Thursday 29th December,200512145العددالخميس 27 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

هذه حياتك.. لا وقت للتجاربهذه حياتك.. لا وقت للتجارب
د. سهام العيسى

يقولون إن أحد العقلاء قال ذات يوم: (تعلَّم من أخطاء الآخرين، حيث إنك لن تعيش ما يكفيك من العمر كي ترتكبها كلها بنفسك), عندما انتهيت من قراءة كتاب (هذه حياتك.. لا وقت للتجارب) لجيم جونوفان تساءلت هل حقيقة يستطيع الإنسان أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون.. حقيقة ترددت أو رفضت الفكرة الأساسية للكاتب، فروعة الحياة هي في المواقف التي نعيشها من فرح وحزن، وفي التحديات التي نواجهها ونحن نحاول أن نجتاز تلك المسارات المليئة بالاخفاقات إلى أن نصل إلى تحقيق أحلامنا.. يجسد المؤلف في الكتاب تجربته في التحول من السقوط في قاع الحياة إلى نجاحه في تغيير ذاته ومواجهة الحياة من جديد بشخصية ناجحة واثقة وعلى النقيض تماماً من شخصيته الأولى.
نعم قد نستطيع تعلم بعض المهارات الحياتية، ولكن من الصعب أن تكون تجارب الآخرين هي القاعدة التي نستند اليها في رحلتنا الحياتية.. وكما يقول طاغور (لا يمكن عبور البحر بمجرد الوقوف والتحديق في الماء) ان تراكم الخبرات في حياتنا هو ما يجبرنا على البناء والتغيير، وما بين مد الحياة وجزرها وإيقاع الزمن المتسارع نجد أن تلك التجارب تجبرنا على إعادة صياغة الكثير من محاور حياتنا سواء كان هذا التغيير عفوياً أو أنه تحت سيطرة وعينا وإدراكنا.
والسؤال هل تستطيع تجربة الكاتب أن تنطبق على اي منا في تزويدنا بكبسولة الفرح والنجاح رغم الفروق الفردية (الدينية والاجتماعية والنفسية والثقافية)؟؟؟
تجارب الحياة أياً كان نوعها تتناوب بين النجاح والفرح والإخفاق والحزن فالتجارب التي تسطع بالفرح.. تمنحنا القوة وتنبت بذور السعادة في دواخلنا.. هذا الإحساس الذي يستمر شعورنا فيه حتى بعد انتهاء تلك التجربة الرائعة وفي رأيي أنه عند مرورنا بتلك التجارب لنتوقف.. ونفكر.. ونحلل.. وندونها بكل مفرداتها حتى تبقى تلك التجربة مغروسة في تاريخ ذاكرتنا وذكرياتنا.
ولكن دورات الكون ليست واحدة.. فقد يهاجمنا الوجع بسياطه.. ويتوقف الزمن في دواخلنا ونعيش مرحلة نحاول اختصارها.. اجتيازها ورغم كل محاولاتنا في التحرر من جاذبية الوضع يتعمق إحساسنا بالألم.. انها لحظات في العمر الزمني نسافر بها إلى منفانا الاختياري.. قد نظن بل جميعاً يؤمن بأنها من أقسى التجارب التي يمر بها الإنسان.. ولكن.. شدة الألم تجبرنا على الولادة من جديد، انها مرحلة ضرورية نعيد بها بناء أنفسنا من جديد.
فهل تكفي تلك النصائح لاجتياز حدود المسافات الحزينة وتجاوز منفى الوجع؟
لا اعتقد ذلك ولكن أياً كانت مرارة وقساوة ما تمر به وبعيد عن خبرات جيم دونوفان أقولها:
عش تجربتك
اكتئب... فمن لم يعش تجربة الاكتئاب لن يعرف المعنى الحقيقي للحياة.
توسد وجعك ليلة... ليلتان.. لدهر
وانتظر بزوغ الفجر
وثق بالله ثم بقدرتك على تحديد مسار الضوء في حياتك.
فغدا نهار آخر تتوحد فيه مع ذاتك ومع إشراقة نهار جديد
عش تجربتك بكل هزائمها ولا تحولها إلى كارثة تشدك إلي القاع وتأكد أنه ليس هناك إخفاق في الحياة وإنما هي تراكم خبرات.. فحصاد تجربتك هي مكتسباتك الحقيقية في هذه الحياة.
دونها.. وعد إليها بعد زمن.. دونها وابنِ إضافة معرفية فقط إلى الآخرين.
واستمتع بتاريخك العمري بين منحنيات الفرح والحزن فهي ثروتك ورصيدك الحقيقي في هذه الحياة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved