Friday 20th January,200612167العددالجمعة 20 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

الساحات.. موقع الغيبة والنميمة والإشاعات الساحات.. موقع الغيبة والنميمة والإشاعات
حمد العسعوس

يُذكّرني موقع الساحات على شبكة الإنترنت بركن الخطابة الموجود في حديقة الهايد بارك بلندن مع الفارق..؟!
فالمشاركون في موقع الساحات يتعاركون ويتصارعون مع من يعرفون ومن لا يعرفون بأسماء وهمية، وتحت تواقيع رمزية.. فهم غير معروفين.. بينما المشاركون في ركن الخطابة يخرجون - تحت حماية القانوني البريطاني - أمام الجماهير، ويقولون ما يشاؤون، ودون أي تحفُّظ، وبملء أشداقهم.. يخوضون في السياسة وفي الأديان وفي الرؤساء والحكام وفي الدول والحكومات.
ومن متابعتي غير الدائمة لما يُطرح في الساحة السياسية بالذات، يبدو لي أنها تحوَّلت إلى ساحة حقيقية لحرب كلامية، وحلبة لصراع كتابي بين المتشددين والليبراليين من جهة.. وبين السنَّة والشيعة من جهة أخرى.
وأعتقد أنها ظاهرة صحية أن تُفتح قنوات ومنابر للحوار بين المختلفين فكرياً ومذهبياً ودينياً.. كوسيلة لإزالة اللبس وسوء الفهم، ومظاهر الخلاف والعداء، وقبول التعددية والتعايش بين كافة أطياف المجتمع الواحد الذي يجب أن يستوعب كافة الاتجاهات الفكرية والمذهبية والدينية.. لكن الاعتراض والاحتجاج والرفض القوي لهذا الاتجاه يكون حينما تتحوَّل تلك الساحات والمنابر إلى حلبات صراع تكرِّس الخلاف والكراهية والبغضاء والحقد والعداوة بين فئات المجتمع.
وحينما تتحوَّل إلى مجالس مفتوحة للغيبة والنميمة والهجاء وقلة الأدب.. أمام أشخاص لبسوا جلابيب الحماقة والعداوة والبغضاء، وصاروا يتطايرون كالخفافيش وأسراب الذباب والبعوض - خلف أسمائهم المستعارة - يتهمون هذا.. ويشككون في ذلك.. ويصنّفون الآخرين.
ويهاجمونهم، ويكفّرونهم، ويستعدون عليهم، ويقذفونهم بأقذع الأوصاف والألقاب.
هذه هي حال الساحات على شبكة الإنترنت.. لقد تحوَّلت إلى ساحة مفتوحة لصراع الديكة والزنابير والعقارب والثعابين.. ولنشر ثقافة العداوة والبغضاء من قِبل الحاقدين الصغار ضد الوزراء والأمراء والعلماء والأدباء..!
وأكاد أجزم بأن كل المتصارعين في تلك الساحات أو معظمهم - بتعبير أدق - هم من أصحاب التجارب الفاشلة - صحفياً وإعلامياً وأنهم جبناء غير قادرين على الحوار والمواجهة بأسمائهم الصريحة.. ولذلك فقد لجؤوا إلى شبكة الإنترنت ونقلوا معركتهم إلى الساحات وأمثالها من المواقع التي تستقبل كل من هبّ ودبّ، وتنشر الغث والسمين.. ذلك لكي يواروا تجاربهم الفاشلة، ويعوضوا خسارتهم النفسية والمعنوية، ولكي ينفثوا سمومهم وأحقادهم على الآخرين خلف الكواليس.
نعم.. قد يكون منهم فئة قليلة ذات نوايا ومنطلقات حسنة.. لكن هذه الفئة لا تشكِّل نسبة أمام الفئة الغالبة التي تتخذ من الساحات مسرحاً للإرهاب الفكري الذي تسعى الدوائر الرسمية لتجفيف منابعه والقضاء على رموزه.
إن صوت الفئة القليلة ذات النوايا الحسنة يضيع ويتلاشى بين فحيح الأفاعي.. ولذلك فإنه يظل - دائماً - الصوت الأضعف والمحارب والمقموع على موقع الساحات.
لقد سمعت من أكثر من مصدر بأن موقع الساحات على شبكة الإنترنت موقع إماراتي يمتلكه شخص أو عدة أشخاص من الإمارات العربية المتحدة.. لكن الملاحظ أن أكثر المشاركين فيه سعوديون، وأكثر القضايا التي تُطرح فيه قضايا سعودية، وأكثر الذين يتعرَّضون للأذى فيه وزراء وعلماء وأدباء وشعراء سعوديون - أيضاً -..؟!
وهذا أقوى مؤشر على أن جماعتنا يتهافتون على المواقع التي تتيح لهم المجال واسعاً للمهاترات, وبث الأحقاد، وتسديد الفواتير، ونشر الغسيل.. المواقع التي تسيء للسعودية وللسعوديين، وتحاول أن تثبت للعالم بأن السعودية بؤرة الشر..، وبأن الشعب السعودي شعب حاقد، وجاهل وبذيء وغير محترم.. شعب يتعصَّب لرأيه ولثقافته ولدينه.. ويحمل العداء والكراهية لكل الآراء والثقافات والأديان الأخرى..!
فهل ننتبه لهذه المكيدة ولهذا المطب، ولهذا الفخ..؟! وهل تتحرك الجهات المسؤولة لإيقاف هذه المهزلة التي اسمها (الساحات)..؟!
هذا هو السؤال المهم.. أما السؤال الأهم.. بل الأسئلة الأهم فهي: إلى متى سوف تظل ثقافتنا ثقافة أحادية الجانب..؟! وإلى متى سوف يظل صوت المتطرفين والمتشددين هو الصوت المهيمن على مشهدنا الثقافي..؟! وإلى متى نظل عنواناً للانغلاق ورفض الانفتاح؟ أو إلى متى سوف نظل نحمل العداء والكراهية لكل من يخالفنا في الرأي..؟!
ألسنا نردد في منتدياتنا وعلى منابرنا تلك العبارة الشهيرة: (الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)..؟!
يجب علينا أن ندرك أننا في هذه البلاد مختلفون في عاداتنا، وتقاليدنا وثقافاتنا وقناعاتنا، ومدارسنا، واتجاهاتنا، ومذاهبنا، مثل كل شعوب الأرض وكل بلاد الله الواسعة.
يجب أن ندرك هذه الحقيقة وليس لفئة أو جماعة أن تفرض ثقافتها على بقية الجماعات والأطياف الأخرى التي تشكِّل المجتمع الواحد والشعب الواحد.
ومن خلال تجربتي الخاصة، وتعاملي المحدود الذي لا يتجاوز فتح الموقع والاطلاع على بعض ما يُطرح فيه.. تأكد لي أن موقع الساحات موقع فضائحي.. يتتبع المشاركون فيه عورات الآخرين وأسرارهم وأخطاءهم، وينشرونها، على الملأ مخالفين بذلك أمر الله للمؤمنين بترك التجسس على الناس واغتيابهم في قوله عز من قائل:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (12) سورة الحجرات.
ورغم أنني من غير المشاركين في هذا الموقع إلا أنني وجدت من يشارك فيه باسمي، ووجدت من أُقدِّر فيه شجاعته الأدبية ومشاركته باسمه الصريح يتهمني بأني أكتب في الساحات تحت مجموعة من الأسماء والتواقيع المستعارة، كما وجدت أحد كُتَّاب الساحة يلاحق كل ما يُنشر باسم حمد العسعوس في الساحات بالنقد والتجريح الشخصي، حتى ليظن المتابع أن بيني وبين هذا الرجل ثأراً شخصياً..؟!
كما تأكدت من شيء آخر، وهو أن هذا الموقع بما فيه وبمن فيه ضد كل توجُّهات الدولة السعودية - حرسها الله- نحو الإصلاح والتحديث، والتأليف بين أطياف المجتمع وترتيب الأوضاع وتوحيد الجبهة الداخلية وتوطيد الأمن وتنمية الموارد الاقتصادية والبشرية وتصحيح الأخطاء وأخيراً, وليس آخِراً.. فإن الخط العام لموقع الساحات يصب في خانة التطرف والإرهاب، ويدعم المتطرفين والإرهابيين - كفانا الله شرهم-.
وعندما نشر أحد المشاركين فيه قصيدة لي عن تنظيم القاعدة في الساحة الأدبية، انتقدوا القصيدة بشراسة، وهاجموها بقوة، ثم حذفوها من الموقع..؟!
القصيدة بعنوان (على رصيف القاعدة) وهي - رغم تواضعها من الناحية الفنية - إلا أنها وبشهادة الكثيرين أول قصيدة تهاجم رموز هذا التنظيم وتفضح أفكارهم وممارساتهم وتنتقدها بكل تجرد ووضوح وكانت لها أصداء واسعة، وحازت على إعجاب الجميع، ماعدا (قناة الإفساد، وموقع العاهات)..!!
فإلى متى سوف نظل واقفين مكتوفي الأيدي وصامتين إزاء تجاوزات هذا الموقع على رموزنا، وعلى مشاريعنا التنموية والتطويرية..؟!
وإلى متى سوف نصبر على أذى هؤلاء المرجفين، ونتركهم يشوِّهون سمعة بلادنا، وصورة مثقفينا (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)..؟!!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved