Tuesday 13th December,200512129العددالثلاثاء 11 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

أضواءأضواء
الانتخابات العراقية (4 - مواجهة الطائفية)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

لأجل وقف هيمنة الأحزاب الطائفية والعرقية التي تسيطر على العمل السياسي في الساحة العراقية منذ دخول قوات الاحتلال الأمريكي - البريطاني للعراق.. فمنذ تكوين مجلس الحكم العراقي الذي شكَّله الحاكم الأمريكي بريمر، وضح توجُّه قوى الاحتلال إلى اعتماد نظام المحاصصة من خلال اختيار شخصيات اعتماداً على مكانتهم الطائفية والعرقية وزيادة نسبة تمثيل هذه الشخصيات على نسبة الشخصيات السياسية، إذ كان ممثلو الطائفة الشيعية، وممثلو الأكراد جلهم من الرموز التي تدعو إلى تكريس النهج الطائفي والتوجُّه العرقي، وكان لهؤلاء الغلبة والسيطرة حتى بوجود شخصيات سياسية ذات تاريخ حزبي ونضالي مثل إياد علاوي وعدنان الباجه جي وحميد مجيد، مقابل عبد العزيز الحكيم وبحر العلوم وإبراهيم الجعفري ومسعود البرزاني وجلال الطلباني.
وإذ كان تأثير ممثلي التوجُّه الطائفي والعرقي غير مؤثر إبان فترة مجلس الحكم، وفي الحكومة الثانية التي رأسها سياسي ليبرالي، فإن هذا التأثير أصبح مؤثراً.. ومؤثراً جداً في زمن الحكومة الثانية التي يرأسها الدكتور إبراهيم الجعفري - يرأس حزب الدعوة الشيعي -، وهو حزب رغم عراقته، إذ يُعد أقدم الأحزاب الشيعية، إلا أنه أُقيم على أسس طائفية، وتتحدث أدبياته عن الدفاع عن حقوق الشيعة، وكان في عهد نظام صدام حسين رأس الحربة في مواجهة قوات النظام ونفذت عناصره العديد من العمليات ضد قوات الأمن العراقية.
وكان طبيعياً أن يتحالف حزب الدعوة مع نظيره الحزب الشيعي الآخر الذي يرفع نفس الشعارات الطائفية، وهو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي أسسه محمد باقر الحكيم، والذي آلت رئاسته الآن لأخيه عبد العزيز الحكيم، وكوَّن الحزبان قائمة الائتلاف الشيعي الذي انضوى تحته رايته جميع الشخصيات الطائفية والسياسية الشيعية، ولم يتخلَّف من الساسة الشيعة إلا د. إياد علاوي من حزب الوفاق العراقي الذي يضم العناصر القومية ذات التوجُّه العربي وحميد مجيد من الحزب الشيوعي، لتعارض توجُّهات هذين السياسيين مع ما يتبناه الائتلاف الشيعي من شعارات طائفية.
الائتلاف الشيعي حصد في الانتخابات الأولى الأغلبية ومكَّن رموزه من السيطرة على الحكومة وتنفيذ العديد من الخطوات التي عمَّقت وكرَّست إلى حد ما التخندق الطائفي والعرقي من خلال تحالفه مع التكتل الكردي، ومن أهم ما فرضوه وجعلوه واقعاً نظام المحاصصة من خلال تقاسُّم السلطة مع التكتل الكردي وإعطاء نسبة غير موازية لحجم وأعداد السنَّة العرب، مع اختيار توزير من يسير في ركابهم وينفذ مخططاتهم، حتى لو أدى ذلك إلى دك منازل أهل السنَّة العرب فوق رؤوس سكانها، كما هدد وزير الدفاع الذي اختير على أساس مذهبي..!!
الائتلاف الشيعي الذي يشارك في الانتخابات الثانية، خرج منه رموز سياسية وثقافية شيعية، من أمثال أحمد الجلبي وعلي الدباغ، ورغم ذلك إلا أن الائتلاف الشيعي يُنظر إليه على أنه أقوى كتلة انتخابية، رغم ظهور كتلة ليبرالية وقومية قوية تنافسه بقوة برئاسة الدكتور إياد علاوي الذي ضمَّ إلى قائمته الانتخابية (القائمة العراقية الوطنية) حميد مجيد الذي ترشَّح على القائمة مع عدد من رموز الحزب الشيوعي، والدكتور عدنان الباجه جي الذي يسانده الديمقراطيون والليبراليون من السنَّة العرب، إضافة إلى الشيخ غازي الياور الذي سيجلب أصوات العشائر العربية في شمال العراق، ويعتقد أن هذه القائمة ستنافس بقوة قائمة الائتلاف الشيعي، وسيكون رئيس الحكومة القادمة من إحدى هاتين القائمتين، فإذا فازت قائمة الائتلاف الشيعية فإن الأمر سيبقى قريباً مما هو عليه الآن من تكريس للطائفية ونظام المحاصصة، أما إذا فازت القائمة العراقية الوطنية فسيعود الدكتور إياد علاوي ليطبق ما يرفعه من شعارات منها، تقليص النفوذ الطائفي والابتعاد عن نسب المحاصصة قدر المستطاع رغم أنه سيُواجه بمعارضة قوية ومعاكسات من قِبل التكتل الكردي.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved