* حوار - فهد الذيابي: شركة محمد سعد الدريس وأولاده المحدودة هي قصة كفاح لإحدى الشركات المحدودة التي استطاعت الصمود على مر السنين عبر قدرات أفراد أدركوا أهمية توالي المراحل وضرورة اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات التي تتطلب ذلك ما يعود بالفائدة والنفع على مستقبل الشركة. الجزيرة التقت بالمهندس عبدالمحسن بن محمد الدريس المدير التنفيذي لهذه الشركة وسألته عن تاريخها وما مرت به من مراحل لتطويرها وكشفه ل(الجزيرة) أن طرح الشركة للاكتتاب كان خياراً استراتيجياً منذ زمن بعيد.. وبعد أن صدرت موافقة معالي وزير التجارة والصناعة بتحويل الشركة إلى شركة مساهمة كان لنا معه هذا الحوار. * كيف تكونت شركة الدريس للبيع والتجزئة في مجال الخدمات البترولية؟ - عندما نعود إلى الوراء فقد بدأ والدي في عام 1920م عندما كان عمره 15 سنة في منطقة الأرطاوية في بيع وشراء الأقمشة وبعض السلع كالقهوة والهيل، وانتقلت تجارته إلى قطاع المواشي والبيع والشراء فيها، ثم نقل البضائع بواسطة الجمال، وكان ينقل البريد من المجمعة الى حفر الباطن مروراً بصحراء النفود، وتطورت التجارة شيئاً فشيئاً ليستبدل الجمال بسيارة في عام 1945م التي كان يتطلب النقل بها وقوداً كان لا يُكرَّر أيضاً في المملكة، وقد كنا نأتي آنذاك بأربعة براميل من الوقود من منطقة جدة، وكان اثنان من هذه البراميل موجودين على الدوام لدينا للتعبئة، أما البرميلان الآخران فكنا ننقلهما الى جدة لتموين البرميلين الآخرين، وكنا نريد من ذلك سداد حاجة السيارة من البنزين، وبعد ذلك وعندما كان الناس يمرون بالأرطاوية كانوا يحتاجون وقودا لسياراتهم، وكنا نعطيهم مما لدينا في البرميلين الممتلئين، فكانوا يشفطون بأفواههم من البرميل إلى الصفيحة ومن الصفيحة الى السيارة، وتطور الأمر عندما أقمنا محطة وقود في بلدة القيصومة ومحطة وقود أخرى في الرياض، وفي عام 1957م غيرنا نشاط بيع وشراء المواد الغذائية الى البيع والشراء في قطع غيار السيارات الذي تطورنا فيه لنحصل عام 1966م على وكالة فرعية لشركة مازدا للسيارات في المنطقة الوسطى، وبدأنا في بيع السيارات إلى جانب نشاطنا السابق. في أواخر السبعينيات الميلادية قمنا بافتتاح مؤسسة لمواد البناء وأنشأنا مؤسسة أيضا لصناعة الزجاج العاذل ليتطور الوضع في منتصف الثمانينيات الميلادية لندخل مجال الزراعة التي كانت في زمن طفرة آنذاك، وقمنا بحد نشاطنا فيها، وفي نفس الوقت كان لنا نشاط في بيع الخردة والسكراب ولم ننس أن نطور في مجال النقليات والمحطات بالتدرج فبخصوص الشركة السعودية الأمريكية التي كنا قد أنشأناها في السبعينيات بشراكة اثنين من رجال الأعمال الأميركان الأول منهم اشترينا حصته في الثمانينيات، والآخر استطعنا شراء حصته في أوائل التسعينيات لنقوم بعد ذلك بتطوير الشركة وزودناها بخطوط لتلوين الزجاج بدلا من استيراد ألوانه، وبدأنا بوضع استراتيجية لتطوير المحطات والنقليات بحيث يكون تطورها مواكبا لكفاءة إدارتها، وكل ذلك كان نتيجة التعاون بين والدي- رحمه الله- الذي حل ورثته شركاء في الشركة بعد وفاته، وإخواني سعد وعبدالله- رحمهما الله- اللذين حل ورثتهما شركاء بعد وفاتهما بالإضافة لي ولأخي حمد- أمد الله في عمره- فقد كنا ومازلنا نستمد القوة من ثقتنا ببعضنا وثقة الجمهور، فالأصل في أي كيان اقتصادي هو القدرة على الإدارة التي تنبع من واقع الثقة المتبادلة بين الشركاء وثقة الناس فيها التي لا تتوفر إلا بتوفر الشرط الأول. وفي التسعينيات عملنا إعادة هيكلة للشركة، وقمنا بفصل بعض القطاعات وكونا منها شركات قائمة بحد ذاتها مثل شركات أبناء محمد السعد الدريس القابضة والمحدودة التي تملك قطاعات المعدات والورش ومصنع الأبواب والدريس لتأجير السيارات وقسم الزراعة وقسم الخردة، وهناك مصنع الزجاج الذي عملنا منه شركة مستقلة بذاتها، وهناك الشركة الأم التي أصبح اسمها شركة الدريس للخدمات البترولية والنقل عام 2003م، وقد كنا نخطط ونتبع استراتيجية من أجل أن تكون هذه القطاعات فاعلة ونطرح 30% من أسهم الشركة للاكتتاب العام. * توسيع قاعدة الملكية من خلال طرح جزء من أسهم الشركة للاكتتاب هو خطوة مهمة لدعم التوسع مستقبلاً في الأسواق الإقليمية فهل للشركة توجه في هذا الشأن خاصة وأن حجم تعاملات الشركة محليا بلغ 240 مليون دولار سنويا؟ - من ناحية التوسع فهو لا شك هدف للشركة ونحن الآن بصدد افتتاح فرع لنا في دولة السودان، وقد قمنا في قسم النقليات بالنقل الى جميع الدول الخليجية وإلى لبنان وسوريا والأردن واليمن، وقد نقلنا إلى العراق سابقا، ونحن نسير بخطوات ولدينا نية مستقبلا بافتتاح فروع رئيسية في هذه الدول وغيرها ولدينا خطط أيضا بأن يكون الزيت باسم الدريس، وكذلك المشتقات البترولية الأخرى وافتتاح أقسام القهوة والكماليات الأخرى في فروع المحطات. * الشركة تستقدم عمالة أجنبية للعمل في مجال الجملة والتجزئة في الخدمات البترولية، ألا تواجه الشركة مشكلة في التعامل مع الاجراءات الجديدة في وزارة العمل؟ - في الحقيقة هذه الإجراءات تؤثر في عرقلة النمو فيجب على وزارة العمل أن تفرق بين الوظائف التي يمكن سعودتها الآن أو التي يمكن سعودتها مستقبلا مثل الخدمات التي يصعب على السعودي امتهانها كالخدمات في محطات البنزين علاوة على أن ربح صاحب المحطة محدود وبالتالي من الصعب أن يعطى السعودي راتبا عاليا في ظل الربح المحدود للمحطات، فالبيع محدد والشراء أيضا محدد. وفي نظري فإن مهنة الخدمة في محطة البنزين لا بأس بها للسعودي إن كان يرضى برواتبها الا أن لدينا في المحطات عمالة سعودية تشرف على الإدارة في كل محطة إلا أن هذا الأمر يحد من توسعنا. * لماذا لا تتيحون كحل لهذه المعضلة التي ذكرتها لصاحب السيارة أن يعبأ الوقود لسيارته بنفسه، كما هو معمول في الدول المتقدمة؟ - هذا الأمر صحيح وقد عملناه منذ مدة طويلة في الثمانينيات الميلادية، ولكن المشلكة تكمن في هروب أصحاب السيارات عند تعبئتهم للوقود، لذلك لا يمكن العمل بهذا الأمر إلا بضوابط كأن يلزم صاحب السيارة عندما يريد الوقود بأن يمر إلى موظف في المحطة، ويعطيه المال قبل التعبئة ليتيح له فرصة التعبئة بقدر مسجل في الجهاز لا يمكن تجاوزه، وفي الحقيقة عندما عملنا بهذه الطريقة في الثمانينيات لم يكن الناس يحبذون هذا الأمر، ومن المحتمل أن تأتي هذه الفكرة مستقبلا إذا تطورت عقول الناس، ومن ناحيتنا فلا مانع من تطبيق هذا الأمر إن التزمت به المحطات البترولية، ونحن نشجع الشباب السعودي ونرحب بإتاحة الفرصة له، فما نعطيه أبناؤنا هو استثمار لهم، بينما ما نعطيه للأجانب هو مستثمر في الخارج لا فائدة لنا منه، والعمالة الأجنبية للحقيقة لا غنى لجميع الشعوب عنها، ففي أي دولة تجد عمالة لدول أخرى، والعكس كذلك، ولو نظرنا للكم الهائل من الأجانب الموجودين في المملكة لما وجدنا منهم في المصانع عدد 300 ألف عامل. وأريد أن أذكر لك مثالا، ففي مصنع الزجاج لدينا هناك سعوديون يعملون لا يكمل بعضهم العمل لمدة أسبوع حتى إنه لا يأتي لأخذ ما يستحقه من مكافأة جراء حضوره أسبوعاً، بينما هناك ندرة من الشباب لدينا ملتزمون بعملهم. * أين ترى المشكلة في تخاذل هؤلاء الشباب؟ - المشكلة في التعليم، فيجب على التعليم أن يكون متفاعلا من البداية مع الشباب، وعليه أن يؤهلهم ويطور عقولهم ويجعلهم مدركين لحياة العمل القادمة فبعض الشباب يرى بأن العمل في بعض المهن عيب لأنه لم يدرك ذلك من خلال التعليم، كما أن مخرجات التعليم المدرسي والجامعي لا تعد الطالب للعمل بعد التخرج، لذا يجب أن يكون هناك تعاون بين القطاع الخاص وبين المؤسسات التعليمية لكي يدركوا احتياجات القطاع الخاص، ومن ثم يضعون الخطط لتأهيل وإعداد الشباب فلدينا أكاديميون على أعلى مستوى جديرون بهذه المهمة، فمن الضرورة أن يكون هناك تواؤم بين معطيات التعليم واحتياجات الأسواق. * الشركة تمتلك 132 محطة منتشرة، وتغطي كافة أرجاء المملكة بمعدل نحو سنوي يصدر بـ33% كم تتوقعون نسبة النمو في المستقبل؟ - ضحك قليلاً وقال: لا أستطيع أن أخبرك بهذا الأمر لأنني محكوم بالعمالة، لكننا نعد عددا من المحطات للتشغيل في المرحلة المقبلة. * ما الذي تمتلكونه معرفيا وتهيئونه لموظفيكم؟ - لدينا في الحقيقة مراكز للتدريب، فالموظفون لدينا ندربهم كما أن لدينا مناهج تعرف الموظف بكيفية مقابلة الزبون والواجبات المترتبة عليه، ونهتم بنظافة مرافق المحطة الأخرى، ولدينا أيضا صناديق للشكاوى وموقع على الانترنت لإبداء الملاحظات. * كيف تنظرون لمستقبل الشركة في ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية؟ - نحن جاهزون لهذه المرحلة ولدينا قدرة إدارية وفنية، ونأخذ في عين الاعتبار قدوم المنافسين الذين لن يؤثروا على استثمارنا، ونحن أيضا أبناء البيئة الذين عاشوها وعلموا ما تحتاج، كما أننا قد قمنا ببناء منشآتنا من الصفر الى أن تكونت- ولله الحمد- عملاقة وباعتقادي فإن استقطاب التقنية واجب في المرحلة المقبلة، كما يجب التركيز على الأبحاث التي تهمشها الشركات الكبرى لدينا. * ما هي خطط الشركة لغزو البلاد الإفريقية؟ - نحن لدينا النية في ذلك، وسنبدأ بالسودان لكونها بلدا شقيقا وواعدا وأهلها اخوان لنا في الدين والعروبة، وهذه عوامل جعلت السودان بيئة خصبة للتوسع والاستثمار ومن السودان سننطلق لكافة الدول الإفريقية. * هل لك أن توضع لنا بعض التفاصيل عن الاكتتاب؟ - ما سيتم طرحه هو مليون ومائتا سهم والذي سيتولى إدارة الاكتتاب هو البنك السعودي البريطاني. * هل سيتبع طرح الشركة للاكتتاب تغيير في شكل الإدارة وشخصياتها؟ - لقد قمنا بإعادة الهيكلة بالشكل المطلوب وقمنا بفصل شركة محمد سعد الدريس عن باقي الشركات وتم إثر ذلك تعيين مجلس إدارة ومدير تنفيذي.
|