Saturday 18th February,200612196العددالسبت 19 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

الأخطاء الفنية قد تقود إلى انهيار في سوق الأسهم الأخطاء الفنية قد تقود إلى انهيار في سوق الأسهم
فضل بن سعد البوعينين

ما الذي حدث في تداول يوم الخميس الماضي؟ لا أحد يعلم، ولا أحد يريد أن يضع الحقيقة أمام المستثمرين وفئات المجتمع المتشعبة ذات الصلة اللصيقة بسوق الأسهم. مدخرات المواطنين أصبحت كالريشة في مهب الريح تصعد بكل يسر وسهولة وتهوي إلى القاع بكل عنف. فقد المؤشر العام للأسهم أكثر من 1041 نقطة في دقائق معدودة ثم أغلق بخسارة 422 نقطة وبخسارة مالية قدرت بـ94 مليار ريال من قيمة الأسهم السوقية.
حاولت أن أجد تفسيراً منطقياً للهبوط الدراماتيكي الذي حدث فلم أجد، سوى بعض الإشاعات والمعلومات غير المؤكدة التي يتلقفها المستثمرون وتنتشر بينهم كانتشار النار في الهشيم. رجعت للسوق من أجل التحليل والتدقيق، فلم أجد ما يثير الدهشة أو يستدعي ذلك الهبوط غير تجاوز المؤشر لمستوى 20000 نقطة وهو الحاجز النفسي القوي الذي يعده الكثير بداية التصحيح أو جني الأرباح المنتظر.
أكثر من شهرين ووسائل الإعلام تضخ المعلومات المؤكدة على أن السوق لا يمكن له بلوغ 20000 نقطة، وإن بلغها فلا بد له أن يصحح قبل عودته من جديد.
بعد أن تشبع معظم المستثمرين بتلك المعلومات، بدأ كبار المضاربين مخالفتهم من خلال الأسهم، فضغطوا على الاتصالات السعودية وسابك ثم سمحوا لسهم الكهرباء بالارتفاع وتحقيق مكاسب سعرية لم تكن متاحة للسهم من قبل. وهي بالفعل تنم عن عقلية استثمارية متقدمة أو ما يمكن أن نقول عنها طريقة لحفظ توازن السوق من خلال تصحيح الأسهم كل على حدة بدلاً من تصحيح المؤشر ككتلة واحدة.
فصناع السوق، ولعلهم اتفقوا فيما بينهم، رأوا أن من مصلحتهم الخاصة ومصلحة السوق أن يكون أداء السوق تصاعدياً وإن تجاوز المؤشر مستوى 20000 نقطة.
يؤكد هذا التوجه الحركة التبادلية التي تحدث بين الأسهم القيادية كسهم شركة سابك، الراجحي، الاتصالات، التعاونية للتأمين، والكهرباء، وهو ما ظهر جلياً في الأيام الأخيرة. إلا أن الصناع نسوا أن هناك أموراً فنية أخرى يمكن لها أن تؤثر في السوق وتتأثر به ولعلها تكون أكثر ضغطاً على المؤشر وأكثر تدميراً من خططهم الإستراتيجية.
فنظام تداول في حالة تعطله يمكن أن يكون معول هدم بدلاً من أن يكون لبنة بناء تساعد في استقرار السوق وقيادته نحو بر الأمان بكل يسر وسهولة، وكذلك البنوك من خلال اتصالاتها الطرفية بالخادم الرئيسي، أو بسبب تعليق أنظمتها الداخلية التي تؤدي إلى تعطيل جزء كبير من التداول الوقتي واليومي.
إضافة إلى ذلك فإن قرارات هيئة السوق المالية الفجائية أو التي تعلن خلال التداول الرسمي قد تستخدم في غير محلها، وقد يستخدمه المضاربون من أجل الضغط على السوق وإنزاله إلى مستويات متدنية.
أخيراً فإن الانطباعات النفسية المتراكمة لدى المتداولين هي التي تحدد تصرفاتهم بناء على تجاوبهم مع الأحداث الوقتية، بمعنى آخر أن تكون تصرفاتهم عبارة عن ردود أفعال متشنجة مستمدة القوة من تراكماتها النفسية.
جميع تلك المسببات كانت على علاقة مباشرة بما حدث في نهاية الأسبوع.
باختصار شديد، الانخفاض الحاد الذي حدث قبيل نهاية تداول يوم الخميس لم يكن تصحيحاً أو جني أرباح كما أعتقد البعض، ويمكن معرفة ذلك من خلال كميات التداول المنفذة في الدقائق الأخيرة، إضافة إلى متوسط أسعار الشراء في الأسهم القيادية خصوصاً الكهرباء.
كانت هناك طلبات شراء ضخمة تظهر أن هناك من كان يحاول أن يحفظ السوق ويعيد له توازنه يمكن للمتعمق في تلك البيانات أن يصل إلى نتيجة أن ما حدث في السوق لم يكن إلى انفعالاً حاداً من المتداولين بسبب إشارات خاطئة تسبب بها نظام تداول في بعض البنوك حين تعطل عن تنفيذ عمليات الشراء فتسبب في خلق فجوة كبيرة بين الطلبات والعروض، إضافة إلى الشحن النفسي المترسب في نفوس المتداولين والمبني على الحاجز النفسي للمؤشر المتمثل في 20000 نقطة وفوق كل هذا القرارات المفاجئة التي دائماً ما تأتي بعكس أهدافها الخيّرة بسبب التوقيت أو طريقة الطرح.
هذا لا يعني إمكانية حدوث موجات تصحيحية أو جني أرباح مستقبلية، قريبة كانت أم بعيدة، التحليل السابق لم أعن به تطمين المتداولين أو أن أنفي صفة الحذر من السوق التي كنت وما زلت أنادي بها، فما كنت أنادي به من قبل من أخذ الحيطة والحذر من السوق وانتقاء الأسهم ذات العوائد وتجنب الأسهم المتضخمة سعرياً ما زال قائماً حتى اليوم.
وما أوردته اليوم إنما كان نوعاً من التعمق في مجريات الأمور التي حدثت يوم الخميس الماضي من أجل تحديد بعض النقاط التي يمكن أن تكون قد أدت إلى انحدار السوق المفاجئ، وهي أمانة لا بد أن تسجل بغض النظر عن وجهات النظر السابقة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved