تَستحدث الجهات المعنيَّة آلاف الوظائف التربوية سنوياً لضخِّها في ميدان التعليم لأجل إغداق المدارس بما تحتاجه من التخصصات اللازمة للطلاب. إلا أنَّه بمقارنة الأرقام الوظيفية التي على رأس العمل مع الإحصائيات الفعلية الموجودة في الميدان اتضح للجهة المختصة أنَّ ثمةَّ أرقاماً كبيرةً من وظائف المعلمين غير موجودة في المدارس بموجب المسميات الوظيفية مما يستدعي الاستيضاح عن مقار العمل. فأصدر معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله بن صالح العبيد قراره الذي يقضي بإنهاء تكليف جميع شاغلي الوظائف التعليمية بأعمال غير التدريس سوى كفاءات محدودة، ريثما يتم احتواء كافة الأرقام الوظيفية ومن ثم يسدد احتياج الإدارات التعليمية وفق معايير منطقية ومعقولة وبما تُمليه الحاجة الفعلية. ومما يُثير التساؤلات: هل أولئك الكمُّ الهائلُ من المعلمين اقتضت المصلحة لنقلهم إلى الإدارات التعليمية أو جهاز الوزارة؟ أم أن الغالبية آثروا الأعمال الإدارية ودفء المكاتب ووصلوا إليها، ناهيك عن الآخرين الذين انتقلوا ندباً للعمل في قطاعات أخرى!! وهذا بلا شك سيحُدث فراغاتٍ في بعض المدارس حينما تَظلُّ بضعة أسابيع من بدء الدراسة تشكو معاناتها من نقص التخصصات، وبالتالي تقعُ وزارة التربية والتعليم في حيرة من أمرها أمام وزارتي المالية والخدمة المدنية وكذلك الرأي العام مع مطلع كل عام، مما يتطلب إعادة النظر في ترتيب الأوراق ومعرفة الدواعي والأسباب لئلا يتكرر هذا النزف الذي كثيراً ما أنهك كيان الميدان التعليمي خلال الأعوام الخالية. وكأنَّي بالحقيقة تقول: لماذا لا يحدثُ ذلك في تعليم البنات رغم تفوُّقها في أعداد المدارس وقلة الأنصبة للمعلمات مع أن أعداد الوظائف المحدثة متناسبة. وما الذي يحلِّل لأولئك المعلمين الذين لا يُزاولون مهام مسمياتهم الوظيفية تسلم بدل التدريس وفصولهم أحقّ بهم سواء كانوا في جهاز الوزارة أو في أقسام الإدارات أو مُعارين لقطاعات أخرى؟ ولماذا والحالة هذه لا يُصنَّفون على سُلَّم المراتب الوظيفية بالمعادلة؟. فَأنْعِمْ بها من خطوة وزارية شجاعة تسعى للتوازن والموضوعية. وتُجفّف منابع التسرب عن المهنة، وتُخفِّف الأعباء على المعلم، والأهمُّ من ذلك مصلحة الطالب الذي هو المحور الأساس وفوق كل الاعتبارات.
|