لاحظت - كما لاحظ الكثيرون غيري - دموع التماسيح التي ذرفتها هذه القناة حين تختم حديثها في نشرتها الإخبارية عن موسم الحج بأن الحكومة السعودية منعتها من دخول المملكة كجهة إعلامية تغطي موسم الحج!!
يتبادر لذهن بعض الناس أن هذا المنع السعودي ليس له ما يبرره أو يفسره!!
مع أن كل متابع لهذه القناة يعلم يقينا كيف تتعامل قناة الجزيرة مع الشأن السعودي بعيداً عن الموضوعية والحيادية.
هل توجد دولة ترغب في منع وسائل الإعلام؟!
كل دول العالم - ولا أستثني أحدا منها - ترحب بل وتتمنى أن تغطي القنوات الفضائية والصحف والإذاعات أخبارها الداخلية والخارجية بل قد تقدم الأموال وتقدم التسهيلات من أجل ذلك.
ولا يعقل أن أي دولة تمنع هذه القناة أو تلك الصحيفة من العمل على أراضيها إلا إذا كانت على يقين بأن هذه الوسيلة الإعلامية تحمل في جعبتها ما تحمل من النوايا المبيتة، ولدى هذه القناة من التاريخ ما يشهد على عدم مهنيتها في العمل الإعلامي.
نحن نعلم - كما يعلم الكثير غيرنا - أن القنوات الفضائية سواء كانت خاصة أو حكومية، وحتى من الدول غير الإسلامية تشارك في تغطية موسم الحج ولم يمنعها أحد بل يقدم لها كل التسهيلات الممكنة.
إذن لماذا منعت قناة الجزيرة القطرية من التغطية دون سائر القنوات الفضائية والوسائل الإعلامية في مشارق الأرض ومغاربها؟
ونحن نعلم يقينا أن نقل شعائر الحج ليس كنقل مباراة رياضية حتى تمنحها السلطات السعودية قناة دون أخرى، أو يكون لذلك بث حصري، حاشا وكلا، فسياسة السعودية في نقل شعائر الحج وصلاة التراويح والقيام في شهر رمضان واضحة جداً من التأكيد على النقل المجاني.
إذن ما القصة وماذا الذي حصل؟
السعودية لم تنفرد بالمنع
وقبل الحديث في هذا الموضوع أقول: إن السعودية ليست الوحيدة من الدول والحكومات التي عاقبت قناة الجزيرة بالمنع من المشاركة في تغطية شؤونها الداخلية في هذه الدول، فالكثير من الدول منعت قناة الجزيرة لأنها تعمل بسياسة من يقول: (لا تقربوا الصلاة) ويسكت، فالأردن والبحرين والعراق والجزائر والكويت ومصر ودول عربية أخرى منعت الجزيرة كلياً أو جزئياً من نقل أحداث في هذه الدول لأن للجزيرة سياسة معروفة في نقل الأحداث.
لماذا منعت السعودية الجزيرة من التغطية؟
دائماً ما يتكرر الحديث عن قناة الجزيرة ورفض وزارة الثقافة والإعلام السعودية إعطاء التصريح لهذه القناة بمزاولة الأنشطة الإعلامية في أراضيها، وذلك لأن هذه القناة غير حيادية ولا نزيهة في الحديث عن الشأن السعودي بما في ذلك موضوع الحج نفسه حيث التهميش للدور السعودي في خدمة الحجيج وتكبير وتضخيم لأي حدث عارض يحصل في الحج.
لن ننسى!!
وإن نسي الآخرون فلن ينسى السعوديون ولا أظنهم ينسون ما قامت به هذه القناة من موقف لا يمت للعمل الإعلامي النزيه بصلة حين قامت بنقل نصوص منتقاة بعناية من الشريط الذي أدلى فيه بعض أفراد الفئة الضالة عن مسئوليتهم عن تفجير مجمع المحيا بالرياض ونقلوا من الـ(90) دقيقة قرابة الـ(6) دقائق فيها عبارات يرددونها في سبب القيام بهذا العمل المشين في طريقة نقل لا تحمل أي إدانة لهذه الجريمة التي اهتزت لها المشاعر وأدانها الكل.ولن ينسى السعوديون أبداً كيف كانت هذه القناة تنقل الأحداث الإرهابية في السعودية بشكل سريع وبطريقة فيها إثارة أكثر من الموضوعية، مع أن حادثة التفجير التي وقعت على بعد أمتار من مقر القناة أخذت الكثير من الوقت حتى تتحدث عنها.
وجهات نظر ومناقشتها
(1) يقولون: إن قناة الجزيرة هي أكثر المحطات الإخبارية العربية مشاهدة، ومع أن هذا الكلام يحتاج إلى توثيق إلا أن كثرة المشاهدين لا تدل دائما على مصداقية هذه القناة أو تلك، بل أكثر الناس تجذبهم الأحاديث والبرامج الساخنة في هذه القناة أكثر مما يشدهم البرامج العلمية الجادة المبنية على التوثيق وهذا أمر مشاهد محسوس، ودعني أضرب لك مثلاً: فنحن نجد السياح في كل دول العالم حين يزورون وجهة سياحية هنا أو هناك يذهبون إلى حدائق الحيوان وأماكن الترفيه أكثر مما يذهبون إلى المكتبات والمناشط الثقافية، فهل هذا يدل على أن هذه الأماكن أهم!؟
(2) أكبر كذبة مررتها على الآخرين وصدقتها القناة هي ما رددته واستثمرته لصالحها وتاجرت به من أن نية كانت لدى الرئيس الأمريكي بوش لقصف مقر قناة الجزيرة!!
وهذه بدون شك أكبر نكتة في العام (2005م)!
أليس من الأولى قبل قصف مقر الجزيرة في قطر أن تقوم الولايات المتحدة بقصف أو إغلاق مكاتب الجزيرة في أمريكا نفسها؟!
وهل يعقل أن تقصف هذه القناة وهي في العام نفسه تفتح مكتبها في إسرائيل بل كانت القناة محط تفاوض للشراء من رجل الأعمال الإسرائيلي (حاييم سبان) وذلك في أواخر العام (2004م) فهل يعقل أن يقدم رجل أعمال إسرائيلي على مثل هذه الخطوة دون أخذ ضوء أخضر من أمريكا مع العلم بأن المفاوضات كانت جادة جداً وكان الطرف الثاني فيها مسئول قطري.
دعوة للضحك!!
من فرط فرح قناة بحادث التدافع بين الحجاج نقلوا الخبر على وجه السرعة ولم يفرقوا بين الوزراء في المملكة العربية السعودية فقالوا ما نصه: أعلن وزير الداخلية السعودي حمد بن عبد الله المانع أن عدد ضحايا التدافع خلال رمي الجمرات في منى ارتفع إلى 345 قتيلاً.هذا ما قالوه!! فهل يعقل أن قناة مثل الجزيرة يصل بها الجهل إلى الحد الذي لا تعرف فيه أن وزير الداخلية هو الأمير نايف بن عبدالعزيز؟! وأن الدكتور حمد المانع هو وزير الصحة؟
وقد وقعوا في هذا الخطأ ليتبين لأي منصف كيف أنهم يستعجلون في نشر أي خبر مؤسف عن المملكة دون التأكد من أمور من أبجديات العمل الإعلامي!!
هل نحن ضد النقد؟!
السعوديون لا يقفون موقفا متشنجا من نقدهم في القنوات الفضائية، وبإمكانك النظر في الكثير من البرامج التي تبثها فضائيات خليجية وعربية، وفيها نقد متعدد لقضايا سعودية محلية وخارجية، فالسعودية حكومة وشعبا منذ الحادي عشر من سبتمبر وحتى يومنا هذا وهي الوجبة المفضلة للكثير من الفضائيات ولم نقف من ذلك موقفا متشنجا بل العاقل يستفيد من النقد لكن العاقل يرفض الكذب والتهجم غير المبرر وتكبير الأخطاء وتصغير المنجزات، وهذا ما انفردت به الجزيرة عن الكثير من القنوات التي تناقش الشأن السعودي.
وحتى لا يكون كلامي عاما فبإمكان أي منا النظر في برامج عديدة، فبرنامج مثل الحدث في المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC) أخذت السعودية الكثير من مشاركاته، وهو برنامج يبث على الهواء مباشرة، والكثير من برامج قناة المستقلة، وبرنامج بلا رقيب في قناة الجديد، وبرامج في قناة المنار، وبرنامج المقال في قناة دبي، وبرامج عديدة لا تحضرني الآن كلها تنتقد السعودية وأحيانا يكون النقد في غير محله، لكن هذه أمور متوقعة الحدوث في العمل الإعلامي مما يجعل مناقشتها نقاشا هادئاً وأمرا مطلوبا بخلاف برامج الجزيرة وما يعرض فيها.
دعوة للمقارنة
أتمنى على كل شخص ما أن يعقد مقارنة سريعة بين تغطية ال(بي.بي.سي) وتغطية قناة الجزيرة لحادثة التدافع في الجمرات وكيف أن ال(بي.بي.سي) مع مهنيتها العالية تنقل وجهة النظر السعودية كاملة دون عبث وبإمكانها فيما بعد أن تعلق بما تشاء وفق طبيعة العمل الإعلامي.
للتواصل: فاكس: 2092858 |