للدول الأعضاء في مجلس التعاون دور بارز وموقف واضح من قضايا الصراع العربي الصهيوني، ودعم الجهد العربي العام والمساهمة المباشرة في الصراع، والمساهمة في جهود التسوية السلمية، واحتضان الفلسطينيين ومساندة حقوقهم، ومساندة دول المواجهة، والمقاطعة العربية الشاملة ضد اسرائيل، ودعم منظمة التحرير والمحافظة على قوتها ووحدتها، والقضية اللبنانية. والثابت تاريخيا ان شعوب الخليج قد تجاوبت - بقدر الامكان من النواحي السياسية والإعلامية - مع التيارات السياسية في العالم العربي خاصة محاولات اغتصاب فلسطين منذ العشرينيات، كما ان بعض هذه الشعوب ومنها الشعب السعودي قد تجاوبت بحماس ظاهر مع المشاعر الفلسطينية المناهضة لحركة الاستعمار الصهيوني لفلسطين خلال الثلاثينيات. وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة بين دول المجلس التي وإنْ ظلت بعيدة عن عصبة الأمم، فقد شهدت تأسيس الأمم المتحدة، وصدور قرار التقسيم عام 1947 واشتركت مع الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة في رفض القرار، كما اشتركت مع بقية الدول العربية في المواجهة العربية الأولى مع القوات الصهيونية. واستقلت امارات الخليج تباعاً، الكويت 1961م، وكل من قطر والامارات والبحرين وعمان 1971، فأمكن لها ان تنضم الى الامة العربية في هذا الصراع المزمن، بالإضافة الى المملكة العربية السعودية. دعم الجهد العربي العام والمساعدة المباشرة في الصراع اشتركت المملكة والكويت في مؤتمر القمة العربي في الخرطوم (اغسطس 1967) الذي قرر مساندة دول المواجهة في إزالة آثار العدوان، ثم انضمت بقية امارات الخليج الى هذا الجهد بعد استقلالها، وخلال حرب اكتوبر لعبت الدول الاعضاء في المجلس دوراً مهماً في حظر البترول وفي الحرب الاقتصادية ضد الدول التي تساند اسرائيل، وهو الخطر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية واعتبرته عملا من أعمال العدوان، ونبه الى الدور السياسي الخطير للبترول، ما دفع هذه الدول الى العمل بهدوء على تحطيم الاوبك من ناحية، وتمزيق وحدتها والقضاء على مصادر القوة العربية وإزالة الأثر السياسي الخطير للبترول بعد ان صار هذا الاثر من قضايا الحرب الباردة والتكالب السوفييتي الامريكي على الخليج، كما ان ذلك من ناحية أخرى ربما دفع كلا من العملاقين والدول الغربية بدرجات متفاوتة الى المساعدة في اندلاع حرب الخليج، او مباركتها والتقاعس عن السعي لتسويتها حتى تستنزف - مع أزمة الأوبك - الموارد المالية للدول الخليجية. ونظراً للارتباط الواضح من جميع الوجوه بين الحرب العراقية الايرانية والصراع العربي الاسرائيلي، فقد ادركت دول المجلس ان إطالة أمد الحرب الذي تسعى اليه اسرائيل والذي تكشف صراحة في تقرير تاور الذي حقق في فضيحة ايران جيت عام 1987م، تؤدي الى تعطيل تسوية القضية الفلسطينية، كما تؤدي الى اضعاف القدرات الاستراتيجية العربية، ولذلك كان سعى دول المجلس الى البحث عن نهاية سريعة لهذه الحرب ينطوي على ادراك كامل بأهمية ذلك لخدمة القضية العربية، ومن ناحية أخرى، ربطت دول المجلس ربطاً منطقياً بين موضوعين مهمين، أولهما أن أمن الخليج جزء من الأمن القومي العربي حيث ان ما يهدد احدهما يهدد الآخر بالتبعية، وثانيهما ان الخلافات العربية تضعف الطاقات العربية وتهدد الأمن الخليجي والقومي والعربي على حد سواء، ولذلك سعت دول الخليج الى تنقية الأجواء العربية والخليجية أيضاً. دعم منظمة التحرير ووحدتها والحقوق الفلسطينية والمشاركة في التسوية السلمية تؤكد دول المجلس في جميع المناسبات والمحافل في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وفي قرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأنه لا سلام إلا بتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقوق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن المؤتمر الدولي هو السبيل الوحيد إلى بحث مجمل النزاع الذي تشترك فيه المنظمة على قدم المساواة مع بقية الأطراف. وأعلنت دول المجلس تضامنها مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية إبان الحصار الاسرائيلي بيروت عام 1982، كما لعبت دوراً مهما في تأكيد استقلال القرار الفلسطيني، والحفاظ على وحدة المقاومة ومنع تمزقها والمصالحة بين الصفوف الفلسطينية، وبينها وبين الدول العربية التي تقع معها أزمات، مثلما كان حرصها واضحاً على التوصل الى الوفاق الأردني الفلسطيني عام 1985 باعتباره نقطة بدء استمرار الدفع في الجهود السلمية. وعندما تقدمت المملكة العربية السعودية عام 1981 بمشروع السلام السعودي الذي عرف حينذاك (بمشروع الأمير فهد) ساندته دول المجلس وطلبت من السعودية تقديمه لمؤتمر القمة العربي، فهو وان لم يكن مشروع المجلس، فقد لقي مساندته، ويعبر عن موقفه قبل ان يصبح واقعا تعبيراً عن الموقف العربي العام من مجمل شروط التسوية السلمية بعد ان أقرته القمة العربية الثانية عشرة في فاس 1982م. فمنذ القمة الخليجية الأولى أوجز المجلس موقفه من شروط التسوية بما فيها الانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي العربية المحتلة، وفي طليعتها القدس الشريف، وظل يؤكد على هذا الموقف حتى الآن. وخلال القمة الخليجية الرابعة (الدوحة - نوفمبر 1983) حرص زعماء المجلس على المشاركة في الجهود العربية الرامية لحقن الدم العربي المراق في الصراع بين سوريا ومنظمة التحرير في طرابلس، إبان الفتنة الكبرى التي لحقت بالمنظمة في أعقاب محنة بيروت، وانتهت بالخروج الثاني للمنظمة من لبنان، واسرائيل تتربص بالجميع، فقد اوفدت القمة الرابعة وزيري خارجية الكويت وقطر للتعاون مع تونس والجزائر والجامعة العربية لترتيب وقف القتال، مؤكدة دعمها وحدة المنظمة وتماسكها وحل اي خلاف عبر القنوات الدستورية والشرعية، مجددة تأكيدها ذلك في تلك اللحظات الحرجة في مسيرة الكفاح الفلسطيني، وقد ظلت قرارات المجلس تؤكد على وحدة المنظمة وتمثيلها وحدها للشعب الفلسطيني. كذلك تمسكت دول المجلس بدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته وانتفاضاته المستمرة ضد الاحتلال الصهيوني وبطشه، وسياساته الاستيطانية والاستعمارية، ومن ذلك ما حفل به بيان القمة الخليجية الثامنة في الرياض في ديسمبر 1987م من دعم للانتفاضة الكبرى التي بدأت في الاراضي المحتلة منذ اوائل ديسمبر 1987 ولا تزال حديث العالم حتى الآن، وجاء في ذلك البيان الاكبر لصمود الشعب الفلسطيني في وجه إجراءات القمع والبطش الصهيوني، وإصراره على رفض الظلم. مساندة الدول العربية المتضررة من العدوان الإسرائيلي لم يتردد مجلس في التعاون لحظة واحدة، كما لم تتردد دوله فرادى في مساندة الدول العربية التي كانت هدفاً للعدوان الاسرائيلي مساندة مادية ودبلوماسية، فلا تزال وحدة لبنان الوطنية، ودعم استقلالها وصيانة أراضيها ضد الاحتلال والعدوان الإسرائيليين موضع الاهتمام في قرارات مجلس التعاون، فلا يكاد يخلو اجتماع قمة أو وزاري من بحث هذه القضية، ومنها القمة الخليجية الثامنة في نهاية 1987 التي أولت اهتماما خاصا بالوضع في لبنان وعبرت عن الألم وما يعانيه الشعب اللبناني. وناشد المجلس زعماء لبنان وشعبها تغليب مصلحته والمصلحة العربية العليا على أية اعتبارات أخرى. وقد لعبت بعض دول المجلس وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية دورا مؤثراً مباشراً في الوساطة لتحقيق الوفاق اللبناني عدة مرات، وساند المجلس سوريا في جميع المناسبات التي تهددها فيها اسرائيل، كما اعرب عن مساندته وتضامنه مع تونس بعد العدوان الاسرائيلي على مقار منظمة التحرير في تونس في اكتوبر 1985، كما ان دول المجلس ادانت العدوان الاسرائيلي على المفاعل النووي العراقي في يونيو 1981 في الأمم المتحدة وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، فضلا عن إدانة هذه الدول ضم اسرائيل كلا من القدس والجولان السورية. والواقع ان السياسة السالف ايضاح جوانبها التي تبناها مجلس التعاون تجاه الصراع العربي الصهيوني هي نفسها السياسة التي تمارسها دول المجلس فرادى تجاه هذا الصراع. وتبقى بعد ذلك ثلاث ملاحظات منهجية: الملاحظة الأولى: تركز بيانات القمة الخليجية بشكل أكبر نسبيا على إيضاح الموقف من جوانب الصراع العربي الصهيوني الى جانب معالجة قضايا أخرى أبرزها الحرب العراقية الإيرانية، بينما يكون التركيز النسبي في البيانات الوزارية على الحرب العراقية الإيرانية والوضع العربي بوصفه عاملا مؤثراً كما ذكرنا على تلك الحرب. الملاحظة الثانية: إن بيانات مجلس التعاون تشير الى الصراع العربي الصهيوني باستخدام عدة مصطلحات هي (القضية الفلسطينية) أو الوضع في الشرق الأوسط او النزاع العربي الإسرائيلي او الوضع السياسي الراهن في المنطقة او قضية الشرق الأوسط. الملاحظة الثالثة: هي أن احدى دول المجلس وهي السعودية في عداد الأطراف المعنية في القضية، وكانت دائماً قريبة او طرفا مباشرا في الحرب والسلم، وتشملها المشاورات بشأن كل التطورات، وذلك يجعل موقف المجلس من الصراع العربي الصهيوني ليس مجرد موقف نظري. أما أسباب شمول السعودية ضمن الأطراف المعنية بالصراع واقترابها الشديد من المشكلة فهي أنها ذات جوار مباشر مع اسرائيل وتعتبرها طرفا في الصراع، وأن ثقلها السياسي في الصراع وعلاقتها بأطرافه العربية تجعل اشراكها في جهود التسوية عملا ايجابيا، فضلا عن علاقاتها التقليدية مع الولايات المتحدة، وعلاقاتها المتطورة مع الاتحاد السوفييتي. وقد أثارت اسرائيل كعادتها ضجة كبرى عندما حصلت السعودية على صواريخ صينية متوسطة المدى من طراز اي إس إس 2، وهددت بضرب قواعد الصواريخ. وقد سبق لإسرائيل والأوساط الصهيونية معارضة كل صفقات الأسلحة السعودية. رفض الحلول الثنائية أو الجزئية للصراع أسهمت دول المجلس جميعاً في الحرب الاقتصادية والبترولية ضد اسرائيل واصدقائها عام 1973م، ولم تعارض الاهتمام الأمريكي بالبحث عن تسوية سياسية للمشكلة بعد انتهاء حرب اكتوبر، لأنه كان ينسجم مع سياساتها المناهضة للسوفييت في ذلك الوقت، ويبدو انها رحبت بهذا الخط الذي بدأ في الواقع بابعاد الخبراء السوفييت من مصر، كما انه ينسجم مع الخريطة السياسية للخليج بعد انسحاب بريطانيا واستقلال اماراته عام 1971م. ولكن التغير الحاد في الاتجاه العام الذي بدأ بزيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977 وما أعقبه من ابرام اتفاقيتي كامب ديفيد 1978 واتفاقية السلام 1979 بعد اسابيع من سقوط الشاه، كل ذلك كان وقعه سريعا وعنيفا لدى دول المجلس، فلم يفتها ركب الدعوة التي تبنتها بغداد بغرض مقاطعة شاملة ضد مصر وتعليق عضويتها في الجامعة العربية، ونقلها منها الى تونس، ولم يشذ عن هذا الخط من دول المجلس سوى عمان التي ظلت على علاقتها مع مصر وتحفظت على قرارات بغداد. وقد ظلت بقية دول المجلس تصر على ضرورة تسوية هذه المشكلة في نطاق قرارات قمة بغداد، حتى سويت بقرار قمة عمان الطارئة في نوفمبر 1987. والواقع ان احدا في العالم العربي لا يقبل التسوية الثنائية او الجزئية للصراع حيث تؤدي الى ابتسار النتاج وتجزئة القوة العربية اذا افترضنا انها كانت ولا تزال قوة متماسكة متناسقة خالصة.. والمحقق ان مصر نفسها لم تقدر ان هذه التسوية ستقتصر عليها مع اسرائيل، وانها نهاية المطاف بهذا الصراع؛ ولذلك حاولت مصر منذ تلك التسوية تصحيح آثارها السلبية وتفويت اهداف اسرائيل منها، وظل موقف مصر العربي ثابتا ودفاعها عن القضايا العربية قويا، فأصبحت القطيعة العربية لمصر تخدم هدفا يسعى اليه أعداء الأمة العربية وهو استمرار تمزيقها واضعافها؛ ولذلك جاءت حيثيات القمة العربية الطارئة في عمان في نوفمبر 1987 التي انهت هذه الحقيقة، وليس هناك اي اشارة في البيانات المنشورة لمجلس التعاون عن هذا الموضوع برمته، ولكن هناك ما يشير الى ان مسألة عودة مصر قد اثيرت عدة مرات في الاجتماعات دون ان تتضمن تلك البيانات، كما ان تصريحات المسؤولين في الدول الاعضاء وكذلك تصريح الأمين العام للمجلس قد التزمت القول بأن هذه القضية عربية يبت فيها بقرار عربي. والملاحظ ان القضايا ذات الحساسية الخاصة تم بحثها في اجتماعات مجلس التعاون دون الاشارة اليها في البيانات الصادرة عن هذه الاجتماعات، من ذلك موضوع العلاقة مع مصر، وإبرام الاتفاق الأردني الفلسطيني عام 1985م، وتعليقه عام 1986 من جانب الأردن، خاصة ان مثل هذه الموضوعات قد تناقش بشكل أوسع ويعلن عنها في إطار آخر كالجامعة العربية. ومن المصادفات الظاهرة ان تنعقد القمم الخليجية في نوفمبر من كل عام في ظروف تواجه فيها القضية الفلسطينية تحديات جديدة ومستمرة ومتنوعة، فقد انشغلت قمة الرياض 1981 بتأكيد الحقوق المشروعة للفلسطينيين ودعم منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وغير ذلك مما تضمنه المشروع السعودي (مشروع الملك فهد) الذي أقرته قمة الرياض في العام ذاته وقدمته لقمة فاس العربية. ثم قدر للقمة الثالثة في المنامة 1982 ان تنعقد في أعقاب تطورات محورية في سير النضال الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي، وهو الغزو الصهيوني للبنان، واخراج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت ومذابح صبرا وشاتيلا، ثم مبادرة ريجان وما أعقبها في قمة فاس الثانية عشرة المستأنفة التي اعتمدت المشروع السعودي للسلام (مشروع فاس). وتداعت بعد ذلك آثار الغزو الإسرائيلي وأخطرها الانشقاق داخل حركة فتح، كبرى المنظمات داخل منظمة التحرير الفلسطينية، الذي بدت بوادره مع بداية 1983 وتفاقم بتوسيع هوة الخلاف بين المنظمة وبعض الاطراف العربية، ووصول الخلاف الى صراع مسلح بين المنظمة والمنشقين عليها؛ ولذلك خصصت القمة الرابعة جزءا كبيرا من جهدها واعمالها لرأب الصراع الفلسطيني وتأكيد دعمها لوحدة المنظمة وتماسكها، وأوفدت الى دمشق وزيري خارجية الكويت وقطر في محاولة من القمة لتجاوز محنة الخلافات الفلسطينية والسورية. وأصيب العمل الفلسطيني المشترك بالشلل واخفقت محاولات تنقية العلاقات الفلسطينية السورية، فلما التأم شمل المجلس الوطني الفلسطيني في عمان في اواخر نوفمبر 1984 تزامن عقد هذا المجلس مع انعقاد الدورة الخامسة للقمة الخليجية التي قررت دعم الشرعية في منظمة التحرير ومساندتها باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ما اعطى دعما سياسيا ومعنويا للمجلس الوطني الفلسطيني، وأمكنه من أن ينطلق بالعمل الفلسطيني في ساحة السلام في الشرق الأوسط الى اتفاق عمان في فبراير 1985، كما مكنت من تهيئة الأوضاع الفلسطينية لأي تحرك عربي مكثف لمساندتها منذ تجديد الولاية للرئيس ريجان في أوائل 1985. وجاءت اجتماعات الدورة السادسة ايضا (نوفمبر 1985) في اعقاب عدد من التطورات الخطيرة التي ألحقت ضررا فادحا بالمنظمة وبالتحرك الاردني الفلسطيني في إطار عملية السلام.. واهم هذه التطورات ضرب اسرائيل مقر منظمة التحرير في تونس في اول اكتوبر 1985م، ثم ما أحدثه خطف الباخرة الايطالية اكيلى لاورو، وارغام المقاتلات الامريكية للطائرة المدنية المصرية المقلة مختطفي السفينة على الهبوط في ايطاليا من حملات مسعورة قادتها اسرائيل وتجاوبت معها الولايات المتحدة، وتهدف الى زعزعة الثقة في أهلية منظمة التحرير للاشتراك في عملية السلام، ونسف الاتفاق الاردني الفلسطيني وزرع بذور الشك والخلاف بين الأردن والمنظمة، ثم الجهد الاسرائيلي الأمريكي المشترك لفرض هذا الواقع الجديد. مجلس التعاون والسلام العربي الإسرائيلي (1990- 1998) أشرنا الى موقف دول الخليج في المرحلة السابقة 1981- 1989 من الصراع العربي الإسرائيلي حيث ساندت هذه الدول الجبهة العربية والفلسطينية وحاولت الحفاظ على قوة الصف الفلسطيني ضد الصراع الفلسطيني - الفلسطيني أو الفلسطيني - اللبناني أو الأردني من قبل. ولقد أدى تحيز منظمة التحرير للعراق إبان الغزو العراقي للكويت إلى شعور دول الخليج جميعا بالمرارة، وهي التي أوت الفلسطينيين وناصرتهم ضد إسرائيل واحترمت المقاطعة العربية وعادت الصهيونية أشد العداء، كما حرصت على تعزيز صمودهم وتأكيد الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف. وطبيعي ان هذه المرارة من الموقف الفلسطيني والعراقي دفعت دول الخليج الى اعادة النظر في المسألة الأمنية وفي مجمل عناصر الوضع العربي، فكان العراق وليس اسرائيل هو الذي هدد امن هذه الدول التي داهمها الخطر من مأمنها وتلك حقيقة استغلتها اسرائيل للأسف لتعميق الصراع العربي، ولذلك عندما قادت واشنطن وموسكو عملية السلام وانهاء مظاهر الصراع العربي الاسرائيلي شارك مجلس التعاون بصفته مراقبا في مؤتمر مدريد، وساند مفاوضات واشنطن بين اسرائيل والاطراف العربية في ديسمبر 1991، كما رحبت دول المجلس بإعلان اوسلو وحثت قمة المنامة في ديسمبر 1994 على تكثيف الجهود لتحقيق التقدم على المسارين السوري - اللبناني، ومنع اسرائيل من اجراء اي تغيير على وضع القدس. وإذا كانت دول المجلس قد قبلت لأول مرة عملية السلام فهو استجابة للمناخ العام، مع استمرار حرصها على الحق العربي الفلسطيني والسوري اللبناني، بل انها ايدت منظمة التحرير في صراعها مع الأردن حول الاشراف على الأماكن المقدسة في القدس، وربما لهذا السبب ولدور الأردن في أزمة الخليج تجاهلت قمة المنامة عام 1994 اتفاق السلام الاردني الاسرائيلي المعقود قبيل القمة. وقد وقفت بعض الدول الخليجية مثل السعودية والكويت والامارات والبحرين عند حد مساندة عملية السلام ودعم الوضع العربي للقدس، وتعليق تطبيع علاقاتها باسرائيل على الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كل الأراضي العربية وإعادة الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، اما قطر وعمان فقد تقدمتا خطوات نحو تطبيع العلاقات مع اسرائيل، وذلك في إطار اتجاههما الى تحيز مواقفهما وسياساتهما عن بقية اعضاء المجلس، فقد التقى وزير خارجية قطر عام 1994 بوزير الخارجية الاسرائيلي خلال دورة الجميعة العامة للأمم المتحدة، كما قطعت قطر واسرائيل شوطا تشير التطورات الأخيرة الى انتكاسته، في مجال التعاون في امدادات الغاز الطبيعي، أما عمان فقد استضافت في ابريل 1994 اجتماعات لجنة المياه ضمن اللجان الخمس في المحادثات العربية الاسرائيلية المتعددة الاطراف، كما زار رابين رئيس وزارء اسرائيل مسقط، وأكد البيان المشترك ان اجتماع رابين - قابوس تم من أجل دفع مسيرة السلام.
|