Sunday 18th December,200512134العددالأحد 16 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

باختصارباختصار
وينك يا درب السعادة
نورة المسلّم

هناك أغنية جميلة لمحمد عبده تتضمن هذا المعنى الذي يأتي بعد البحث عن درب المحبة الكفيلة بنشر المحبة والتصالح مع النفس وما حولها ومن ثم يأتي الشعور بالسعادة قياساً على كمية (النكد) المهدور في الكره والبغضاء.
وحين نقرأ مفهوم السعادة النسبي في عيون الناس نجد أنها تختلف باختلاف المكان والزمان.
الإنسان الذي يحمل نفسه على الأرض يبحث في الحقيقة عن مأوى ولقمة عيش وأسرة ومأمن، لكن الأمور هذه كلها لا تشكل السعادة، إذا لم ينبعث هذا الشعور داخلياً كالاستعداد النفسي لهذا الشعور، كما أنها مهارة إنسانية يتطلب بلوغها الحد من أي عوائق، بل يقال إن قمة السعادة تكمن في مهارة التغلب على المصاعب وتسطيحها للخروج من أنفاق الحياة البائسة، وقد يحضرني الآن صور لأناس اترفوا بهذه التفاصيل (متطلبات الحياة) إلى درجة عدم الشعور بها، لكنهم لم يوقفوا الحلم بحثاً عن السعادة المنشودة، بل أصبحوا في مطاردة للإطار الأبدي النهاية حتى الموت، مثلاً: إذا كانت القدرة المالية (وهي حقيقة) جزءا من تصور بلوغ السعادة لأنها تحقق متطلبات الحياة وتسهل تحقيق الأهداف، فإنها أيضا تدخل الكثير في دوامة المزيد، فمن يملك مليونا يتمنى لو أصبح اثنين وهكذا، بيد أن الحقيقة في مثل هذه التصورات الإنسانية الملحة التي هي جزء من الواقع هي أن إخراج صيغة لمزاج سعيد أمر بالغ الصعوبة، وحين ذكرت أن مقاييس السعادة تختلف بالأزمنة والأمكنة فذلك لأن الإنسان يبحث عن ضالته وسط محيط يتواجد به أقران ومواصفات ومقاييس عامة، وبالتالي يقيس عليها حاجاته!!
قيل إن السعداء عادة هم أكثرية من البسطاء، فملامح أحلامهم المحدودة تمنحهم هذه المساحة للشعور بالسعادة والاستمتاع بتفاصيل ربما كانت أقرب إلى الإنسانية من غيرها من مؤشرات للسعادة المصطنعة أو المعلبة!
وأتذكر جارة لنا كانت تأتي لتشرب قهوتها عند أمي كل صباح، لم أر هذه المرأة عابسة يوماً ما، وحين علمت بأن هذه المرأة مهمومة ومريضة، سألت لماذا تصر على شرب قهوتها عندنا، قالت لي أمي: إنها تهرب من جو يوحي إليها بالمرض فتأتي إلى هنا، وحين سألتها ذات مرة: لماذا تبتسمين دائماً؟ قالت بما يعني أنها صنعت سعادتها حين عجز واقعها أن يمنحها شيئا منها، فتقارير الأطباء لا توحي بأمل ووضعها المادي تعيس جداً، حين أشارت إلى فنجان قهوتها قائلة: سعادتي هنا، كلما شربت فنجان قهوتي شعرت بأن الله يرسل رسالة جديدة كل صباح بأن أبتسم وأشعر بالسعادة!
قبل أن أنتهي، يجب أن أشير إلى صناعة السعادة عن طريق العقاقير، فقد انتشرت أدوية الاكتئاب، وأصبح الناس في هوس البحث عن الابتسامة والملامح المسترخية، عن طريق تناول مثل هذه الأدوية المضادة للاكتئاب، والباعثة على (التتنيح)، فأصحابها يبدون كالدمى المتحركة، رغم أنها أصبحت تصرف من الصيدليات في المملكة بدون وصفة طبية، وقد لا يلام الناس، في ظل هذه الهموم، إن تذكروا مثل تلك الأغنية، وينك يا درب السعادة!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved