تقول جودي ميلر الكاتبة الصحفية في النيويورك تايمز مساء 22 من ذي القعدة 1424هـ الموافق 12 يناير 2004م في إحدى القنوات الفضائية: أيها السعوديون عدلوا كتبكم وانشروا التسامح مع اليهود والمسيحيين وعلموا مبادئ الموسيقى، وآراء فرويد وغيره، وإن تعليمكم مليء بالكراهية.ويقول الكاتب ومقدم البرامج الإسرائيلية يعكوف أحملير في مقالة له في صحيفة هآرتس الإسرائيلية في عددها الصادر بتاريخ 28-9-1999م: إن العالم العربي يجب أن يقطع شوطاً كبيراً في تخليه عن التراث القديم الذي يؤسس لبقاء الكراهية والعداء في نفوس الشبيبة العربية إذا أراد أن يتعايش مع الإسرائيليين ويقول إن إحياء ذكرى معركة خطين إنما يخلد في نفوس العرب وأجيالهم الجديدة عدم تقبل دولة إسرائيل. ونشرت مجلة المجلة بعددها رقم 1203 وتاريخ8-3-2003م مقتطفات من التقرير الذي أعدته اللجنة الأمريكية اليهودية (الإيباك) عن الكتب المدرسية في المملكة فقد درست هذه اللجنة 93 كتاباً من الكتب المدرسية في المملكة، ورفعته للكونجرس الأمريكي، ووضعت غلاف كتاب التوحيد للصف الأول الثانوي في المملكة صورة لغلاف التقرير وخلصت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن التعليم في المملكة يدعي أن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول. وما علمت هذه اللجنة أن هذا هو قول الله جل جلاله {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(85) سورة آل عمران كما ذكرت هذه اللجنة أن الكتب المدرسية في المملكة لا تعترف بدولة إسرائيل، وأن المناهج السعودية لا تقدم معلومات وافية عن المسيحين واليهود.يقول فندلي عضو الكونجرس الأمريكي السابق في كتابه (لا سكوت بعد اليوم): إن هذه اللجنة (الإيباك) هي اللوبي الأمريكي الرئيس لإسرائيل في أمريكا وأنها تأسست عام 1951م ويقول مؤسس هذه اللجنة أ.ل. كينان من الإيباك : أن الإيباك هي خط الدفاع الإسرائيلي الأول بسبب دورها الأساسي في كسب المعارك السياسية في واشنطن، وأن الإيباك قد انتصرت على مدى السنوات العشرين الماضية في كل الصراعات التشريعية في الكونجرس. إن هذه اللجنة تبث سمومها ضد المملكة وتفحص كتبنا المدرسية التي يدرسها أبناؤنا وبناتنا ولم تذكر يوماً ما يحفل به الكتاب المقدس لدى اليهود الذي حرفوه وبدلوه ولا ما تعرضه كتب إسرائيل من ازدراء وحقد وكراهية.وقد اطلعت على تحليل لمضمون كتاب اسمه (رحلة إلى الماضي) يدرسه الطلبة اليهود والكتاب صادر عن وزارة المعارف الإسرائيلية لتدريس مادة التاريخ للصف السابع في المدارس الحكومية الإسرائيلية حيث أعد لتدريس التاريخ العام وتاريخ شعب إسرائيل وجاء فيه تطاول على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. يقول الكتاب المذكور عن التقويم الهجري إن هذا التقويم يبدأ من العام الذي هرب فيه محمد من مكة إلى يثرب. كما قالوا في الكتاب المذكور زوراً وظلماً إن القرآن الكريم ليس من عند الله وإنما هو من عند محمد. جاء في الصفحة الرابعة عشرة من الكتاب المذكور: (إن محمداً قَدَّمَ للإسلام دون الله كتاباً مقدساً بالعربية ودون الإشارة إلى أن الكتاب منزل من عند الله). هذا ما يدرسونه للطلاب في إسرائيل تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.وفي كتاب آخر من الكتب التي أقرتها وزارة المعارف الإسرائيلية لتعليم تلاميذ المرحلة المتوسطة مقرر الجغرافيا وهو كتاب القدس (يهوذا والسامرة) يغرسون في نفوس الطلاب الجانب الديني العقائدي يقول الكتاب: تعود بداية القدس إلى القرن العاشر قبل الميلاد عندما توحدت أسباط إسرائيل وصارت شعباً واحداً أيام داوود ويبين الكتاب الجغرافي ما يمثله قبر راحيل من قيمة في حياة اليهود حيث جاء فيه: يوجد قبر راحيل عند قارعة طريق الآباء وهو يمثل حلقة اتصال بماضي بيت لحم المكان الذي ولد فيه بنيامين ودفنت فيه راحيل وولد فيه الملك داوود ويوجد في هذا الكتاب نماذج من هذه الدروس التي أحسبها بعيدة عن علم الجغرافيا، وإنما يركز هذا الكتاب اليهودي على الجانب العقائدي والديني وهو يتناول موضوعات جغرافية.ومن المفارقات العجيبة أن تنشر بعض صحفنا مقالات تطالب بتفريغ مناهجنا من الروح الإيمانية حيث يستنكر أحد الكُتَّاب النصوص النحوية والإملائية الهادفة لبناء شخصية الطالب حيث يقول إن تلك المناهج صيغة لتمرير كثير من الرسائل الإيديولوجية المبرمجة وأن هذه المناهج تدعو للتشدد والإقصاء ويستشهد بما ورد من أمثلة في عدد من كتب اللغة العربية حيث يرى تجريد الكتب من أمثال العبارات التالية (الكافر هو الشقي) (المسلمون قادة العالم) (جهنم مثوى الكافر) (أجاب المسلم داعي الجهاد) (الكافرات يعاقَبن بالنار) (لن يتقدم المسلمون إلا بتطبيق الإسلام) (انتقلت الصناعات من المسلمين إلى الغرب) ويقول ما نصه: (ورد في مادة الإملاء للصف الثاني المتوسط الفصل الدراسي الثاني ص14 قطعة بعنوان لا غرني مخادع وتبدأ بعبارة نصب يهودي فخاً: مع أن العبارة يمكن أن تكون نصب صياد أو نصب رجل، إذ ليس هناك صلة بين ذلك النص وكون الصياد يهودياً إلا إن كان المقصود وصف جنس اليهود بالخداع وهذا ظلم واضح. انتهى كلام الكاتب. إن الكلمات المقطعة التي يوردها الكاتب المذكور لا يمكن أن تكون معبرة عن المحتوى الفكري للمناهج وهذا على طريقة ولا تقربوا الصلاة. والكاتب يخشى من الأدلجة وهو يمارسها فللكاتب موقف أيدلوجي أغلق عليه الأفق فهو يرى الاستشهاد بنصوص من كتب طه حسين الذي طُرد من الجامعة المصرية بسبب موقفه الأيدلوجي ولهذا فما يؤمن به مقدس وإن خالف المقدسات ثم لماذا هذه الحملة على ثقافتنا ومناهجنا وكنا نتمنى أن يكون الكاتب من قومنا مدافعاً عن الحق الذي عندنا كاشفاً لمواقف أعدائنا. فهو يطالب في مقال آخر بتخفيض عدد حصص المواد الدينية يقول: لا يخفى على أي مطلع أنه يمكن تعليم أصول التوحيد بصورة مختصرة في سنة أو سنتين. ويستكثر تدريس مادة القرآن الكريم من الابتدائي إلى الثالث ثانوي ويشير إلى أن القرآن كان يدرس في الماضي للابتدائي فقط ويقول عن مادة الفقه إنها تتضمن بعض الأمور التي لم يعد المسلم المعاصر بحاجة إليها مثل أمور النظافة وزكاة بعض الأموال التي لا يتوقع أن يمتلكها أهل الطفل ولا يمتلكها هو فيما بعد.أرجو من القارئ الكريم أن يقارب بين هذه المطالب الخارجية والمحلية وبين واقع مناهجنا ومناهج دولة إسرائيل.
(*)عضو مجلس الشورى |