطاعات حكومية كثيرة تعاني من نقص في الموظفين، وهي قطاعات مهمة كالتعليم والصحة مثلاً، لذا فإن إعادة النظر في خطة التوظيف أمر واجب وهذا حديث سأعود له في مقال آخر.
3- إن الدول المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه في مجالات كثيرة إلا بالدعم الحكومي، لذا يجب ان تتكاتف الحكومة مع القطاع الخاص لإحداث صناعات تستوعب الشباب، مثل صناعة المعلومات وما تعتمد عليه من وسائل سواء في مجال البرمجيات أو أدواتها وصيانتها، ودور الحكومة يجب أن يشمل الدعم المالي، وذلك في ظل احجام البنوك عن المساهمة بالاقراض، بل أقول غياب البنوك الكلي عن الدور الصناعي، بل عقوقها لوطنها، وعدم رغبتها في المساهمة، أو حتى دخول المغامرة، الا يوجد من يولد لنا طريقة تجبر البنوك على التخلي حتى ولو عن 5% من أرباحها لتوجه لدعم مشاريع توظيف الشباب، وهي دائماً تعلن أرقاما فلكية لأرباحها.
4- إن الحكومة أولاً وآخراً مربوط بها جميع القطاعات، وهذا قدر حكومات العالم الثالث، فحتى القطاع الخاص مربوط بعجلتها، وقد سبق أن قلنا إن القطاع الحكومي هو الحصان يجر عجلة التنمية، وما القطاع الخاص إلا السرج الذي يثبت العجلة التي يجرها الحصان، فلا تضرب في السرج والحصان واقف.
5- أما عامل الجذب فهو بجميع المقاييس متحقق للوظيفة الحكومية، وتفتقده الوظيفة في القطاع الخاص، ويؤكد ذلك تصريحات المسؤولين في وزارة العمل عن عزوف العاطل عن الوظيفة في القطاع الخاص وانتظار الوظيفة الحكومية ، وعامل الجذب الذي تمتلكه الوظيفة الحكومية له أسباب منها:
أ- الاستقرار الوظيفي غير المربوط بمستوى الأداء، أي ليس من السهل طرد الموظف حتى لو كان انتاجه ضعيفا أو كان سلبيا في تعاونه.
ب- وضوح النظام الذي ينظم علاقة الموظف بمرجعه (الحكومة)، بما فيه الترقية والتقاعد، وهذا ما نسميه فقه العمل الذي يعد غير مكتمل بالنسبة إلى العمل في القطاع الخاص.
ج- رسوخ مفاهيم حول ثبات واستقرار الوظيفة الحكومية، فليست معرضة لاهواء صاحب القطاع الخاص، كما أنها مؤمنة من ناحية الكوارث كالافلاس مثلاً، وهذا ما يمكن أن نسميه ثقافة العمل في هذا المجال، وهذه ثقافة غير موجودة بالنسبة إلى العمل في القطاع الخاص.
وهكذا كل هذه أسباب من ضمن أسباب أخرى أدت إلى عزوف المواطن عن الوظيفة في القطاع الخاص، ليس اليوم لكنه منذ زمن بعيد، وهكذا شكلت وزارة العمل للتصدي لمشكلة البطالة، وقد صدرت قرارات منها ما أوقف تنفيذه ومنها ما جرى تعديله، لكن ما زالت خطة الوزارة غير واضحة، بل لم تحقق النجاح المطلوب، لأن الخطة لم تول عنايتها لنوعية ومستوى المهارة التي يحملها طالب العمل ولم تحاول أن ترفع من مستواها حتى يقبل بها القطاع الخاص، سأحاول في مقالي القادم إلقاء بعض الضوء على ذلك.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved