Saturday 18th February,200612196العددالسبت 19 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

حول قانون محاسبة السعودية حول قانون محاسبة السعودية
السادة أعضاء إسرائيل في الكونجرس.. ماذا بعد؟
د. علي بن شويل القرني

لا تزال الحملات السلبية تتوالى ضد المملكة من العاصمة الأمريكية واشنطن. وفيما يبدو أن مراكز الثقل الصهيوني التي تتمركز في بعض العقول التشريعية في الكونجرس الأمريكي لا تزال تتواصل منذ سنوات وعقود ضد المملكة العربية السعودية، ومؤسساتها ومواطنيها كافة. وعندما قدم ثلاثة من أعضاء الكونجرس (هم: أنتوني وينر، وستيف إسرائيل، وجوزيف كراولي) مقترحاتهم قبل نحو عام ونصف على شكل مشروع لمعاقبة السعودية، بحجة أن المملكة لم تبذل جهوداً كافية لمكافحة الإرهاب، فإن المنطق والحقائق كانت عكس هذا الرأي تماماً، والجميع، رسميين وشعبيين، في الولايات المتحدة، وخارجها - يدركون هذه الحقائق؛ ولهذا لم ينجح مشروع معاقبة السعودية على الحجة نفسها التي قدموها، ولكن بدأت في سبتمبر الماضي نقاشات جديدة من هؤلاء وغيرهم من غلاة التطرف وأعداء السعودية في استثمار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحرية الدينية، وبدأوا نقاشاً حول هذا التقرير، وبناء عليه وجدوا حجة جديدة يتمسكون بها، تتمثل في طرح قضية الحرية الدينية، وقد نجح هؤلاء المتطرفون التشريعيون في محاولة تضليل زملائهم في الكونجرس بطرح مثل هذا القانون، ولكن تدخلت وزارة الخارجية الأمريكية، وتحديداً كونداليسا رايس في نهاية سبتمبر الماضي، وطلبت إرجاء البت في مثل هذا النظام وترجئته إلى ستة أشهر؛ أي أن الأصوات المتطرفة ستبدأ في مناقشة قانون محاسبة السعودية في نهاية مارس القادم؛ أي بعد شهر ونصف تقريباً، وسنواجه استمرار الحملة السلبية ضد المملكة بشكل مكثف عند الحديث عن هذا المشروع، وقبله خلال الأسابيع القادمة.
وقد بات لنا في المملكة، نخبة وعامة، مسؤولين ومواطنين، إدراك تام على أن مراكز القوة الصهيونية داخل أروقة المؤسسات السياسية والعسكرية والتشريعية في حملات مستمرة ضد المملكة، وعندما تتوقف حملة تبدأ حملة أخرى، وعندما تنطفئ شعلة ملتهبة عدائية ضد المملكة تبدأ شعلة جديدة يكون هدفها مثل سابقتها؛ زعزعة الاستقرار السياسي، والضغط على أصحاب القرار السعودي، وخلخلة البنى الفكرية والثقافية؛ من أجل أن تفقد بلادنا ومؤسساتنا ومواطنونا هويتهم الإسلامية - العربية الأصيلة، وهذا هدف استراتيجي لمثل هذه الحملات التي بدأت قبيل منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، عندما أدخلت المملكة النفط كسلاح ضغط لاسترداد الحقوق العربية، والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية، ثم توالت هذه الحملات في الثمانينيات؛ ليصبح السلاح الذي تستورده المملكة من الولايات المتحدة هو القضية والحجة التي تؤجج الحملات السلبية ضد المملكة. وجاءت قضايا كثيرة، بعضها كبير بحجم أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والآخر قضايا صغيرة مثل مشكلة خادمة أو حادث مروري، ولكنها تظل جميعها موادّ يتم توظيفها لخدمة الإشعال الحراري لهذه الحملات.
ونظل نؤكد أن القضية الجوهرية التي يختفي وراءها بعض أعضاء الكونجرس، وبعض مروّجي هذه الحجج الواهية، وبعض مراكز العداء الاستراتيجي للمملكة، هي أن المملكة متمسكة دائماً بثوابتها الدينية والسياسية. ومن أهم هذه الثوابت وقوفها إلى جانب الحق الفلسطيني، وجهودها السياسية والاقتصادية والدينية في سبيل نصرة هذه القضية. وبالنسبة إلى مراكز الضغط الصهيوني فإن هذه تشكل لهم عقبة كبيرة لا يستطيعون هضمها؛ لأنها تقف أمام مدّ المصالح الإسرائيلية في المنطقة، كما أن تمسك المملكة بثوابتها الدينية يعيق حركة الذوبان داخل الثقافة الغربية، ويصعب من سياسات الاحتواء الاجتماعي لكل ما يقف ضدّ مركزية الفكر الغربي.
ونسأل اليوم، كما سألنا قبل ذلك: ماذا تريد مراكز الدفاعات الإسرائيلية المتمترسة داخل البناءات التشريعية والعسكرية والسياسية الأمريكية..؟ ماذا تريد أن نعمل حتى ترضى عنا هذه الشرائح المتطرفة في الجسد الأمريكي؟ ومن المعروف أن هذه الشخصيات العدائية للمملكة أصبحت بفعل العداءات المتراكمة أكثر إسرائيلية من الإسرائيليين، وأكثر تطرفاً من الليكود، وأكثر عنصرية من أيّ حزب أو شخصية من الأحزاب والشخصيات المتعنصرة في العالم.
وإذا كانت حجة أعضاء الكونجرس في الحملة الأخيرة تتمحور حول الحرية الدينية، فما هي الحجة القادمة التي بدأ يفكر فيها هؤلاء؟ فلدينا الكثير من الخصوصيات التي قد تمثل لهم حججاً جديدة، وقضايا مثيرة، فمن الحجاب، إلى المناهج، إلى المساجد، إلى النفط، إلى الشباب، والإعلام، والثقافة والجامعات، والسياحة.. وغيرها من مقتضيات الحياة العصرية في مجتمعنا، وربما تبقى أمور جديدة لدى هؤلاء تصلح لبناء حملات استهدافية لمقومات الأسرة الاجتماعية، فربما الغذاء هو أجندة جديدة، حيث قد يخرج السيد ستيف إسرائيل (هذا هو اسمه الحقيقي) بمقولة إن المطاعم الشعبية في بلادنا يحتاج العالم إلى استبدال المطاعم السريعة مثل ماكدونالد وبرجر كينج بها؛ وذلك لأن هذه المطاعم التي تنتج (الكبسة) التي فرخت الإرهابيين في العالم، وقد يأتي السيد (إسرائيل) ليقول إنه ينبغي أن يتم استبدال اللغة الإنجليزية (الأمريكية) باللغة العربية؛ حتى يستقيم اللسان السعودي، ونصبح في ثقافة لغوية واحدة، وقد يأتي السيد إسرائيل ليقول كذلك إن اللباس السعودي قد تقادم عليه الدهر، ويحتاج العالم إلى استبدال قبعات (يهودية) أو (أمريكية) به؛ فهي تتناسب مع العصر الأمريكي الجديد.
إن هؤلاء الذين يعدون قلائل في العدد، ولكن تكوينهم ونفوذهم كبير على العقلية التشريعية داخل المجتمع الأمريكي لن يكفوا عن الهجوم على بلادنا ومؤسساتنا ومواطنينا، وهم بكل تأكيد يسعون دائماً إلى خلق العداءات ضد الولايات المتحدة الأمريكية، فكأن دورهم - الاستراتيجي - هو دفع العالم إلى مزيد من العداءات ضد الحكومة والشعب الأمريكي. ولا شك أن التراكمات التي تبنيها هذه العداءات لن تفيد ولن يستفيد منها المجتمع الأمريكي، بل على العكس فإنها تساعد على تأجيج مشاعر الناس والشعوب ضد القيم والثقافات الأمريكية.. وهكذا لماذا تستغرب كارين هيوز مسؤولة الدبلوماسية الشعبية في الخارجية الأمريكية من حجم العداء للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص؟ طبعاً يساعد السيد إسرائيل، وغيره من منسوبي اللوبي الإسرائيلي، على تفاقم مثل هذه الصورة للمجتمع الأمريكي في عالمنا العربي - الإسلامي، وخاصة بحملات عدائية تسعى إلى معاقبة ومحاسبة قيمنا ومعتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا.

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved