Tuesday 13th December,200512129العددالثلاثاء 11 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

لما هو آتلما هو آت
الوقت المناسب لحكمة المكان!!
خيريّة إبراهيم السقّاف

كان الرَّحالون مصدر توثيق لأحداث وجغرافيا وطبيعة المناطق والبلدان التي يعبرون بها أو يقصدونها، ولا أحسب أنَّ عين وحس رحَّالة كالذين مضوا يمرَّان بمكَّة المكرَّمة في الأيَّام القليلة الماضية ولا تكون محور أسفار وأسفار ممَّا يرصدون فيكتبون ويدوِّنون ذكرياتهم، ليس لأنَّ مكَّة عاصمة المسلمين وقبلتهم، وليس لأنَّ مكَّة عاصمة الثقافة لهذا العام الهجري والميلادي، وليس لأنَّ مكَّة تتأهَّب لمواكب الحجيج تتقاطر من كلّ فجٍّ عميق، وطريق بعيد، وليس لأنَّ مكَّة موئل القمَّة العربية الإسلامية، وليس لأنَّها البلد الصغير الذي تتاخمه الجبال، وهي وادٍ لم يعد مهجوراً بل مكتظاً حضارة وعمراناً ونظاماً واقتصاداً وهي سوق لكلِّ ما يتمنَّاه إنسان فيجده بوعد الله سبحانه وتعالى مشبعة آمنة...
بل لأنَّ مكَّة كلُّ هذا معاً...
فقد كانت في الأسبوع الماضي (مكَّة) في أبهى نظامها، وأيقظ أمنها، وأشدَّ حركتها، وأفطن أناسها... كانت مكَّة كالبيت حين يؤمُّه الزائرون تتضافر جهود ساكنيه لاستقبالهم والاحتفاء بهم مجنِّدين راحتهم ونومهم وجهدهم ووقتهم، ليكون الضَّيف مسروراً منعماً مخدوماً مرفَّهاً لا يأتيه القلق من بين لمحة ولا أخرى...
مكَّة استوعبت في آن
وفود الدول أعضاء القمة جميعهم...
والإعلاميين من كل مكان...
والمراقبين المتأهبين للإفضاء عمَّا يرون
وإلى جانب هؤلاء الضُّيوف على أعلى مستوى الضِّيافة وافداً ومضيفاً فإنَّ مكَّة كانت جميع مرافقها تحتفي بقداستها وأثرها في مجاليها العديدة عبر الحقب والأزمان ما مضى وما هو قائم وما هو مستشرف للقادم بمناسبة أنَّها عاصمة الثقافة المنتقاة...
وفد لهذه المناسبة مئات على اختلافهم من مؤرِّخين وأدباء مفكِّرين وتربويين وجغرافيين وعلماء وأئمة ومثقفين...
ومكَّة في الآن ذاته قد استوعبت المعتمرين وفئات من الحاجين الذين اعتادوا المجيء إليها قبل الحج بزمن...
كلُّ أولئك وحركة المواصلات فيها لم تفتر ولم ترتبك، والمسارات فيها هادئة يتضافر فيها ابن مكّة والمواطن الزائر كما يتضافر أفراد البيت لراحة ضيوفهم...
كان ذكاء وفطنة لا تخفى على المتمعن ما عنهما من أهداف أن تعقد القمة في مكَّة المكرمة وفي الوقت هذا على وجه التحديد..
لعلَّ أهمَّ هذه الأهداف المنظورة أنَّ مكّة عاصمة الحج والحجيج قادرة على استيعاب أكبر عدد من أهم الشخصيات في أهم الأحداث دون أن يتعارض هذا مع مهام مرافقها وشوارعها ومسؤوليها.. هي صورة ناطقة لقدرة هذا المجتمع أن تكون الكف المنبسطة التي تحتوي قضايا المسلمين والعرب في أضيق وقت وأصغر مكان على أعلى درجات التنظيم والرَّحابة والهدوء والوفاء للموقف بكل أشكاله.
مكَّة كانت رسالة في الأسبوع الماضي تجسدت ليس في تصريحات القائد حفظه الله فقط بل في قراره أن تكون موقع استقبال القمة... والخلوص بقراراتها على شكل من حكمة الموقف في الوقت المناسب من تاريخ الأمة الإسلامية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved